الوضع المظلم
الجمعة ٢٠ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • عاصفة مصالح مابين النظام وإيران ومجموعة أسد البحار في ميناء اللاذقية والضحية 600 موظف

عاصفة مصالح مابين النظام وإيران ومجموعة أسد البحار في ميناء اللاذقية والضحية 600 موظف
جاك سعادة

أدون عيسى ـ صحيفة ليفانت




بقرار وصفه شارع الأعمال البحرية في مدينة اللاذقية بالجائر، تم طرد 600 موظف باختصاصات مختلفة (محاسبين ـ مهندسين ـ فنيين ـ سائقين) من محطة حاويات اللاذقية الدولية CGM /CMA تاركاً القرار الذي صدر بتاريخ 2 أيلول/سبتمبر مئات العائلات دون معيل في ظل ظروف اقتصادية سيئة للغاية تسيطر على المشهد العام في البلاد.




عقد محطة الحاويات

شهد شهر تشرين الأول/أكتوبرعام 2009 بداية شراكة بعقد مدته 15 عام قابلة للتجديد 5 أعوام ما بين القطاع الخاص متمثلاً بمجموعة CMA/CGM والقطاع العام متمثلاً بشركة مرفأ اللاذقية في حكومة النظام السوري بما يخص إنشاء هذه المحطة، وبعد توقيع العقود بدأت إدارتها من قبل ائتلاف مجموعة CGM/CMA الناقل البحري الدولي العامل في مجال نقل الحاويات وتشغيل محطاتها، وسوريا القابضة وهي شركة تطوير استثمارات في السوق السورية، وتعمل المحطة على تفريغ وشحن الحاويان من وإلى السفن وتسيير عمليات الاستيراد والتصدير، ويحقق عقد الشراكة عائد ربحي للقطاع العام بنسبة 61,055% بحسب أرقام صرّحت عنها عام 2016 محطة حاويات اللاذقية ،كما صرّحت المحطة عن أرقام المبالغ الصافية التي حصلت عليها حكومة النظام منذ توقيع العقد عام 2009 حتى عام 2016 فوصلت إلى 26,5 مليار ليرة سورية و 34,5 مليون دولار إضافة لمبلغ 4،23 مليون دولار تم سدادها للقطاع الحكومي كتعويض عن تراجع عدد الحاويات عما كان متفق عليه ببنود العقد.




كسر عظم ضحيته 600 موظف


غيث وهو موظف في المحطة منذ عام 2011 وهو من الموظفين المسرّحين قال: "صباح يوم عادي مطلع شهر أيلول/سبتمبر تحول إلى جحيم حين تم تعميم القرار علينا ناهيين خدماتنا بشطبة قلم رغم ملايين الدولارات التي تقول المحطة بأنها تحققها من الأرباح، ونحن نعلم هدف إدارة المحطة قيامها من خلال طردنا بعملية ضغط على حكومة النظام لتيسير بنود اتفاقية جديدة لتمديد عقد المحطة دون الإهتمام بزج مئات العائلات في لعبة كسر عظم ما بين المحطة والحكومة نحن ضحيتها".




ويؤكد سليمان موظف أخر: "القرار كان مفاجئاً للغاية وعلى ما يبدو تريد المحطة إيصال رسالة لحكومة النظام بترك 600 عاطل عن العمل مع عائلاتهم في مهب الريح"، متسائلاً: "أين نقابات الحكومة التي تحمي منتسبيها؟ وهل عملنا ضمن القطاع الخاص يجعلنا عرضة للطرد ونحن نعمل على أراضي بلدنا ومدينتنا!!، لسنا عاملين في دولة أجنبية أو خليجية لنطرد بهذه الطريقة".


 

ملكية الشركة

رحل "جاك سعادة" صديق الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك عام 2018 تاركاً امبراطورية بحرية لثلاثة أبناء وثروة تقدر بستة مليارات يورو، "سعادة" حامل الجنسيتين اللبنانية والفرنسية والمنحدر من مدينة اللاذقية السورية أسس في لبنان ما أسماه "شركة الشحن البحري" التي أصبح أسمها فيما بعد CMA، وحولها إلى شركة حاويات عالمية، ومع ازدهار أعماله اشترى من الحكومة الفرنسية عام 1996 الشركة البحرية العامة CGM لتتحول مع شركته السابقة إلى امبراطورية بحرية داخل هذا القطاع، وتستثمر مجموعته اليوم في 20 مرفأ حول العالم أخرها كان ميناء مالطا حيث جهزته مجموعة سعادة بأحدث التقنيات بعقد يستمر لمدة 65 عام مع أسطول وصل إلى 400 سفينة، وتعتبر شركة CMA الثالثة على مستوى العالم في قطاع الأعمال البحرية، وتحقق سنوياً 10 مليار دولار مع شركة CGM، وتملك المجموعة شركة "رايلي" التي تعمل في قطاع النقل عبر السكك الحديدية، إضافة لشركة سفن في المغرب تنقل الركاب إلى جميع أنحاء أوربا ،ويعمل في مجموعة "سعادة" جيش من الموظفين بلغ عددهم 16 ألف موظف و15 ألف عامل في المرافئ البحرية .




أسد البحار يأكل أبنائه

وصفت صحيفة لوفيغارو الفرنسية "جاك سعادة" بأسد البحار الذي عبّر عن سعادته قبل وفاته حين أبلغته حكومة النظام عام 2008 بأن صفقة عقد مرفأ اللاذقية قد رست على شواطئ امبراطوريته فصرّح سعادة: "من الرائع أن يعود الشخص إلى بلده بعمل كبير وناجح"، لكن ورثة أسد البحار يرمون اليوم خارج أسوار مجموعتهم الرائدة رغم مليارات الأرباح 600 موظف سوري في ظروف قاسية تاركة عائلاتهم في مهب ريح الحاجة ،وهموماً عبر عنها الحاج "أبو تامر" من سكان مدينة اللاذقية ويعمل في مرفئها منذ 50 عاماً وهو الراوي المشهور لقصص البحر والمرفأ فدائماً ما يتحدث عن عائلة سعادة وكيف كانوا جيراناً لعائلته وعن معرفته شخصياً "بجاك سعادة" الرجل الحاد الذكاء منذ طفولته، فقال بلغة أهل اللاذقية المحببة مشيراً إلى أبناء سعادة: "هالشباب بعد ماراح أبوون ضيعو البوصلة بالمحطة... ماحرام عليهن 600 عامل يكشوهون... شو دخلن هالمعترين بمشاكلن مع الحكومة".




الحكومة طرف متأمر

مقاييس الربح والخسارة هي من تحكم سوق المال والأعمال، وإبقاء الكوادر أو الاستغناء عنها، ووزارة النقل في حكومة النظام السوري نفسها أعلنت بتقاريرها بأن عام 2018 ورغم الحصار الإقتصادي على البلاد كان مُربحاً للمرفأ بإيرادات وصلت إلى 23 مليار ليرة سورية منها 18 مليار ليرة سورية حققتها محطة الحاويات لوحدها، حيث ورد إلى المحطة 232 حاوية على متن 520 باخرة أمت المرفأ حاملة 4100 طن من البضائع .

همساً يتساءل الموظفون الذين تم طردهم مطلع شهر سبتمبر لماذا لم تحمينا الحكومة ولم تجد البديل منذ أشهر حين فكروا بعدم تمديد العقد مع شركة الحاويات قبل أن نتحول إلى مكسر العصا، ومن المستفيد من عدم التمديد لشركة تحقق الأرباح للحكومة؟، ولمعرفتهم بما يجري داخل المرافئ لم يعفي هؤلاء حكومة النظام من تهمة التأمر مع المشاريع الإيرانية والروسية التي تتقاسم المرافئ السورية بشروط مجحفة، وعلى ما يبدو صدر أمر روسي أو ايراني بطرد مجموعة جاك سعادة خارج البلاد.




مزايا قبل الطرد

مزايا عديدة للإتفاق الموقع مع شركة الحاويات الدولية ذكرها في حينها عام 2008 مدير سابق للمرفأ هو "سليمان بالوش" وتغنى بها مدراء لاحقون للمرفأ أخرهم "أمجد سليمان" أهمها ضمان حقوق الموظفين في شركة الحاويات الدولية، وعدم الإستغناء عن أي منهم ضمن بنود العقد، من جهتها حاولت مجموعة "جاك سعادة" كسب ود العاملين حين أعلنت عن أرباح ونجاحات حققتها عام 2018 فمنحت زيادة على الرواتب وصلت إلى 10% ، ومنح جميع العاملين راتب كامل مكافئة سنوية، وشملت جميع العاملين صحياً بالتأمين على الحياة والعجز إضافة الى مزايا قانون التأمينات الاجتماعية، رغم ذلك تحول ال600 موظف إلى أداة ضغط تريد مجموعة جاك سعادة من خلالها تمديد العقد مع حكومة رفعت المنديل الأبيض للرغبات الإيرانية والروسية التي تتوغل أكثر فأكثر بقطاعات حكومية مختلفة أهمها الإقتصاد، والمرافئ جزء من صفقة ـ منعنا سقوط بشارالأسد ـ والديون التي ترتبت عليه للدول التي تتنافس على اقتسام الموارد في البلاد.




تايمز: إيران تريد ميناء اللاذقية

على خط مواز نشرت صحيفة تايمز البريطانية تقريراً بعنوان (طهران تنظر إلى ميناء اللاذقية كمدخل للبحر المتوسط) تحدثت فيه عن إمكانية نقل إدارة ميناء الحاويات في اللاذقية لإدارة إيرانية في بداية تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وذكر التقرير الرغبة الإيرانية الكبيرة بالسيطرة على أهم مرفأ تجاري في سوريا لاقتسام حصة دسمة من الكعكة السورية .

إيران اليوم تريد من النظام السوري تعويضاً عن تقديم ميزات كبيرة وكثيرة ومتنوعة لروسيا وتجد بمرفأ اللاذقية غنيمة كبيرة قريبة من قاعدة حميميم الروسية ومنفذاً بحرياً مهماً على جميع الصعد اقتصاديا وعسكرياً خاصة بظل سيطرة جزئية لروسيا على المرفأ.

بين صراعات دولية كبرى، وديكتاتور مستعد لمنح سورية كاملة لمن يبقيه على رأس السلطة تضيع حقوق 600 عامل سوري لن يعتبرهم النظام سوى أضحية صغيرة أمام ملايين الضحايا والمهجرين الذين خسرتهم البلاد


 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!