الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
عودة العبادي إلى رئاسة الحكومة.. صرح من خيال
 صبحي ساله يي

خلال عهدي السيد نوري المالكي، اختلطت تجربة العمل السياسي بالفساد والفشل، وتم افتقاد الرؤية لتجاوز التحديات والتركة الثقلية وانطباعات المرحلة السابقة، وفي تحديد المسارات والمنطلقات والأولويات والمسؤوليات الوطنية والأخلاقية.

وساهمت النعرات المذهبية والطائفية والشوفينية والتصريحات التصعيدية بالتدريج في تفاقم الخلافات بين العراقيين، ووصلت إلى مرحلة التشنج والإصرار على الأخطاء الفظيعة التي كانت سبباً مباشراً للفشل الحكومي وتصاعد أعمال العنف والإرهاب والحرب الأهلية الطائفية والتطهير العرقي والمجازر والاغتيالات والتفجيرات وانتشار فرق الموت والتعذيب والبطالة والتهجير وهدم البيوت والمباني وفقدان البنى التحتية وتهريب السجناء المجرمين وتبديد الثروات وتوقيع العقود الفاسدة والصفقات الوهمية، وعندما وضعوه في عزلة وأرغموه على ترك رئاسة الوزراء، ظهر السيد حيدر العبادي على الساحة، وعوضاً عن معالجة أخطاء سلفه، ساهم بنرجسيته وأنفاسه المتعبة بفاعلية في استمرار الخراب ونشر الفوضى والتخلف ومظاهر الفساد في البلاد وفي تناسل الأزمات، وكانت لكل أزمة ارتباط بسابقاتها وأسوأ منها، وظهر معه أناس يتلاعبون على حبل المزايدات الرخيصة ومواصلة إثارة الفتن ونشر الخراب والتمزيق، وفي عهده تجرّع العراقيون كأس المرارة وتلقّوا كيلاً من الضربات المؤلمة التي لا يمكن نسيانها.

عندما خرجت الجماهير الشعبية لتقول بصوت عالٍ: إنّ العمل السياسي والحكومي والإداري والقانوني في البلاد خلال السنوات الماضية كان مخيباً للآمال ومرتبطاً بالغدر والخديعة، تم في تشرين أول الماضي إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة التي أزاحت البعض وعاقبت البعض الآخر، والسيد العبادي واحد من المعاقبين، وواحد من الغاضبين من الهزيمة التي لحقت به في تلك الانتخابات التي لم تمنح تحالفه أكثر من مقعدين.

هذا الغاضب من رؤية صورته المهتزّة وشعبيته الضعيفة، والغاضب أيضاً من الكورد الذين لقنوه دروساً لا تنسى، وأضاقوا عليه درب العودة لولاية ثانية، بعد انتخابات 2018، رغم المحاولات الأمريكية والبريطانية، والغاضب من (استقبال الشفقة) عليه في أربيل، بعد ثلاث سنوات من التوسل والاستجداء وإرسال العشرات من الرسائل، والقلق على إخراجه من المعادلة السياسية، والخائف من إخضاعه للمساءلة والمحاكمة والمعاقبة. يبدو أنه لم يتعلم أي درس من الذين سبقوه، وما زال يلهث وراء الأوهام ويحلم بالعودة إلى السلطة التي ألهمته الغرور والتهور والتعالي الخادع، ويتناسى أن في عهده السيء الصيت، أكمل تنظيم داعش السيطرة على ثلث العراق عندما اجتاح الأنبار والكثير من المناطق القريبة من بغداد، وفي عهده وقف عشرات الآلاف من العرب السنة من أهالي المناطق الغربية على الطرف الآخر لجسر بزيبز ولم يسمح لهم بدخول بغداد.

ويتناسى معاناة أبناء المحافظات الجنوبية، وبالذات البصرة الفيحاء، من العطش وانعدام الكهرباء والخدمات الصحية والتربوية. ويلجأ الى الفضائيات ومواقع التواصل الإجتماعي وأصحاب الأقلام الرخيصة والأصوات المهترئة لطرح اسمه مع أسماء المرشحين المحتملين لتولي رئاسة الحكومة المقبلة. وينسى أو يتناسى بأنه لم يعد يمثل شيئاً بالنسبة للشيعة أو السنة أو الكورد، وبأن عودته إلى رئاسة الوزراء، بمقعدين محروقين لا يسمنان ولا يغنيان من جوع أو بذكر اسمه هنا وهناك، صرح من خيال.

 

ليفانت - صبحي ساله يي

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!