-
فكر الإرهاب والرعب والموت.. صنيعة ملالي طهران وعصاباتهم
يعيد التاريخ نفسه ويتمسك الجاني بطبعه ويصرّ على خطايا قد صورها ويصورها حسب ما يرسمه ويريده.
مرعبة تلك الأخبار التي نتلقاها ونطالعها هنا وهناك عن الانتفاضة الإيرانية وما يجري للثوار من فرط فظاعة تلك الأخبار لا يمكن تجاهلها أو غض النظر عنها أو عدم التفكير بشأنها فقتل فتاة وتحطيم رأسها ووضعها في مشرحة كجثة مجهولة الهوية أمر بشع، خاصة إن كان الجلاد هو المشرع والشرطي والقاضي والدولة، وإلقاء فتاة هاربة من رعب الأحداث تبحث عن ملجأ آمن من الأعلى على حديد البناء الذي اخترق جسدها أمر مريع، وقتل طبيبة بريئة وتحطيم وجهها وكسر ذراعها وقلع عينها وإلقائها في المشرحة وصياغة شهادة وفاتها حسب الطلب، وقتل فتاة أخرى وإلقائها بالشارع حليقة الرأس، وغيرها من الجرائم المشابهة التي لا حصر لها ولا عد، صور مرعبة لا تحتملها النفس البشرية السوية، من هي تلك النفس البشرية التي تحتمل فعل تلك الجرائم، وهل يمكن لدولة مؤسسات وقيم أن تقوم مؤسساتها أو أفرادها بارتكاب هكذا جرائم لا تنم إلا عن جبن وغدر ووحشية وهمجية؟
تابعنا عن بعد جعرافي وعن قرب روحي لأن أرواحنا مع الشعب المناضل الحر، تابعنا تلك الجرائم المبررة بعدة عبارات غير مقبولة، خاصة إذا كان التبرير من جهات تدّعي أنها تابعة لدولة حقيقية، وتأملنا كبشر وتأذت أرواحنا ولم نجد سوى التعاطف مع الضحايا وذويهم، فبالتالي نحن بشر ولنا أحبة لا نقبل بالظلم لهم، وبالوقت الذي كنا نبحث فيه عن أجوبة عن تلك الجرائم ومسبباتها ونوعية منفذيها تعيدنا الذاكرة إلى مشهدين تاريخيين، أولهما تعرض مدينة بغداد وغيرها من المدن التي دخلها التتار والمغول إلى جرائم مماثلة تلك التي نراها اليوم لكن بغداد كانت أكثر عرضة لمشاهد أكثر رعباً وألماً بصفتها عاصمة الخلافة آنذلك.
والمشهد الثاني وهو الأقرب شبهاً للجرائم التي يتعرض لها الثوار في إيران، مشاهد الجرائم التي حدثت في بغداد من الفترة ما بين سنة 2003 حتى سنة 2014 وما زالت آثاراها ونمطيتها مستمرة حتى اليوم إذ شاهدنا وطالعنا أخباراً عن جثث قتلى ملقاة على الأرصفة وفي مكبات القمامة مقطعي الأيدي والأرجل أو جبينهم مثقوب بآلة ميكانيكية أو مقطعي الأوصال ومهشمة رؤوسهم وقد تم التنكيل والتمثيل بهم، وعندما نعرض الصورتين، صورة ما جرى في بغداد وما يجري اليوم في إيران على الذاكرة البشرية الطبيعية لفهمها وتحليلها ستفيد الذاكرة بأن النمطية الإجرامية واحدة وأنه قد يكون هناك ربط بين الجناة، سواء أن يكون الجاني واحداً أو أن كليهما يعود لمدرسة وحدة، وأن هذه الجرائم تبيض وجه التتار والمغول الذين لم يكونوا على ملة الإسلام يوم ارتكابهم لجرائمهم التي لم ينسها التاريخ وكذلك لن ينسى ما حدث من جرائم مماثلة في العراق وإيران على يد مدّعين بالإسلام والإسلام الذي يحرم قطع الشجرة بريء من هذه الهمجية.
صورة أخرى في الذاكرة تناصر محسن شكاري ومجيد رضا رهنورد في محاولات يائسة تحاول سلطات النظام الإيراني التشبث بحبال سلطته المتآكلة التي لم يبقَ لها من العمر الكثير أن تثير وتبث الرعب والخوف في قلوب وعقول المواطنين في مسعى منها لكبح جماح الانتفاضة والقضاء عليها من خلال حملات الإعدام التي تنفذ بحق الثوار الإيرانيين بعد أن فشلت تلك السلطات في تشويهها بشتى الأوصاف والنعوت، ومن الشباب الثوار الذين أعدمتهم سلطات النظام الإيراني الشابين (محسن شكاري) و(مجيد رضا رهنورد).
وهنا يمكن القول بأن سرعة تنفيذ أحكام إعدام المتظاهرين (محسن شكاري، ومجيد رضا رهنورد) هما عملان خارج القوانين والأعراف الدولية وخارج شرع الإسلام إذ لا ينطق عيهما حد الحِرابة وهو حد ذو شروط صعبة لا يمكن توفرها في زماننا هذا على الإطلاق، هذا بالإضافة إلى المتظاهرين من كافة فئات وطبقات ومكونات يرفضون النظام كلياً رفضاً قاطعاً، وهذا يعني أن خروج المتظاهرين مشروع ومطالبهم وحقوقهم مطالب أساسية مشروعة وفقاً لكل الشرائع، أما محاكمة الشاب الثائر مجيد رضا رهنورد فقد مؤلمة جداً إذ تلاعب جلاوزة النظام بعاطفة والدته وعائلته، ولكن الحقيقة هي أن نفس الأحكام ونفس النمطية الإجرامية التي تمت ممارستها سنة 1988 تحت تهمة الحرابة أيضا تمت بحق سجناء كانوا قد أنهوا مدة أحكامهم وفي عداد المُفرج عنهم، ولقد عجل النظام بعمليات الإعدام كرسالة سريعة لبثّ الرعب في أوساط الشعب ولكن ما تزال الانتفاضة مستمرة، ولا نعلم كيف تُقام حدود الله في الأبرياء على يد لا علاقة له بالشرع إلا من باب الادعاء.
هذا هو الحال في إيران.. جرائم تستند إلى فكر إرهابي مرعب ومتأصل في جسد النظام وهذا هو الحال في البلدان العربية المهيمن عليها، العراق - سوريا - لبنان - اليمن.. ولكن لا يمكن أبداً لطغيانه أن يحميه بل سيقرب من نهايته والتي باتت وشيكه بإذن الله.
أحمد المسيبلي
حول الكاتب
- أحمد المسيبلي
- مستشار وزير الإعلام اليمني
لمحة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!