الوضع المظلم
الجمعة ٢٠ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
في ضرورات تحالف المطالبين بالعدالة مقابل التشبيح
هنادي زحلوط

لم تصدمني رؤية فصائل بكاملها كانت تابعة لجيش الإسلام, تظهر بقدرة قادر في بلدة رأس العين السورية, وقد كوّن أذيال جيش الاسلام جزءاً لا بأس به مما أسماه الاحتلال التركي "الجيش الوطني السوري" واستخدموه في احتلال الجزيرة السورية وإذلال مواطنيها عرباً وكرداً وسرياناً.




ولم أفاجأ بحجم التشبيح الذي يمارسه هؤلاء وقد أذلوا واستباحوا كلا ًمن عفرين والغوطة من قبلها, وهم اليوم يعيدون أمجاد تشبيح دوما في رأس العين وسواها من المدن المذبوحة في شمال سوريا.

لم ينسى أهل دوما بعد ترهيب جيش الإسلام ولم ينسوا الاستعراضات العسكرية والانفاق التي مولت من دماء أطفال ونساء ورجال الغوطة في الوقت الذي كانت فيه الغوطة تنزف وتمرض دون دواء, وتقاسي الجوع دون أن تجد من يساندها.

شيئاً فشيئاً تكشف التقارير فساد قيادات جيش الإسلام الذين حكموا فعلياً الغوطة وحصّلوا أتاوات عن كل بضاعة ودواء وحجر وبشر يدخل أو يخرج من الغوطة، لم يكونوا فصائل أو جيشاً حرا بقدر ما كانوا تجاراً ومرتزقة باعوا واشتروا بدم الناس المحاصرين.




هنالك مليارات قبضتها قيادات جيش الإسلام في تسويات الغوطة، من قبل الدول الكبرى التي باعت واشترت وما تزال في دم السوريين وأرضهم، المليارات توزعت بحسب ثقل المنصب في العصابة المسماة جيش الإسلام, وبعد استباحة الغوطة وتسليمها بعام واحد كانت تلك القيادات تقوم برحلة سفاري في تركيا، حيث استقروا وهرّبوا أموالهم واشتروا قصوراً ومطاعم، وهاهم يرسلون رجالهم اليوم صغاراً مدللين برعاية التركي ليستبيحوا الجزيرة بينما يؤمن لهم الجيش التركي الحماية.




لم يكن الارتزاق أخطر ما قام به جيش الإسلام, بل أن في تاريخه ما هو أكثر اجراماً، ومنها جريمة اختطاف أحبتنا رزان وسميرة ووائل وناظم، هؤلاء الذي ينكر جيش الإسلام خطفهم كأي عصابة خارجة على القانون، لهؤلاء الأربعة تاريخ مشرّف في ثورة العزة والكرامة وما قبلها، ولهم أهل وأحبة سيبقون يطالبون بهم وبالعدالة من المجرمين الذين اختطفوهم.




يعلم العالم كله ما فعل هؤلاء في عفرين وزيتونها، لم يكن بوسع المرتزقة إلا أن يكملوا سجلهم الإجرامي وكل من سمح لنفسه باحتلال منزل في عفرين أو أكل من موسم زيتون طرد زارعوه منه هو شريك في هذه الجريمة، ولا يجب أن يرتاح ضميره قبل احلال العدالة.




العدالة اليوم في سوريا لم تعد مجرد مطلب شعاراتي، بل باتت ضرورة أكثر من أي وقت مضى، العدالة من الجيش الوطني السوري، ومن قسد التي سجل بحقها انتهاكات بحق عرب وأكراد وسريان، العدالة من جيش الإسلام, والنصرة، ومن داعش، العدالة التي نريدها من أجل أن يصبح العيش ممكناً بيننا كسوريين ونستطيع أن نسامح ونعيش في بلد واحد، أن نعود سوريين قبل أي انتماء آخر وهو ما أصبح اليوم ضرورة، لاستعادة هويتنا قبل إعادة التفكير باستعادة زمام المبادرة إن كنا نفكر في استعادة الأرض.




ضرورة أخرى لا تقل أهمية هي الإعلام الحر، الإعلام المتيقظ الذي ينبه للانتهاكات ويشير لها بضمير لا يضيع البوصلة مؤسسات وشخصيات إعلامية طأطأت للغزو التركي وغضت الطرف عن انتهاكات جيشه "الوطني"، هو الذي لا يمتلك من الوطنية إلا بمقدار ما يمتلك النظام القابع في دمشق.




تحالف أصبح ضرورياً من كل الشخصيات الوطنية لتواجه المرحلة المقبلة، من غزو وتثبيت لحكم الأسد، تحالف يكون شعاره العدالة في وجه كل هذا التشبيح.




اذ يبدو أن المصالح المشتركة ستجعل شبيحة كل الفصائل والأنظمة تتحد، مقابل شخصيات وأصوات تغرد منفردة، مطالبة بالعدالة!


كاتبة وصحفية سورية

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!