-
قتل النساء واغتيال السفراء.. أسلوب إيراني (قديم_جديد) للانتقام
لا يبدو أنّ السلطات الحاكمة في طهران، والتي تستخدم السلطة منذ العام 1979، كأداة لنشر التطرّف في المنطقة من منطلق طائفي، قادرة على التخلّص من ثاراتها التاريخية أو الحديثة، والتي تختلقها لنفسها في سبيل إيجاد عدو افتراضي تُرهب به الإيرانيين، أو تقمع تحت يافطة حماية “الثورة” ومُحاربة المتآمرين عليها، كُل من تسوّل له نفسه مواجهتها في الداخل. قتل النساء
في حين تلجأ طهران أو تسعى إلى استخدام أسلوب آخر مع الخارج، قائم على إرسال الرسائل المُبطنة، عبر أدوات وأذرع طويلة، تثبت في كل وقت ضرورة بترها، لحماية العالم من شرورها.
الانتقام لسليماني
فمنذ أن تمكّنت واشنطن من اغتيال “قاسم سليماني” قائد “فيلق القدس” المنضوي ضمن الحرس الثوري الإيراني، بغارة على مطار بغداد، في الثالث من شهر يناير الماضي، وطهران تبحث عما يشفي لها غليلها، إذ مثل اغتيال سليماني “القشّة” التي قصمت ظهر البعير، بذلك الاغتيال المفاجئ، والذي أتى كحمم بركان على أنصار “ولاية الفقيه” وأذرعه في المنطقة.
ولأنّ الضربات الصاروخيّة التي طالت مواقع أمريكية في العراق عقب أيام معدودة من الاغتيال لما تكن إلا ذرّاً للرماد في العيون، بقيت طهران لاهثة خلف الانتقام المزعوم، وفي الصدد، قال موقع “بوليتيكو” الأمريكي في تقرير له، في الرابع عشر من سبتمبر الجاري، أنّ واشنطن تتهم طهران بالتخطيط لاغتيال السفيرة الأمريكية في جنوب أفريقيا، تعقيباً على مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني. قتل النساء
وأورد الموقع عن مسؤول حكومي أمريكي مُطلع على القضية، وآخر اطّلع على تقارير استخباراتية، أنّ المخابرات الأمريكية علمت بالتهديد الذي تتعرّض له السفيرة لانا ماركس (66 عاماً) منذ الربيع، بيد أنّه في الأسابيع القليلة الماضية، ومع تكشّف معلومات أكثر تحديداً حول الهجوم المحتمل، يظنّ مسؤولون أمريكيون أنّ السفارة الإيرانية في جنوب أفريقيا قد تكون متورّطة في مؤامرة التخطيط لقتل السفيرة.
ووفق مصادر “بوليتيكو”، فإنّ المخابرات الأمريكية لا تعرف بالتحديد أسباب استهداف لانا ماركس، بيد أنّ التفسير الأقرب يكمن في أنّها تربطها علاقات ودّ وصداقة طويلة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي عينها في منصبها الحالي في أكتوبر الماضي، ولفتت المصادر إلى أنّ اغتيال السفيرة ماركس، ليس إلا أحد الخيارات المتاحة للرد الإيراني على مقتل سليماني.
ترامب يستشيط غضباً
تلك المعلومات جعلت ترامب يستشيط غضباً، حيث نبّه الرئيس الأمريكي من أنّ أي هجوم تشنّه إيران، على بلاده سيواجه برد “أقوى بألف مرة”، مغرّداً عبر تويتر: “وفقاً لتقارير صحفية تخطّط إيران ربما لعملية اغتيال أو هجوم ضد الولايات المتحدة انتقاماً لمقتل القائد الإرهابي قاسم سليماني..”، وأردف: “أيّ هجوم من جانب طهران بأي شكل من الأشكال على الولايات المتحدة، سيواجه بهجوم أكبر بألف مرة على إيران”. قتل النساء
تهديدٌ دفع وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، للرد، مُغرداً هو الآخر عبر “تويتر” بالقول: “حان وقت اليقظة”، وكتب ظريف، أن “الكذاب المقرّب من ترامب ضلل الرئيس بتحذيرات كاذبة ليدفعه إلى اغتيال العدو الأول لداعش (سليماني)”.
وتابع قائلاً: “إنّ الكذاب ما زال يحاول ليتمكن من خلال تحذيرات كاذبة جديدة من خداع ترامب وجرّه إلى أم المهالك”، ووفق ظريف فإنّ “مصادر بوليتيكو هم مسؤولون أمريكيون، ومصادر ترامب تقارير صحفية”.
استعطاف من طرف
تلك اليقظة والتنبه التي دعا إليها ظريف، كشفت بلا شك مخاوف طهران من هجوم أمريكي جديد، لا سيما عندما أرسل المندوب الإيراني الدائم في الأمم المتحدة، مجيد تخت روانجي، في السادس عشر من سبتمبر، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، اعترض عبرها على تهديدات الرئيس الأمريكي، منبهاً من “مغبة أي مغامرة أمريكية”، ومعتبراً التهديد الصادر عن ترامب “انتهاكاً لمبادئ ميثاق منظمة الأمم المتحدة ومنها المادة 2، التي تمنع صراحة التهديد أو استخدام القوة”.
كما طالب روانجي مجلس الأمن الدولي بإرغام “أمريكا على إنهاء تهديداتها وسائر إجراءاتها اللاقانونية وسياساتها غير المسؤولة”، متابعاً بأنّ الولايات المتحدة “ستكون مسؤولة إزاء أي مغامرة محتملة ضد إيران”، مدّعياً أنّ بلاده “سوف لن تتردد لحظة واحدة في الدفاع المشروع عن شعبها وأرضها ومصالحها”.
وتهديد من آخر
في حين انطلق اللواء حسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني من منطق العين بالعين، مهدداً ومتوعداً، في التاسع عشر من سبتمبر، بالقول إنّ “الرئيس الأمريكي اعتقد أننا سنغتال سفيره بجنوب أفريقيا مقابل اغتيال قاسم سليماني، لكننا نقول له إنّنا سنستهدف كل من كان له دور بالاغتيال”، وأردف أنّ بلاده “ترصد مصالح الأعداء في كل مكان وستكون هدفاً لقوتنا إن لزم الأمر”، وتابع: “على الأمريكيين أن يعلموا أنّنا سنضرب كل من كان له دور في اغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني”. قتل النساء
وأضاف: “أقول لترامب إنّ انتقامنا لقاسم سليماني أمر حتمي وواقعي، سننتقم لقاسم سليماني برجولة وشرف وعدل، وهذه رسالة جدية” (على حدّ وصفه)، لكن دون أن يدرك المتابعون أين تكمن الرجولة والشرف في استهداف سفيرة تعمل على بعد آلاف الكيلو مترات من مكان اغتيال سليماني، متجاهلاً أنّ ذلك الفعل سيؤدّي حتماً لاندلاع حرب حقيقة بين الجانبين، إذ سيمنح الاغتيال (فيما لو كان قد حدث)، الشرعية الكاملة للولايات المتحدة لشنّ هجوم شامل على الأراضي الإيرانية، التي تعاني اساساً من تبعات “الحرب الاقتصادية الأمريكية” ضدها، تحت خانة العقوبات بسبب برنامجها النووي.
وإن كان قد عرف عن إيران إعدامها المعارضين في الداخل، وتنفيذ عمليات الاغتيال في الخارج، خاصة على الساحة الأوروبية بحق معارضيها، فيبدو أنّها ترغب في توسيع دائرة “الجرائم” التي تقف خلفها، على شاكلة تفجير السفارة الأمريكية في بيروت في أبريل العام 1983، والتي تسببت بمقتل 63 شخصاً في السفارة، إبان الحرب الأهلية اللبنانية، إذ اتّهمت واشنطن حينها، ذراع إيران المتمثل بمليشيا “حزب الله” بالوقوف وراء التفجير، وهو ما يبدو أنّ طهران باتت ترغب في تنفيذه بنفسها، بعد أن كانت تستخدم عادة أدواتها في تنفيذها.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!