الوضع المظلم
السبت ٠٩ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
كوالالمبور ... بين القمة والقاع
عبدالعزيز مطر

الشعارات البرّاقة التي أطلقتها الجهات الداعية لقمة كوالالمبور عن تطوير الإمكانيات والنهوض بمقدرات البلدان الاسلامية، سرعان ماخفت وهجهها وتكشفت حقيقة الدعوة الهدامة لأي عمل جماعي إسلامي

وجاءت تلك القمة لتكون بمثابة إنقلاب على مؤسسة عريقة تضم معظم البلدان الإسلامية وهي منظمة التعاون الاسلامي، التي دأبت بقياداتها المتعاقبه على محاولة النهوض بالدول الأعضاء فيها والشرح الصحيح لمفهوم الدين الإسلامي لكل العالم، وتعزيز مبدأ حوار الأديان الذي يسعى لرقي البشريه جمعاء وابتعادها عن الخوض في تجارب صراع فكري يؤدي لتفسخ النسيج الاجتماعي في دول العالم،


فما هي الرسالة التي توجهها تلك القمة لدول العالم ولدول منظمة التعاون الإسلامي؟ هي رسالة واحدة ،لامكان ولادور لتلك المنظمة إن لم تكن مؤسسة من مؤسسات الإسلام السياسي الذي يعاود فشله كل يوم، وحلف القاع الذي دعا لهذه القمة مستغلاً الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة، وعلى وقع الفشل الذريع التي تعانيه حركات الإسلام السياسي على كافة الأصعدة الإجتماعيه والثقافية والسياسية،لم يكن الغاية منه تحقيق أي مكاسب سياسية أو اقتصاديه أو عسكرية بقدر ماكان إنتقاماً ومناكفة سياسية لمحور يدعو إلى وحدة الصف الإسلامي والتعايش السلمي في منطقة تشهد الكثير من الاختلالات على كافة الأصعده.


في الأعراف الدبلوماسيه تكون الغاية عادة من اللقاءات ذات المستوى القيادي الرفيع هي عقد صفقات اقتصاديه أو سياسية أو حتى عسكرية، فما الغاية من الجلوس مع قاتل؟ وداعم للقتلة؟ وداعم لارهاب منظم يطال بلدان عربيه عدة؟  هل وجود القيادة الإيرانية في تلك القمة هو حدث عادي؟ في ظل ماتقوم به من تمزيق للعالم الإسلامي وبث روح الكراهية والتطرف بين شعوب المنطقة؟ وقتل وتشريد مئات الآلاف من شعوب المنطقة؟  أم أن هذا الوجود هو إعلان حرب على دول لم ترضخ للإرهاب الإيراني الذي يعيث فساداً في أكثر من عشر بلدان إسلاميه أو عربية إسلامية؟ من بينها اليمن وسوريا ولبنان والعراق.


لم أجد مبرراً كمواطن عربي مسلم يؤلمه أن يرى هذا الانحطاط في الفكر والهدف والأسلوب الذي تمثله تلك التيارات التي يطلق عليها تيارات الإسلام السياسي وهي أبعد ماتكون عن تعاليم الرحمه والمحبة والتعايش في الدين الإسلامي الحنيف، الجميع بلا استثناء سقط في قاع الخطيئة، فحضور أطراف إرهابية لهذه القمة يدل على بلاهة سياسية لمن نظّم ودعى لتلك القمة.


ما الغاية من وجود حركة حماس الإخوانية وذلك الترحيب الكبير بها في أصداء وفضاء القاع المظلم لتلك القمة؟ لم قدموا للشعب الفلسطيني إلا الكثير من القتل والإرهاب والإبعاد وابتعاد المجتمع الدولي عن مساعدة الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه، وما علاقة تلك الحركه بإيران الكيان الإرهابي الأكبر في المنطقة؟ وماعلاقة الإخوان بتنظيمات راديكالية على شكل حماس وغيرها؟ وماعلاقة ذلك التنظيم بإيران؟ أسئلة كثيرة تجول في خاطر كل من شاهد وتابع قمة العار، فمن شعار دور التنمية في تحقيق السيادة الوطنية التي استظلت قمة الإسلام السياسي في ظله، إلى كيفية تحقيق أهداف هذا الشعار فعلاً وليس قولاً مع وجود أحد أقطاب هذه القمة الذي ينتهك السياده الوطنيه لخمس بلدان إسلامية تتواجد قواته العسكريه فيها، اغتصاباً...وقتلاً ..وتملئ سمائها حقداً وشحناً طائفياً بغيضاً، ماهذا النفاق الذي يقدمة ساسة الإسلام السياسي؟ 


وماهذه الحالة المقيته من استغباء الشعوب الإسلامية أو حتى الشعوب العربيه من خلال تعاطي تلك القمه مع طموحات وآمال الشعوب التي تسعى لنيل حريتها من تلك القوة المغتصبة، الحاقده وذلك المشروع الايديولوجي الظلامي.. الذي فرّخ حزب الله وداعش والقاعدة عن طريق الاستنساخ، كل نسخة تحمل من السواد والظلامية مايفوق النسخ الأخرى، إن الشعوب العربيه والشعوب الإسلامية باتت أكثر اقتناعاً من أي وقت مضى أن من يحاول هدم طموحاتها وآمالها هم مجموعه متسلطة تتبنى الإسلام كوسيله للوصول لغايتها رافعة .. شعار ميكافيللي الغايه تبرر الوسيلة في التعاطي مع كل شيء من أجل تحقيق حلمها السلطوي الإقصائي على مستوى الجماعات والأفراد والدول.


إن الفشل الذريع والسقوط الأخير، وقمة فاشلة بغياب الدور والثقل السعودي الإسلامي الذي بوجوده ماكان لقاتل كروحاني أن يفرض مايشاء من أجندة وماكان لصبيان الأخوان من مشعل وأبو مرزوق من التحدث باسم فلسطين التي تتبرأ منهما ومما يقومون به من تحالف مع القتله في طهران، من البقاء والحفاظ على كرسي صغير اسمه غزة، يبقى كرسي هو حلم صغير لحركة الإسلام السياسي.


لاتعدو تلك القمة أن تمثل محاولة للالتفاف على الجهود الكبيرة والحثيثة التي تقوم بها منظمة التعاون الإسلامي لتحقيق المصالحة الخليجية ولاتعدو كونها محاولة لإجهاظ محاولات التكاتف والتعاضض ونبذ الخلافات بين الدول العربية والإسلامية، فمنذ شهور وخلال عمل مضن من أجل حل الخلاف الخليجي ورأب الصدع بين عدة بلدان عربية وإسلامية لحل الخلافات العالقه بين مجموعة دول عربيه ودولة شقيقة لهذه الدول، أتت القمة لإجهاظ محاولة الإصلاح من خلال دعوة أساس المشكلة في هذا الخلاف وهي العلاقه التي تتبناها دولة قطر مع إيران وخروجها عن الصف العربي والإسلامي وتلك العلاقة هي أساساً لب مشكلة الدول الخليجيه مع الشقيقة قطر.


وجاءت القوة لتؤكد كل المخاوف المشروعه لتلك الدول من خلال انجرار مشروع الإسلام السياسي وارتباط حركة الإخوان المسلمين وأوجهها مع النظام الإيراني الذي دأب منذ ثلاثة عقود على إثارة المشاكل والصراعات في منطقه الشرق الأوسط عامة والمنطقه العربيه خاصة.


تلك القمة لم تحقق شيء يذكر لشعوب قيادات الدول الداعيه سوى المزيد من زيادة الشرخ الإسلامي والعربي وأعطت انطباعاً للشعوب العربية والإسلامية أن من يمثلون اتجاهات العمل السياسي الإسلامي هم عبارة عن أصحاب مشروع أقل ما يمكن القول عنه إنه مواز وشريك لمشروع الظلام في قم وطهران.


قمة يعتريها الفشل، فشل في كل شيء، في المضمون وفي الشكل، لم ولن تحقق شيء، هي تجربة قاتمة لا اعتقد أن أحد سيرغب بتكرارها لاحقاً، بسبب النتائج الكارثية التي ستظهر لاحقاً على مسيرة العمل العربي الإسلامي المشترك وعلى العلاقات العربية العربية، والعربية الإسلامية.


أقصى ماحققته هو انقسام في الصف، خدمة لمشروع إيران الايديولوجي وأطماعها التوسعية

التي ستكون في قادم الأيام هدف لمن يرغب بالعيش في سلام في عالم القرن الواحد والعشرين.


عبد العزيز مطر

العلامات

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!