-
لماذا سوريا ليست دولة: المضحك الظريف في فنون التوزير والتوظيف
نضال نعيسة
لماذا شطبوا سوريا من مؤشرات الأمم المتحدة ولم تعد دولة وفق المعايير الدولية
حكاية المسؤولين والتوزير والتوظيف بسوريا لا تشبه أي دولة بالعالم لا قديما ولا حديثا ولم يسبق أن شهد بلد بالعالم إدارة بهذا الشكل الغريب...فعادة ما يتم، هنا، اختيار أغبى وأوطى وأسقط وأحط وأفشل واحد بين المتقدمين أو المرشحين للمنصب والوظيفة العامة وغير المؤهل وممن لديه شهادة مزورة عادة، وتعلم بذلك الدولة، وشرط أن يكون غير مؤهل أكاديميا، ويحمل عكس الاختصاص المطلوب، أي يتم اختيار مهندس ميكانيك لإدارة مؤسسة طبية، وطبيب بيطري لإدارة مناهج تربوية والإشراف على تربية أطفال، صدقا هذا موجود للحظة، وعادة ما يكون مسخرة ومضحكة بين زملائه ومعارفه ومنحطا بشكل عام وساقطا وذا سمعة نتنة وتاريخ مشين ومحكوم بعدة أحكام جنائية وهو نفسه يفاجأ حين تبليغه باستلام منصب ما لأنه لا يكون في وارد أن يحلم مجرد حلم باستلام بواب في المؤسسة أو الإدارة التي سيتربع على عرشها لعقود تالية. وصدقا حكي لي أكاديمي سوري مرموق ذات مرة عن توزير أحدهم بما لا يمكن تصديقه وكدت أصاب يومها بحالة من الصدمة والذهول الحقيقية لم تفارقني لليوم لهول ما سمعت ولكن لا أجرؤ حاليا على البوح به.
المهم في الدول المحترمة، التي تحتل مواقع متقدمة وتتربع على عروش النزاهة والشفافية والحريات والتقدم العلمي والإدارة الناجحة، عادة مايأتي المسؤول المنتخب سواء أكان محافظا أو رئيس وزراء وما شابه من ذلك من الميدان بلباس العمل ليدخل مكتبه والغبارعلى بذته والعرق يتصبب منه مشبعا بتاريخ مهني ناصع من النجاح والمنجزات الفردية والعامة ويكون ذا سمعة عطرة ويتقدم ببرنامح ومشروع انتخابي ووعود يعمل على تحقيقها في البيئة والمحيط المسؤول عنه ومجال تخصصه الذي أبدع فيه ولديه سجل حافل فيه وC/V دسم ونجاحات وإنجازات وطنية ومعروفا في مجال لنقل التجارة أو الزراعة والبنوك والاقتصاد والسياحة والعمران أو رجل أعمال ناجح أو مخترع في مجال الصناعة وطبيب لامع يدير مشفى ضخم ليتسلم مثلا وزارة الصحة وهكذا ويفي بوعوده عادة أو بنسبة كبيرة من برنامجه الانتخابي على الأقل وبناء عليه يتم التجديد له أو طرده في حال فشله ورميه بحاوية الزبالة كما يحصل ببعض دول العالم...
أما في الدول الفاشلة والمنهارة والمفلسة وغير المصنفة والتي لم تعد تعتبر كدولة وفق معايير الأمم المتحدة وشطبت رسميا من UN وعينكم "ما تشوف" إلا الخير فيأتي أخونا بالله عادة لوظيفته من مكتب أحد الجنرالات أو المتنفذين أو المافيات ذوات الخلفية المعرفية والثقافية الضحلة عموما فلا أحد يعلم من أي داهية خرج ومن هو وعادة ما يكون نكرة ومجهولا ويجهل الجميع ما هو تاريخه ورصيده ومن أين تخرج وما اسم الجامعة التي تخرج منها وأين كان يعمل سابقا ولا C/V معتبر له ولا أحد يعرف بكم اشترى شهاداته وهل دفع "كاش" او هدايا عينية (كروز مارلبورو ، سوتيانة، ليتر بلاك أو شيفاز ووو) وكم حكم أخلاقي وجنائي بحقه وكم أنتربول يبحث عنه وكم قضية تمس النزاهة والشرف والأمانة بحقه وكم مسبة وشتيمة تلحقه باليوم ويأتي لمكتبه يدا من وراء ويدا من أمام "على العظم" وبدون أي رصيد مهني ولا خبرات ولا إنحازات ولا مشروع انتخابي ويْفرض فرضا بمنصبه ويلزق به لزقا ويدحش دحشا وينتقل من فشل لفشل وحين ينجح في إفلاس مؤسسة ما يتم نقله لنؤسسة أخرى شرط أن تكون ناجحة ليعمل على إفشالها وتفليسها وتطفيش كوادرها التقنية المؤهلة وهكذا يستمر بالتنقل بمؤسسات الدولة ويتنطوط بها كأنها ملك لمن بذره حتى يخرف ويصل لأرذل العمر ويحتل الواجهات لعقود ويتفذلك وينظر بالاقتصاد والعلوم والمعلوماتية والذكاء الاصطناعي والفيمتو ثانية ويتفلسف بكل اختصاص ويتبوجق بالفضائيات ويمثل البلد بالمؤتمرات ويجلس مع سوزوكي وسامسونج ويجتمع مع مؤسس غوغل مثلا دون أن يعرف كيف يشغل اللابتوب ويفاوض حتى في مقر الأمم المتحدة دون أن يتقن لغات حية ويعمل ببعثات دبلوماسية دون أن يكون لديه حتى شهادة ابتدائية (صدقا هذه تحديدا لا مبالغة) وو وبعد ذلك يطلع من المنصب بمليارات متلتلة منهوبة من عرق ودم الشعب معززا مكرما بعدما ينهب كل ما يقع تحت يده ويسرق حتى حنفيات التواليت بمكتبه ويبيعها لسيارات الخردة بالحارة ويشتري تنبك ومعسل بثمنها ويتسبب في إفلاس المؤسسة التي يعمل بها وتفشل المؤسسة التي يديرها ويطفش معظم التكنوقراط بالمؤسسة والوزارة عندها ويهربون حتى لبنغلادش لهول ما يرونه من فظائع وتناقضات وممارسات لا تخطر ببال ومن ثم تقوم الدولة الحكيمة بترقيته وتكريمه وتعيينه بمنصب أعلى فخري عادة كي يحتفظ بكل مزايا وظيفته السابقة من سيارات وموارد وخدم وحشم وميزانيات والتي تصبح ملكا له ولحاشيته ولورثته الشرعيين وزوحاته المحظيات اللواتي يتزوجهن كبرستيج بعد الثراء متخليا بكل سفالة وقلة أصل عن أم العيال لأنه أصلاةقليل أصل وعندها سيكون قد أصيب بالعنانة وبالزهايمر ولا يتحكم بحاجاته الأساسية كما نرى من المسؤولين المتقاعدين المخرفين المهرجين الذين باتت شغلتهم الوحيدة إمتاع وإضحاك الفيسبوكيين بقفشاتهم وبوستاتهم الدونكيشوتية الكوميدية وقفشاتهم الفانتازية وأسلوبهم الدون الرخيص في استيطاء حيطان الناس والإساءة للجميع على الطالعة والناس ما يعطيك انطباعا وفكرة عن مستواه الأخلاقي وتبقى الناس تتحمل غلاظته وثقل دمه حتى يزوره السيد عزرائيل تلك الزيارة الموعودة....
وتوتة توتة لسه ما خلصت وما راح تخلص الحتوتة...هذا يسمونه هنا مقاومة وبعث وعروبة ورسالة خالدة وقومية...
مع الحلقة القادمة من لماذا سوريا ليست دولة؟
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!