-
لماذا قدمت إيران دعماً مالياً مكثفاً للإخوان في الأشهر الأخيرة؟ وما دورها في صراعات التنظيم المحتدمة؟
عاد التحالف القديم بين جماعة الإخوان وطهران إلى الواجهة مجدداً، بعد أن كشفت تسريبات من داخل التنظيم، أكدها خبراء ومنشقون عن الجماعة، حول تقديم الثانية دعماً مليارياً للجماعة خلال الأشهر الماضية بهدف إحياء منظومة الإعلام الإخوانية بعد طردها خارج تركيا مؤخراً، وأيضاً توفير ملاذات آمنة لقيادات التنظيم بعد التضييقات الأمنية التي يواجهونها في عدة دول، أبرزها تركيا والسودان، وعدد من الدول الأوروبية.
وتحدث الكاتب السياسي المصري والقيادي المنشق عن الإخوان، ثروت الخرباوي، لـ"ليفانت"، عن اتصالات جرت مؤخراً بين عناصر من قيادات تنظيم الإخوان المقيمين في إسطنبول والمحسوبين على جبهة محمود حسين، لبحث توفير ملاذات آمنة، وكذلك مصادر بديلة للتمويل، خاصة أن جبهة لندن، بقيادة إبراهيم منير، تسيطر على عدد كبير من تلك المصادر.
تحالف الشر بين إيران وحماس والإخوان
وبحسب الخرباوي، هناك تفاهمات قديمة واتصالات مستمرة بين إخوان مصر وقيادات الحرس الثوري الإيراني، وجرت عملية التنسيق بين الإخوان وحركة حماس وعناصر من الحرس الثوري الإيراني لتنفيذ عمليات لصالح التنظيم الإرهابي إبان سقوط الجماعة للحكم عام 2013.
ويقول الخرباوي إن الاتصالات عادت بشكل مكثف، خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث تحاول طهران لعب دور البديل المساند لقيادات التنظيم عن أردوغان الذي بدأ بسحب الدعم تدريجياً وبشكل اضطراري في إطار محاولة التقارب مع القاهرة والتوصل إلى أطر توافقية حول الملفات الخلافية.
ويتوقع الخرباوي أن تستضيف إيران، بشكل مباشر أو من خلال وسطائها الإقليمين، جماعة الحوثي أو حركة طالبان، لتوفير ملاذات آمنة لقيادات التنظيم، وكذلك دعم المنصات الإعلامية التي من المفترض أن تبثّ من خارج تركيا، مشيراً إلى أنّ الدعم الإيراني يرتبط بتنفيذ أجندات مشتركة في منطقة الشرق الأوسط تعتمد على التقسيم وإثارة الفتن وإسقاط الأنظمة الحاكمة.
توظيف الإخوان كذراع إيرانية
من جانبه، يرى الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب، منير أديب، أن إيران قد وظفت جماعات الإسلام السياسي، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين، لتنفيذ أجندتها التخريبية في المنطقة، كما تعتمد تماماً على الأذرع الشيعية المسلحة في منطقة الشرق الأوسط، منها تنظيم حزب الله وميليشيا حزب الله الإرهابية.
وفي تصريح لـ"ليفانت"، يقول أديب إن الإخوان الإرهابية كانت وما تزال من التنظيمات التي تتلقى دعماً من إيران مالياً ولوجستياً لتنفيذ الأهداف التي تتعلق بمشروع الفوضى وهدّ الأنظمة العربية لصالح المد الشيعي الإيراني وما يترتب عليه من بسط نفوذ طهران وسيطرتها على مناطق جديدة لاستغلال ثروتها وتحقيق أهداف أرباب العنف في المنطقة، في إشارة لدولة الملالي.
اقرأ المزيد: رسالة دعم منسوبة لمرشد الإخوان تشعل جبهات التنظيم المتناحرة
ويقول أديب إن حركة حماس، التي تعد أحد الأذرع المسلحة لتنظيم الإخوان، تتلقى دعماً كبيراً من طهران، مستشهداً باعتراف فتحي السنوار، المتحدث باسم الحركة، بالقول إن إحدى الغرف التي تديرها حماس في غزة كان بداخلها عناصر من الحرس الثوري الإيراني يشاركون بالأمر، مؤكداً أن حماس أصبحت ذارع إيران، وكذلك تنظيم الإخوان.
مؤسسات إخوانية بتمويل إيراني
وفي التفاصيل، يقول أديب إن إيران تدعم عشرات المراكز البحثية والمؤسسات التي يترأسها قيادات إخوانية من الداعمين لمحمود حسين ومجموعته في تركيا، أبرزهم (المعهد المصري للفكر والدراسات السياسية) المملوك للقيادي الإخواني أحمد مولانا، ومقره إسطنبول، والآخر هو مركز حريات للدراسات السياسية، وهو مملوك للقيادي بالجماعة الإسلامية، طارق الزمر، وهو أحد المتهمين بقضية اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات.
ويشير أديب إلى تشكيل جبهة ثالثة داخل الإخوان نتيجة الصراع المحتدم بين قياداتها في الوقت الراهن، وهي جبهة "المكتب العام"، وتمثل التيار الثالث الأكثر تطرفاً وخطورة داخل الإخوان، وهم النواة لحركة حسم، الذراع المسلحة لإخوان مصر والمُصنفة على قوائم الإرهاب الأمريكية.
لماذا تفعل إيران ذلك؟
برأي أديب، فإن الدعم الإيراني لجماعة الإخوان يحدث بدافع المصالح المشتركة بين الطرفين، موضحاً أن المشروع التخريبي الذي تعتمد عليه دولة الملالي لإسقاط وإضعاف دول الشرق الأوسط لتحقيق الهيمنة والسطو على موارد الدول ومقدراتها، يعتمد بالأساس على إثارة الفتن وتأليب الشعوب ومحاولة إسقاط الأنظمة السياسية وضرب الاستقرار الأمني، وهي الأهداف ذاتها التي يعمل على تنفيذها مشروع الإخوان المسلمين.
كما تلعب هذه التنظيمات، بحسب أديب، دوراً هاماً في مشروع طهران في المنطقة العربية، سواء بتنفيذ بعض الضربات ضد أمريكا وإسرائيل، أو ضد النظم السياسية في المنطقة العربية بهدف إحداث فوضى.
هل تستضيف طهران قيادات الإخوان؟
لا يستبعد أديب أن تستضيف إيران قيادات إخوانية، في الفترة المقبلة، على أن تستمر في تقديم دعماً مضاعفاً للحركات المسلحة داخل الدول العربية وفي القلب منها الإخوان، مشيراً إلى أن طهران سبق واستضافت في التسعينات قيادات الجماعة الإسلامية وزوجات قيادات تنظيم القاعدة وعدد كبير من العناصر الإرهابية شديدة الخطورة.
وفي هذا السياق، يرى الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب، هشام النجار، أن قيادات الإخوان نحو تغيير ملاذاتها الآمنة باتخاذ إيران وجهة جديدة في ظل القيود المشددة التي تفرضها عليها تركيا، لكن محللين يقولون إن هذه الخطوة لن تكون سهلة وسريعة وستقابلها الكثير من العراقيل التي تفرض على الجانبين -طهران والإخوان- التفكير جيداً فيما سيكسبه كل طرف من علاقته بالآخر وسط الأزمات المتعاقبة التي تضرب صورة الاثنين وتحصرهما في زاوية ضيقة، إقليمياً ودولياً.
اقرأ المزيد: بين مكافحتهم وفضحهم.. تكسّر ما بقي من أجنحة لـ"الإخوان" بـ"مصر"
وفي مقاله المنشور بجريدة "العرب" تحت عنوان: "إيران ملاذ آمن محتمل للإخوان المصريين المغادرين لتركيا"، يقول النجار إن "الجدل تجدد بشأن البدائل التي يمكن أن يلجأ إليها قادة جماعة الإخوان المصريين المغادرين لتركيا لتوفير ملاذ آمن لهم في ظل الحديث المتزايد عن تنازلات جديدة قد تقدم عليها أنقرة لتسريع وتيرة التقارب مع القاهرة والدفع بمسار المصالحة السياسية معها إلى الأمام.
وبحسب النجار، "حظيت إيران بقدر كبير من التقديرات والتكهنات في هذا الصدد تليها ماليزيا، في حين كان للأولى النصيب الأوفر من النقاش المثار، نظراً إلى اشتباكها المباشر مع قضايا حيوية في المنطقة وتاريخها الطويل في دعم تيار الإسلام السياسي وعلاقاتها الملتبسة بجماعة الإخوان والحركات الجهادية".
ليفانت - رشا عمار
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!