الوضع المظلم
الجمعة ٢٠ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
ما يجهله الناس عن مصطفى مشهور
ثروت الخرباوي 

تعرفون أن مصطفى مشهور كان من الأشخاص المؤثرة في تاريخ جماعة الإخوان، وتعرفون أنه أصبح مرشدا لتلك الجماعة في أواخر حياته، ولكن سيرة هذا الرجل ظلت مجهولة عند عموم الناس، فلم يعرف أحد أنه هو الذي أعطى الأوامر لإنشاء حركة حماس، وهو الذي أمر بإنشاء تنظيم القاعدة، وكان الإخوان يقدسونه ويعتبرونه من أنبياء جماعة الإخوان، وفي أحد الأيام إذ كنت في جماعة الإخوان طلب مني أحد الإخوان الكبار أن ألقي محاضرة لبعض شباب الجماعة عن أحد كتيبات "الحاج مصطفى مشهور" وكان عنوان الكتيب هو "مقومات رجل العقيدة على طريق الدعوة" وحين قرأت ما كتبه "الحاج" أصابتني الدهشة من سطحيته وضحالة أفكاره، أهذا هو مصطفى مشهور الذي تدين له قيادات الجماعة كلها بالولاء الفكري؟!، وحينها اقترحت على من كلفني بإلقاء المحاضرة أن تكون محاضرتي عبارة عن دراسة نقدية لهذا الكتيب فأصيب الرجل بالفزع وكاد أن يقفز من مكانه وهو يقول: نعم! تنتقد الحاج مصطفى! أوَ أتت لك الجرأة على أن تفكر في ذلك!


فأردت أن أخفف على الرجل وقع الصدمة فقلت له: أنا لن أنتقد الحاج مصطفى والعياذ بالله ولكنني سأنتقد أفكاره فقط، وانتهى النقاش إلى تكليف شخص آخر بإلقاء المحاضرة شريطة أن يتغزل فيها في أفكار "الحاج" وبعد هذه الواقعة بعدة أيام كان تصريح مصطفى مشهور الكارثي الذي قال فيه: ينبغي أن يدفع النصارى الجزية ولا ينبغي لهم أن يدخلوا الجيش، وقد تسببت هذه التصريحات في إشعال عاصفة من النقد ضد الجماعة إلى الحد الذي دفع البعض إلى إقامة جنحة، فاضطر الرجل بصورة مخزية أن يعتذر، وكان في اعتذاره مرغما لأن تصريحه أضر بسمعة الجماعة السياسية خاصة وأنه صدر من المرشد.


 


ولكن ما هي أفكار "الحاج" التي ينبغي أن يتغزل فيها أعضاء الجماعة، ويحفظونها سلوكا وتربية وفكرا؟ كتب "الحاج" في كتيبه "مقومات رجل العقيدة على طريق الدعوة" استشهادات متنوعة بأقوال حسن البنا ثم قال: "إن الله وعدكم أيها الإخوان  نصرة المجاهدين ومثوبة العاملين المحسنين" وبتلك الكلمات يعيش الأخ، كل المجتمع عنده جاهل بالإسلام، لا يعرف عنه شيئا، وبسبب جهله سيقف عقبة أمام الإخوان، وسينظر عضو الإخوان لعلماء الدين بأنهم ضده لا محالة لأنهم لا يعرفون الإسلام، هو فقط وجماعته أصحاب الإسلام ورجاله، وهم فقط أصحاب الفهم الصحيح، أما باقي ولذلك فإن الطريق الوحيد الذي سينصر الإخوان هو طريق الجهاد الذي يواجه دولة الجهل بالإسلام، ومن أجل ذلك يقسم الإخوان أن الله وعدهم بالنصر والإحسان، ولكن متى وعدهم وأين؟ فلا يجيب أحد .


 


ثقافة القتل والقتال، وفي كتيب آخر هو "قضايا أساسية على طريق الدعوة" ينهج مشهور منهجا شديد الغرابة، فيتحدث عن فهم المسلم للإسلام، ويذهب إلى أن تعدد أفهام الناس للدين هو أكبر خطر، ويجب على الجميع أن يفهموا الدين فهما واحدا لا خلاف فيه على أن يكون هذا الفهم هو فهم الإخوان! فيقول: "وقد سبب الاختلاف في فهم الإسلام في الماضي إلى ظهور مدارس وطوائف فكرية مختلفة، وقد أدى اختلاف الفهم إلى تضارب في مجالات العمل، لذلك حرص الإمام الشهيد حسن البنا على وحدة ركن الفهم وجعل الفهم ركنا من أركان البيعة وقال في هذا الركن أن الأخ يجب أن يفهم الإسلام على النحو الذي نراه"! وفي موضع آخر يقول مشهور " إن الديمقراطية والعلمانية والإشتراكية إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ، وهي دعاوى جاهلية تخاصم الإسلام"! وفي موضع ثالث يعدد مشهور أسباب القوة التي ينبغي أن تأخذ بها الجماعة فيتحدث عن قوة المال وقوة الأجساد ثم يستطرد:"أما عن قوة السلاح فذلك أمر حتمي إذ لابد للحق من قوة تحميه وترد عدوان المعتدين، ثم إن الجهاد فريضة ماضية والأمر من الله بإعداد القوة معروف، ثم إن هذه القوة لا تستعمل هكذا في أي وقت ولكن لابد من توافر ظروف مناسبة خاصة حينما لا يجدي غيرها" وبذلك يضع مشهور جماعته فكريا وعمليا أمام حل واحد لمواجهة مجتمعهم إذا رفضهم هو حل المواجهة بالسلاح! ولتأكيد هذا المعنى وأنه ليس من ابتكاره يستكمل  مشهور نقلا عن أستاذه البنا "إذا استخدمت الجماعة قوة الساعد والسلاح وهي مفككة الأوصال مضطربة النظام فسيكون مصيرها الفناء والهلاك" ومن أجل تلك الكلمات ابتكر فقهاء الإخوان ما يسمى بنظرية "العنف المؤجل" وأظننا نرى الجماعة الآن وهي تمارس معنا نظرية العنف المعجل!.


 


هذه بعض مقتطفات يسيرة من أفكار هذا الرجل، وهي خليط من أسوء أفكار البنا وأقبح أفكار قطب، جمعها لهم مشهور في إناء واحد، فهي تطرف مستمد من تطرف مستمد من تطرف، فكانت نتيجتها إرهابا يعاني منه الشعب المصري كله، ولنا عودة لنعرف سيرة هذا الرجل مؤسس الإرهاب في عصرنا الحالي.


 


ثروت الخرباوي

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!