-
ماكرون.. قانونك لن يمر
"قبيحة ورائحتها سيئة".. هكذا وصف المعارضون والمحللون، إنّها المادة 49.3 من الدستور، ليرهن ماكرون رصيده السياسي في سبيل إصلاح مُزمع، وكأنهُ أبرز نجاحاته السياسية في ولاية ثانية قد تكون في نظر الكثيرين من الفرنسيين طامة كُبرى، نادمين أغلبهم على ذلك.
ليُضاف إلى تاريخ فرنسا التي تمتلك إرثاً طويلاً من الثورات والاحتجاجات الشعبية ضد القرارات الحكومية، آخرها ثورة "المُتقاعدين"، تحت شعار "لا أريد التقاعد" في أخطر تحدٍّ لسُلطة الرئيس إيمانويل ماكرون، منذ احتجاجات "السُترات الصفراء" قبل أربع سنوات، وعمت الجسد الفرنسي نهاية 2018 ، وصل شرارها لدول الجوار الأوربي، وكأنهُ أهال التراب الأسود فوق رأسه، جاعلاً من محيط الشانزليزيه ومناطق فرنسا أكثر شهرة للتظاهرات كما حدث عام 1968 و1995، وأحداث مايو 1968 ومايو عام 1968م، وإضرابات عام 1995 واحتجاجات 2006 وإضرابات عام 2007 واحتجاجات 2010 حتى 2017 لتتفاقم، وكأن الباستيل تدب فيه الروح من جديد باحتجاج المُتقاعدين على خطة الحكومة لرفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما .
وإجماع النقابات العمالية ونواب مجموعة "ليوت" المستقلة، وتشارك فيه أحزاب عدة. ونواب من ائتلاف "نوبس" اليساري، وحزب "التجمع الوطني" اليميني المُتطرف، ومعهم غالبية المُجتمع لحجب الثقة عن حكومة إليزابيت بورن، التي أفلتت منها، بحصول المذكرة الأولى على 278 من أصل 287 صوتا، والثانية 94 صوتاً من أصل 287 صوتاً.
لقد قطعت الإضرابات شرايين الحياة في فرنسا، مع إضرام النيران بعشرة آلاف طن من القمامة في شوارع باريس، حتى وصل الأمر تأزّماً باقتراح عمدة الدائرة التاسعة المُتضررة بشدة دلفين بوركلي إلى "دعوة الجيش لتنظيف الشوارع".. وكل مرة يخرج ماكرون بسياسة أكثر جدلية، محاولاً تمرير قانون إصلاح التقاعد بالقوة تحت عباءة أن المشروع "يحمل تقدماً اجتماعياً".
لقد اشتعل قلب الشارع المُنهك في معركة سياسية، في ذروة إنكار للديمقراطية الفرنسية وحقوق الإنسان فيها.. أكدها الجميع، ومنهم النائب عن "الجمهوريين" أوريليان برادييه لقناة "بي أف أم تي في": "نواجه مشكلة ديمقراطية لأن هذا النص الذي سيغير حياة الفرنسيين سيتم تبنيه من دون أن يجري أدنى تصويت في الجمعية الوطنية، وعلى الكل أن يقدر خطورة الوضع وخطر القطيعة الديمقراطية الذي تواجهه بلادنا أمام التعبئة العامة التي خرجت بعنوان أكبر "ماكرون.. قانونك لن يمر".
إن تمرير المشروع بالقوة "يكشف عُزلة إيمانويل ماكرون عن مُجتمعه، واضعاً بقية فترة ولايته التي تمتد لخمس سنوات أمام عقبات دائمة و"إغراق" لديمقراطية وبيئة عمل منافية، بل و"تحطم"، لا سيما إذا خسرت فرنسا مستعمراتها الخارجية في إفريقيا، وإلا ستكون كانهيار رومانيا اقتصادياً، وها هي ألمانيا تُريد مُغادرة الاتحاد الأوروبي، وبالتالي ستُصبح فرنسا شبه دولة من دول العالم الثالث، حيثُ يعيش في فرنسا 5 مليون جزائري و2 مليون مغربي ومليون تونسي و11 مليون إفريقي، فكيف لها باقتصاد قوي دونهم.. وقد تم طردها من دول إفريقيا، كدولة مالي وبوركينا فاسو وغيرهما.. لتترنح فرنسا في القارة السمراء.. وليكتشف الأفارقة قارتهم التي تدقّ كل العواصم الأوروبية أبوابها. ويزورها الصينيون والأمريكان والروس، حتى سارع الرئيس الأمريكي بايدن بقمة أمريكية إفريقية نهاية 2022، لكن فرنسا تخلت عن القارة، لتقرأ في خريطة فرنسا، ضعف نفوذها التاريخي في دول القارة لا سيما دول الساحل الخمس: (مالي، بوركينا فاسو، تشاد، النيجر، موريتانيا). لتقف المُستعمرة بقصر الإليزيه مُتلعثمة في تفسير هذا الفشل.. والجواب هو سياسات " ماكرون".
ايفانت - إبراهيم جلال فضلون
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!