الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • مطار كابل والأتراك.. مخططات للتمدد والسيطرة لا توافق بيدر طالبان

مطار كابل والأتراك.. مخططات للتمدد والسيطرة لا توافق بيدر طالبان
تركيا - افغانستان

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، في 14 أبريل 2021، عن خطط لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان في مايو، واستكمال تلك العملية بحلول 11 سبتمبر 2021، وذلك إتماماً لبنود اتفاق أمضت عليه الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب، للسلام مع طالبان في فبراير 2020، بالعاصمة القطرية الدوحة.


ومذ ذلك الحين، كشرت أنقرة عن أنياب أطماعها في ذلك البلد القابع تحت براثن الحرب منذ عدة عقود، لتبدأ الإعلانات التركية المتوالية حول نيتها ملء الفراغ الذي سيتركه الانسحاب الأمريكي الغربي، وهو ما أشار به وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في الثاني من يوليو الماضي، عندما أعلن أن بلاده تبحث تشغيل مطار "حامد كرزاي" الدولي في العاصمة الأفغانية كابل، زاعماً الحرص على "مستقبل أشقائنا في أفغانستان وسد احتياجاتهم"، وأجرى أكار في هذا الصدد، جملة لقاءات مع الجانب الأمريكي، منها لقائه مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في السابع من يوليو.


طالبان تتوسع في أفغانستان و تسيطر على هلمند وغور

المرتزقة السوريون إلى الجبهة الأفغانية


لكن لا يبدو أن أنقرة واثقة تماماً من تعاطي الأطراف الأفغانية مع الوجود التركي على أراضيهم، وعليه وكما كان الحال في ليبيا وأرمينيا، ومنعاً لسقوط قتلى في صفوف جيشها، لجأت تركيا من جديد إلى مرتزقتها من مسلحي ما يسمى "الجيش الوطني السوري"، وذلك وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أفاد، في الثامن من يوليو، بالوصول إلى توافق مبدئي، مع متزعمي تلك المليشيات بغية إرسال مرتزقة إلى كابل.


اقرأ أيضاً: تميم وآل مرة.. فضح المُحاولات الزائفة لتحسين صورة قطر

إلا أنّ رد طالبان كان على غير هوى أنقرة، إذ دعت الحركة، في الثاني عشر من يوليو، أنقرة، إلى سحب قواتها من أفغانستان، مثل بقية الدول الأخرى العضوة في حلف الناتو، حيث قال الناطق باسم طالبان، سهيل شاهين: "باعتبارها عضواً في الناتو، يجب على تركيا سحب قواتها من أفغانستان على أساس اتفاق وقعناه مع الولايات المتحدة في 29 فبراير 2020".


الداخل التركي وأفغانستان


ولم يكن رفض بقاء الجيش التركي في أفغانستان مقتصراً على طالبان، ففي داخل تركيا، هاجمت المعارضة النظام الحاكم، رافضةً إصراره على الزج بجيش البلاد في الصراع الدائر بأفغانستان، حيث غرد زعيم المعارضة التركية، كمال قليجدار أوغلو رئيس الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، في الثامن عشر من يوليو، على حسابه بموقع "تويتر" بالقول: "أنادي العالم، لا تخلطوا بيني وبين أردوغان، لن يبقى جنودنا في المكان الذي هرب منه البعض، ولن تكون أبواب دولتنا سجناً للاجئين، لم آكل الحرام، نحن قادمون ونقول من هنا أنه تنتظركم مفاوضات صعبة، أليس كذلك!".


اقرأ أيضاً: على الطريقة التركية.. لوكاشينكو يُكرر ابتزاز أوروبا باللاجئين

فيما شجب أوزغور أوزل، نائب رئيس الكتلة البرلمانية للشعب الجمهوري، السياسات التي تتبعها أنقرة مع طلبات اللجوء للأفغان، بالقول إن "الحكومة لم تتحقق من تطعيمات الأفغان النازحين إلى تركيا، ما تسبب في نقل بعض الأمراض المعدية للمواطنين"، مردفاً: "عدد المهاجرين غير الشرعيين المضبوطين في الأشهر السبعة الأولى من عام 2021 بلغ 62 ألفًا و687 شخصاً، أما في العام الماضي، فبلغ عددهم 122 ألفاً و322 شخصاً، وفقاً لبيانات إدارة الهجرة، وتواجه تركيا تزايداً في الهجرة غير النظامية منذ عام 2015، إن المهاجرين غير الشرعيين يمثلون مشكلة خطيرة للغاية في البلاد".


أنقرة تستميل طالبان


وبعدّ الرد الجلي من طالبان، حاولت أنقرة استمالة الحركة بشكل آخر، فأعلنت وزارة الدفاع التركية، في التاسع والعشرين من يوليو، أن مهمة قواتها في أفغانستان لن تكون قتالية، في حال التوصل إلى اتفاق بشأن بقائها هناك.


اقرأ أيضاً: حرائق تركيا.. محاولات للاستغلال السياسي وأخرى للتنصّل

ولفتت الرائد بينار قره المسؤولة في مستشارية الإعلام والعلاقات العامة بوزارة الدفاع التركية، إلى استمرار المباحثات بين تركيا وأفغانستان ودول أخرى، من أجل مواصلة تشغيل المطار، مع انتهاء فعاليات الاستشارة والتأهيل التي تؤديها في هذا البلد منذ نحو 20 عاماً بموجب بعثة حلف الناتو، والاتفاقيات الثنائية، وزعمت أنه في حال التوصل إلى اتفاق بشأن بقاء الجنود الأتراك في مطار حامد كرزاي، فإن مهمتها لن تكون قتالية كما كانت على الدوام، باستثناء حالات الدفاع المشروع عن النفس.


ماذا تريد تركيا من أفغانستان؟


سؤال صغير لكن الإجابة عليه قد توضح الكثير، وهو ما حاولت آمنة فايد، الباحثة المساعدة في مركز الأهرام للدارسات السياسية والاستراتيجية، إيجاد إجابة عنه في الأول من أغسطس الجاري، إذ عزت المحاولات التركية للبقاء في أفغانستان إلى جملة عوامل، أهمها: تحسين العلاقات مع الغرب، تعزيز النفوذ التركي في منطقة آسيا الوسطى، امتلاك أوراق ضغط جديدة على غرار استغلال تركيا لملف قضية اللاجئين السوريين، كورقة ضغط في مواجهة الاتحاد الأوروبي.


اقرأ أيضاً: أكاديمي عراقي لـليفانت: الحرب الإيرانية الإسرائيلية مستبعدة.. لكنها ممكنة

بجانب الحصول على مكاسب لوجيستية واقتصادية، إذ تشترط أنقرة بقاء القوات التركية لتأمين مطار كابل مقابل حمل الولايات المتحدة وحلف الناتو الكلفة الاقتصادية للقوات التركية، وبتوفير غطاء جوي من طائرات الدرونز، وذلك مع ضمان أيضاً حق تركيا في المطالبة بأي دعم دبلوماسي أو لوجيستي أو اقتصادي من أي جهة أخرى، إضافة إلى إيجاد بديل لتمركز الميليشيات المسلحة والجماعات المُتطرفة في إدلب سوريا، وتعزيز صورة النظام داخلياً.


أردوغان وطالبان


لكن لا يبدو أن طالبان استجابت لأنقرة خلال المحادثات الرسمية أو السرية، ولا يبدو أن الطرفين وجدا مشتركات تسمح ببقاء الجيش التركي على الأرض الأفغانية، وعليه اختار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سياسة الشد والجذب، فقال في الحادي عشر من أغسطس، إنه قد يلتقي مع زعيم حركة "طالبان" في إطار جهود إنهاء القتال في أفغانستان، ثم أكد مصدران أمنيان تركيان لـ"رويترز"، في السادس عشر من أغسطس، أن "أنقرة تخلت عن خططها لتأمين مطار كابل بعد انسحاب "الناتو" من أفغانستان، لكنها مستعدة لتقديم الدعم الفني والأمني إذا طلبت "طالبان" ذلك".


اقرأ أيضاً: قطر وطالبان.. علاقة تطرف وطيدة يُستغرب من استغرابها

لكنه عاد، عقب أيام، وتحديداً في الحادي والعشرين من أغسطس، للشد، عبر حثّ "طالبان" على عدم تكرار أخطائها السابقة والتعامل مع أبناء جميع المجموعات العرقية في أفغانستان باحترام، مكرراً تأييده لإبقاء قنوات التواصل مع "طالبان" مفتوحة، ليبقى السؤال مطروحاً حول احتمالات نجاح أنقرة في إقناع طالبان وإغرائها ربما بمكاسب مادية ودبلوماسية، تضمن لها حكم البلاد، وغض العالم الطرف عن ممارستها، لقاء الرعاية التركية لها، كما هو الحال مع تنظيمات متطرفة مماثلة في سوريا، منها جبهة النصرة في إدلب، ومسلحي ما يعرف بـ"الجيش الوطني" في عفرين ومناطق رأس العين وتل أبيض وجرابلس وإعزاز وغيرها.


ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!