-
من الحجاب بالإكراه إلى الفكر بالإكراه.. ملالي طهران يصرون على نهج العبودية
إنها العبودية يا سادة.. إنها العبودية يا دعاة حقوق الإنسان.. إنها العبودية أيتها الأمم المتحدة.. إنها عبودية معاصرة في إيران الملالي
إن أشد الدول استعباداً واستغلالاً للبشر بمفهوم العبودية المعاصرة هي الأنظمة الدكتاتورية، وخاصة الدينية منها، وذلك بفرضها مفاهيم ونمطية تسلب الإنسان إرادته وكرامته ووعيه، أو تجعل حياته وكرامته رهينة بأمر ما، هذا بالإضافة إلى نزع خياراته في ذلك الاتجاه ونسب وربط كل ذلك بالدين زوراً وبهتاناً.
سلب الإرادة هو صلب العبودية التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان، فلم يعد مفهوم الرق هو ذاك المفهوم الذي عرفته البشرية قبل الإسلام، وقبل قرن ونصف من الزمان؛ وتسود العالم اليوم عبودية أخرى منمقة تسلب الإنسان إرادته وكل خياراته أو أغلبها وتساومه على حريته وقوته (رزقه) وفرصه بالحياة بل قد تساومه على روحه ووجوده أيضا.
كانت البشرية قبل الإسلام سادة وعبيداً، لكن مفهوم العبودية على الرغم من قسوته كان أكثر وضوحاً، حيث كان المملوك عبداً وكانت الممالك المهزومة المحتلة من قبل المنتصر عبيداً أو أشباه عبيد، وجاء الإسلام ليحرر البشرية من العبودية ويمنح للإنسان كامل إرادته وكرامته حتى فيما يتعلق بالإيمان بالإسلام ونبيه، وجاء القرآن ليثبت مفاهيم الإسلام بالبينات فيقول الباري عز وجل (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) وفي آية أخرى يقول (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك وتركوك قائماً)، وهنا لم يبين الإسلام أنه لا إكراه في الدين فحسب بل حدد كيفية التعامل مع الغير بما في ذلك الدعوة إلى الله.
لم يستولِ ملالي إيران على السلطة فيها وكان أهلها كفاراً أو جهلة في دينهم والعياذ بالله، فقد كان الشعب الإيراني من أطفاله إلى شيوخه ومسنيه ومن نسائه إلى رجاله أهل دين وحياء وحشمة وذوي غيرة وحمية على دينهم وقيمهم وتراثهم وإلا من أين خرج هذا الكم الكبير من العلماء في شتى المجالات ومن بينها علوم الدين، لكن الملالي من فئة السلطة -أي (وعاظ السلاطين) كما أسماهم دكتور علي الوردي رحمة الله عليه وكفروه في حينه- نوعاً آخر من البشر يجيدون التسلق ويبيحونه حتى لو كان على حساب الدين وقيمه وثوابته من أجل بلوغ غاياتهم، فكانوا تحت سلطة الشاه الدكتاتورية في حينه أعواناً للسلطة رغبة في امتيازاتها وعطاياها، ولما سقط الشاه وطغيانه بثورة الشعب ركبوا موجة الدين من أجل السلطة فسطوا عليها وانتزعوها من يد الشعب بالحيلة والخداع ثم بعج ذلك بالحديد والنار والدم والإكراه ونسوا أن أحد أهم الأسباب التي قامت لأجلها ثورة 1979 كان الإكراه.
مارس الشاه الإكراه لكنه لم يدعِ الدين ولم يرتدِ رداء الدين ومعداته السحرية التي يرتديها ملالي الجهل والتي لم يعد لها سحر ولا جاذبية فأربعة عقود ونصف من الخداع والكذب والقتل والسلب والنهب والاغتصاب كافية لكسر أكبر تعويذة لأكبر معدات دينية وأكثرها هيبة، وقد كان مبدأ لإكراه الذي يقومون به والعنصرية التي أسسوا وأداموا حكمهم عليها إضافة لخروجهم عن الدين كان القاعدة التي أبطلت شرعيتهم فإن قالوا إسلاميين فالإسلام يقول لا إكراه في الدين وقد فعلوه، وإن قالوا أنهم على نهج وخطى آل البيت فقد خرجوا خروجاً كلياً تاماً لا بل شوهوا وأساءوا لآل البيت بسوء فعالهم التي لا تحصى ولا تعد، وإن قالوا إنهم وطنيين إيرانيين فلماذا اضطهدوا غالبية الشعب الإيراني وأوصلوه إلى الجحيم؟ ولماذا قتلوا الوطنيين الإيرانيين على آرائهم، ولماذا فرقوا بين الناس وجعلوهم فرقاً ومنازل وأجحفوا بحق من اختلف معهم في المذهب والدين والفكر والرأي، وجعلوا من إيران دولتين، دولة السلطة ومن يواليها ولهذه حقوق وامتيازات، ودولة لمن يختلف مع السلطة في مذهبها وعقيدتها وفكرها ولهؤلاء أعدوا الجحيم والعذاب الشديد والذل.
في الجانب المقابل من المعادلة، نجد النضج لدى الشعب الإيراني في ثورته الجارية إذ ما تزال مرحلتي الشاه والملالي معاً في آن واحد من خلال استخدامه لشعار لا للشاه ولا للشيخ وضعت أدبيات هذه الثورة الشاه والملالي الحاكمين في خانة واحدة وهي خانة الظلم والإجرام والخيانة، وما يتحلى به الشعب من وعي اليوم لا يمكن أن يجعله يعود إلى الوراء.
لم يكتفِ الملالي بسياسة الإكراه المتعلقة بالملابس في المجتمع بل حركوا أجهزتهم القمعية من أجل إبادة كل من يختلف معهم بالرأي ويقول لا أو يكون حتى له رأي، ولما تأججت انتفاضة الشعب من جديد وتوسعت بكل المحافظات والمدن وفشلوا في قمعها وانكسروا أمامها علقوا المشانق وأعدموا، ومارسوا سياسة الاغتيال والتنكيل بجثث ضحاياهم لإشباع رغباتهم بالانتقام من أبرياء عزل ولما وجدوا أن ذلك لن يطفئ من نيران الانتفاضة توجهوا إلى تحريك فرق خفافيش الظلام من قوى الأمن واستخبارات الحرس والمخابرات للسطو على بيوت الشعب فجراً وخطف أبنائهم من بين أيديهم كنهج أقذر عصابات المافيا في تاريخنا المعاصر.
وسيلة بشعة أخرى للقمع والإكراه والاستعباد
لم تقتصر أساليب ملالي الجهل على ما أسلفنا من الإجرام بل ابتدعوا وسيلة جديدة بشعة أخرى للقمع والإكراه والإستعباد وهي ممارسة سلب الفكر والإرادة على السجناء وترويضهم للسير في نهج وفكر ملالي السلطة، وقد تحلى ذلك في أحكام القضاء الذيم يحكمون على النخب من السجناء إضافة للحكم بالسجن والجلد أحكاماً إضافية أخرى بالحرمان من الوجود الاجتماعي والحرمان من وسائل الاتصال والتواصل، والأهم من هذا كله أمران آخران في غاية الخطورة وهما الأولى (الحكم على السجين بكتابة أبحاث كبيرة وفق فكر الملالي حول جوانب مختارة يختارونها لكسر كبرياء وإرادة السجين وإذلاله وفرض حالة من الكآبة والأمراض النفسية عليه منتهاها الانهيار العصبي أو الانتحار) والثانية هي (الحكم على السجين بالإضافة إلى ذلك أيضا بالعمل سخرة بالإكراه إكراه القانون كالعبيد في مجالات عامة تحت سلطتهم وهو أمر أكثر خطورة وإذلال والفارق بينه وبين العمل الطوعي أنه بالإكراه لكن العمل الطوعي برغبة وتطلع الفرد الذي يسعى إلى ذلك من تلقاء نفسه وينفق عليه من ماله الخاص أيضا إيماناً بخدمة المجتمع)، وهذا هو ما وصل إليه ملالي طهران اليوم من استعباد فاق العبودية ذاتها.. وبدلاً من أن يتعظوا من تجربة الإكراه والاضطهاد في الحجاب والملابس والرأي ها هم يكرهون الناس على فكرهم وكتباتهم المريضة والسخرة البشعة المشينة التي لا تليق ببشر سوي.. إنها العبودية يا سادة.. إنها العبودية يا دعاة حقوق الإنسان.. إنها العبودية أيتها الأمم المتحدة.. إنها عبودية معاصرة في إيران الملالي.
ليفانت - د.محمد الموسوي
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!