الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • من الفرع (المليشيات) إلى الأصل (إيران).. ومُحاولات ترهيب دول المنطقة

من الفرع (المليشيات) إلى الأصل (إيران).. ومُحاولات ترهيب دول المنطقة
مليشيات إيران \ ليفانت نيوز

تواصل أدوات إيران في المنطقة، بأداء دورها التخريبي، الساعي بالأساس إلى جعل حلول الأزمات التي تعانيها دولها، مرتبطة بمدى رضا طهران عن الحلول فيها، والمرهون بشكل أساس بمدى سطوتها المستقبلية على قرار الدول التي تمتلك مليشيات مسلحة فيها، ولعل النموذج اللبناني وتحكم مليشيا حزب الله بالدولة، واحتكارها للكثير من القرارات المصيرية، هو النموذج المستحب للنظام في إيران.

عدائية تجاه دول المنطقة

وفي سبيل ذلك، تنتهج المليشيات المدعومة إيرانياً في المنطقة، نهجاً تخريبياً قائماً على تهديد مصالح الدول، ومنها الهجمات الصاروخية والمنفذة عبر الطائرات المسيرة، حيث تستخدم إيران ميليشياتها لضرب اقتصادات المنطقة، وتهديد سلامتها، ومنها، ما كشفته الأمم المتحدة في الأول من يوليو الجاري، عندما أكدت أن منشأ الصواريخ التي استهدفت السعودية والإمارات، خلال الأشهر الماضية، هي إيران.

اقرأ أيضاً: الصدر مُطالباً بحلّ المليشيات: لا حكومة بوجود سلاح مُنفلت

إذ أعلنت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة روزماري دي كارلو، أن هجمات حركة "أنصار الله - الحوثيين" على الإمارات والسعودية تمت بصواريخ إيرانية المنشأ، وذكرت خلال جلسة لمجلس الأمن: "لقد حللنا معلومات حصلنا عليها من السعودية والإمارات والمتصلة بالفقرة الرابعة من البند (ب)، التي تتحدث عن إمداد وبيع ونقل المعدات من إيران وإليها".

مبينةً أن عدداً من مسؤولي الأمم المتحدة زاروا الرياض وأبو ظبي وتفحصوا حطام 9 صواريخ باليستية و6 صواريخ كروز، إضافة إلى طائرات مسيرة استخدمها الحوثيون أثناء هجومهم على أراضي البلدين وذلك منذ عام 2020، وأضافت أن نتائج الفحص كشفت أن الصواريخ الحوثية تتسم بخصائص تصميم مشابهة للصواريخ الإيرانية التي فحصناها من قبل، لذلك خلصنا إلى أنها صنعت في إيران.

خروقات في اليمن

أما في اليمن، ورغم الهدنة المزعومة، تواصل مليشيا الحوثي هجمات على الجيش اليمني بشكل مستمر، وقد كشفت قوات الجيش اليمني، في الخامس من يوليو، عن مقتل وإصابة 10 جنود بنيران ميليشيا الحوثي، عقب 24 ساعة من إعلانها مقتل وجرح 14 جندياً، ضمن خروقات الميليشيا المستمرة للهدنة الأممية، وذكر المركز الإعلامي للجيش اليمني في بيان آنذاك، إن ميليشيا الحوثي، المدعومة من طهران، ارتكبت، 97 خرقاً للهدنة الأممية في جبهات القتال بمحافظات الحديدة وتعز والضالع وحجة وصعدة والجوف ومأرب.

ووفق البيان، فإن الخروقات تنوّعت بين إطلاق النار على مواقع الجيش بصواريخ الكاتيوشا وبالمدفعية والعيارات المختلفة وبالطائرات المسيّرة المفخخة، ونجم عنها مقتل 3 جنود وإصابة 7 آخرين، كما أوضح البيان أن ميليشيا الحوثي نشرت قناصة وعيارات وعربات وطيران استطلاع مسيّرا، كذلك حشدت تعزيزات بشرية وعتاداً قتاليا بينها عربات وأطقم وذخائر إلى مختلف الجبهات.

اقرأ أيضاً: مليشيات إيرانية تعتقل عدداً من عناصرها لرفضهم القتال في البادية السورية

أما سياسياَ، فقد عدّت الحكومة اليمنية، في الرابع عشر من يوليو، رفض ميليشيا الحوثي لكافة المبادرات والمقترحات التي طرحت منذ بدء الهدنة لرفع الحصار عن تعز، تأكيداً على "انتهاجها سياسة التجويع والعقاب الجماعي، ومسؤوليتها الكاملة وعدم اكتراثها بالأوضاع الإنسانية المتردية لليمنيين، واستهتارها بالمجتمع الدولي".

وصرح وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، خلال تصريح صحافي "إن إقرار المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطته الأخيرة إلى مجلس الأمن، برفض ميليشيا الحوثي التابعة لإيران، مقترحه المُعدل بشأن فتح الطرق في تعز على مراحل، يعكس موقفها الحقيقي من مساعي تخفيف وطأة المعاناة الإنسانية عن كاهل اليمنيين، وجهود التهدئة وإحلال السلام في اليمن".

اقرأ أيضاً: صحف فارسية تتناول استهداف تل أبيب لمليشيات إيران في سوريا

وشدد الإرياني حينها، على أن ميليشيا الحوثي سبق أن رفضت خطة المبعوث الأممي السابقة لفتح الطرق الرئيسية في محافظة تعز، قبل أن ترجع وترفض مقترحه الثاني بخصوص فتح الطرق على مراحل، رغم أنه مثل الحد الأدنى من مطالب المواطنين والتزامات الميليشيا التي نصت عليها بنود الهدنة، التي ترعاها الأمم المتحدة، متهماً ميليشيا الحوثي بالاستمرار بالتنصل من التزاماتها، وفرض حصار ظالم على تعز، وتقويض جهود التهدئة، لافتاً إلى التنازلات التي قدمتها الحكومة لإنجاح الهدنة والخطوات التي اتخذتها بفتح ثلاث منافذ "حيس، والبرح، والضالع".

ونبّه وزير الإعلام اليمني من استغلال ميليشيا الحوثي للهدنة وجولات التفاوض لكسب الوقت وحشد الموارد والإمكانيات، تحضيراً لدورة جديدة من التصعيد، داعياً المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأميركي إلى إدراك حقيقة ميليشيا الحوثي، ومتاجرتها بمعاناة اليمنيين، ووقوفها حجر عثرة أمام التهدئة.. مشيراً إلى أن سياسة التراخي والتنازلات وغض الطرف عن ممارسات الميليشيا الحوثية وجرائمها بحق اليمنيين سيدفعها للمزيد من التعنت والتصعيد.

استفزاز إيراني للإمارات

ولا تكتفي إيران باستفزاز دول الخليج والمنطقة عن طريق ميليشياتها فحسب، بل تلجئ بين الفينة والأخرى إلى استعراض قوتها المسلحة ومحاولة ترهيب دول المنطقة، رغم ما تدعيه من سعي لمفاوضتهم والوصول إلى حلول للأزمات التي نتجت عن تدخلاتها، ومن تلك الاستفزازات، زيارة قائد سلاح البحرية في الحرس الثوري الإيراني العميد علي رضا تنكسيري، في الثامن عشر من يوليو، لجزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى المتنازع عليها مع الإمارات.

اقرأ أيضاً: استهداف جديد لمواقع المليشيات الإيرانية في دير الزور

وقد اعتبر حينها، تنكسيري أن "الدفاع عن الثورة الإسلامية في الوقت الحاضر التي تعيش في ذروة المظلومية أمام المستكبرين من النعم الالهية على أبناء الشعب الإيراني"، حسب تعبيراته، داعياً عناصر الحرس الموجودين في الجزر والخطوط العملياتية الأمامية إلى "الحفاظ على استعدادهم القتالي في أعلى المستويات وتعزيز معنوياتهم من خلال الاتكال على القدرة الالهية التي لا تقهر ولا تزول"، محذراً "العدو من مغبة القيام بأي تحرك طائش يريد اثارة الفتنة أو الاعتداء على النظام الإسلامي"، زاعماً أنه "سيتلقى صفعة لن ينهض من مكانه ابداً، وستجعله القوات الإسلامية يعض أصابع الندم هو ومن يقف وراؤه"، حسب تعبيره، في رسالة تهديد واضحة لدول المنطقة.

استعراضات عسكرية لا تنتهي

كما تواصل طهران مساعيها لتطوير أسلحتها والكشف عنها في مراسم خاصة، ضمن رسائل ترهيب جلية لدول المنطقة، ومنها إعلان قائد البحرية الإيراني الأدميرال، شهرام إيراني، في الثامن عشر من يوليو، عن أن الجيش تمكن من إطلاق المسيرات من الغواصات، وهو ما يعتبر ارتقاء نوعياً ويضاعف نطاق عمليات وإشراف الغواصات.

وزعم أنه "من الخصوصيات التي تتميز بها الفرقاطات القتالية والإسناد، هي أنها تم صنعها في داخل إيران، وحتى المسيرات التي قد تتعرض لمشكلة في العمليات، إلا أن بإمكانها العودة إلى ساحة العمليات مرة أخرى"، مدعياً أن "سيطرة القوات على الساحة لمساحة مئات الكيلومترات دون أن يرصدها العدو تعتبر نقطة قوة في الحفاظ على حرمة أجواء وبحر الوطن".

اقرأ أيضاً: روسيا تسعى للتواجد ضمن مناطق مليشيات إيران في دير الزور

وتابع بالقول: "بإمكاننا إطلاق سرب من المسيرات من عدة سفن، لتنفيذ عملية محددة، حيث تقوم مسيرة بعمليات استكشافية وأخرى بعملية انتحارية"، فيما تقوم مسيرة أخرى بالإخلال بأجهزة اتصالات العدو وحتى إفشالها، كما أننا نحصل من خلال الطائرات المسيرة على الاشراف العملياتي، إذ يتم السيطرة على مساحات تقدر بالمئات بل ألف كيلومتر وأكثر في المياه البعيدة عبر المسيرات"، بينما أعلن قائد القوات البرية بالجيش الإيراني العميد كيومرث حيدري، في العشرين من يوليو، أن جيش بلاده قام بصناعة طائرات مسيرة بعيدة المدى وأكثر تعقيداً تستخدم في عمليات خارج الحدود وفي الاستطلاع والقتال.

وعليه، لا يبدو أن كل محاولات إيران، بالتظاهر بسعيها لحل أزماتها مع دول المنطقة، نابعاً من نية حسنة، وربما ما هي إلا محاولات لكسب الوقت لحين عقد اتفاق نووي جديد مع واشنطن والقوى الغربية، يكفل رفع العقوبات عنها، وبالتالي تتحرك بعدائية أكبر مما هي عليه اليوم ضد دول المنطقة.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!