الوضع المظلم
السبت ٠٩ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • نداء الزيتون على مشارف ذكرى البيان الذي اشتهر ببيان الحليب

نداء الزيتون على مشارف ذكرى البيان الذي اشتهر ببيان الحليب
ريما

 


كتب أحدهم على صفحته على الفيسبوك مناشدا وقام بالإشارة لي مطالباً بأن أكتب بيان الزيتون لعفرين، كما كتبت يوما بيان درعا الشهير "ببيان الحليب" في بداية الثورة يقول ما كتبه على صفحته ان المثقفين غضوا النظر عما يحصل في عفرين ويريد موقفاً من الفنانين والمثقفين كما حصل في بيان درعا، هذا الشخص وضع صوراً لأشخاص استشهدوا من أهالي عفرين نتيجة اعتداءات فصائل المرتزقة في المنطقة وفقاً لما نشره في البوست.


فكرت ملياً في هذا البوست وهذه الإشارة لي على صفحته، مع انه ليس من أصدقائي على الصفحة، لقد شعرت بألم عميق استرجعته الذكرى وما يمر به أهالي عفرين وكل المناطق في سوريا.


وبالعودة لبيان درعا، كان هذا البيان صفعة قوية للنظام لأنه تسبب بإحراجه ولان الموقعين كانوا من مختلف الشرائح السورية وعلى رأسهم مثقفين وفنانين، بعد هذا البيان تعرضنا لحملة من التشويه والترهيب والأذى تسبب لي برضوض نفسية لا يمكن لي أن أنساها ما حييت، كما تسببت باعتقالات وطرد من العمل لكثيرين ممن وقعوا واعتداءات وصلت حتى الضرب أحيانا لبعض الشخصيات الموقعه.. كان ذلك في مرحلة السلمية وحين كان النظام يتوقع الصمت من تلك الشريحة أو التطبيل والتزمير له وهو ما تسبب له بتلك الصفعة ومن اجل هذا قام بتلك الأفعال الهوجاء كرد فعل على البيان، البيان كتب في مثل هذه الأيام بشهر أيار من عام 2011


 


ولكن هل تصلح البيانات اليوم لأحداث أي رد فعل إيجابي او ألم لدى النظام أو فصائل المرتزقة، أو أي من الجهات المسلحة بكل تنوعاتها، والتي ارتكبت كل أنواع الانتهاكات لحقوق الانسان في سوريا وهل هناك أي شيء اليوم يحرج أي احد من منتهكي حقوق الانسان في سوريا سواء كان النظام او الفصائل المسلحة بكل انتماءاتها دون استثناء...!


 


هل تلك المقاربة صحيحة فعلاً؟ "بداية وللتوضيح" موقفي كما موقف معظم الذين اعرفهم او أتابعهم من المثقفين والناشطين والشخصيات السياسية والسوريين عموماً كان واضحاً منذ بدأت الاعتداءات على عفرين بناسها، و زيتونها، وبيوتها، وبكل حبة تراب منها، وهو ضد كل تلك الانتهاكات التي تعرض لها أهلنا المدنيين في عفرين، وأصوات النشاز لا تعبر عن رأي كل السوريين، وهو يماثل الموقف من كل الانتهاكات التي ارتكبت في كل شبر من سوريا من أي طرف كان، فاصطفافي كما الكثيرين مع الانسان والمدنيين قبل أي شيء آخر..  كم من البيانات كتبنا أو وقعنا في السنوات الماضية تلك، وكم تعرضنا للهجوم والتشهير نحن كل من قرر الوقوف الى جانب الضحايا كل الضحايا بغض النظر عن انتمائهم، وعلى أساس المواطنة، والحقوق والحريات، بنفس الطريقة التي تناولنا بها النظام في حادثة بيان من اجل أطفال درعا..


 


هل الواقع السوري اليوم يتأثر فعلا بتلك البيانات أم أن الحالة السورية برمتها باتت تقاد بإرادات إقليمية ودولية وايديولوجيات متعددة والسوريين في الحالة السورية ضحايا ومشاهدين فقط، ولم يعد فعلياً لأصواتنا أي صدى وهو ما يخنق ومع هذا فلن نصمت وسنعبر مواقفنا الواضحة ضد كل تلك الجرائم والانتهاكات..


 


هل نوفي عفرين حقها ببيان؟ علماً أننا "تلك الشريحة التي تطالبها بإصدار بيان" وقعنا على عدة بيانات تتعلق بعفرين وبكل المناطق السورية المنكوبة بالحرب والدمار والتشريد والتهجير؟ وسأجيب بالتأكيد لا لن نوفيها حقها، كما لن نوفي حلب؟ ادلب؟ حمص؟ ماذا عن المعتقلين؟ الشهداء تحت التعذيب؟ النساء الثكلى؟ المختطفين والمختطفات، الأطفال الضحايا خارج منظومة التعليم والرعاية الصحية، أو الذين يتم غسيل أدمغتهم أيديولوجيا ليفقدوا أرواحهم، أو يتم زجهم في القتال بأشكال متعددة؟ ماذا عن الفقد والحنين لأوطاننا؟ ماذا عن ضحايا الاتجار بملف اللجوء وغرق الساعين الى الحياة بالبحار.. هل البيانات ستكفي لتنصف كل هؤلاء؟ وهل ستشعرنا بأننا قمنا بأي انجاز ينصف الضحايا بكل تلك البيانات التي أصدرناها؟!


 


نحن مكلومين يا أخي بالوطن، نتشارك الغصة والألم كما زيتون عفرين وادلب، وعنب داريا والسويداء، وقمح حوران، وليمون الساحل، وفرات الجزيرة، وبردى، والسهل والجبل والغوطة، وحارات الشام العتيقة وحلب الشهباء، حبات التراب في كل سوريا تبكينا وتبكي سوريا وقد غطت الدماء والانقاض كل شيء ورحلت الأجساد وتشردت في كل المعمورة، بينما بقيت أروحنا معلقة هناك في وطن غادرناه وما زال يحتلنا. في سوريا تبكي احجار الدار التي فارقها ساكنوها واحتلها الاغراب...! ونتشارك نحن المشردون لحظة الاستيقاظ هلعاً والذكريات والمخاوف تلاحقنا حتى في الأحلام..


 


ولن يأكلنا اليأس او تصمتنا الخيبة وسنصرخ معا من أجل الانسان في كل الأوقات ولعلي سأوجه نداء جديد  لكل العالم هذه المرة يتلخص بجملة واحدة: أوقفوا القتل في سوريا نريد وطنناً يتسع لكل السوريين نعيش به بكرامتنا وحريتنا دون استبداد، وسأسمي هذا النداء نداء الزيتون لأن الزيتون كان وما زال رمزا للسلام..


 


ريما فليحان

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!