الوضع المظلم
الأربعاء ٢٤ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
نظام الملالي يلمع صورته بعفو زائف
د. محمد الموسوي

نمطية الموت والحياة والدين والإعلام والسياسة في نظام الملالي خرجت عن كل الثقافات والقيم المرتبطة بالدين الإسلامي والولاء (الحقيقي) لآل بيت المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، كذلك خرجت عن الأعراف الرشيدة التي درجت الناس عليها، وعرضت الإسلام المحمدي للتشويه وسوغت بذلك المبررات التي يستعين بها المتربصون بالإسلام الحق.

لا عدل فوق عدل الله القوي العزيز ولا رحمة فوق رحمته إذ كتب على نفسه الرحمة الرحمن الرحيم، وأما أولئك الذين يدعون خلافة الله على الأرض فهم كاذبون، وليسوا أكثر من مدعين عاجزين حتى عن دعم ادعاءاتهم حتى بأبسط أشكال الدعم، وأبرع أنواع الكذب والادعاء هو ذلك الذي يصدر على ألسنة المدعين بالدين والمذهبية والطائفية، فمن يقيم عقيدة على كذب فلن يطول مقامه ولن يبرح حتى يتدنى ويتردى في أعين العامة أما العقيدة التي حاول التسلق من خلالها لبلوغ غاياته فهي مصانة محمية ذاتياً تمثل ذاتها وتعبر عن قوتها وجوهرها بحقيقة محتواها وثباتها، وأبرز هؤلاء المدعين هم أولئك الملالي المدعون في إيران الذي بلغوا نهاية المطاف في مسيرتهم، مسيرة الجهل والكذب والدجل والبغي والإجرام، ولو كانوا أهل علم حقيقي وأصحاب بصيرة حق لما فعلوا ما فعلوه في إيران ونقلوه إلى دول المنطقة ودمروا به أربع دول عربية، هي العراق وسوريا ولبنان واليمن، وأفسدوا الأوضاع في فلسطين، ويسعون إلى إخضاع الأردن أو نسفها بمؤامراتهم وأذرعهم الخفية.. والحديث يطول ولا يحتاج لأدلة ولا شواهد.

ثقافة الموت والحياة لدينا محكومة بقدر فرضه وكتبه الخالق على البشر وسائر كائناته ومخلوقاته، أما لدى ملالي طهران فهي نمطية لها فرضيات أخرى، فالموت على سبيل المثال يسوقون الناس إليه بجهلهم وبغيهم وظلمهم وخداعهم لهم، وفي أهون الأمور إهمالهم، وفي كل ذلك لا هدف لهم سوى البقاء كثلة من الجهلة على سدة حكم بلدٍ كبيرٍ عليهم وعلى أمثالهم ولكونه كذلك فقيادته من خلالهم كسلطة غير شرعية ومفلسة في خطابها وفكرها وقيمها لن تتم إلا بنمطية الخروج الكلي عن كافة الأُطر السليمة والرشيدة بما في ذلك الخروج عن صلب الدين وحقيقته التي تقوم على الصدق والعدل والرحمة والأخلاق.

وتُذكرنا تلك النمطية التي يتبعها ملالي طهران بنمطية النمرود بن كنعان الذي اتبع هواه فبغى وكذب وقتل وتجبر وادعى.. وصحيح أن النمرود ادعى الألوهية لكنه قد يكون أهون حالاً، حيث لم تكن لديه من البينات ما لدى ملالي طهران اليوم على قلة وعيهم وإدراكهم المعرفي، هذا على الرغم من إبداعهم في إهلاك الحرث والنسل والأنشطة والأعمال الإجرامية والإرهابية، ولم يأتي من فراغ أن ينعت الشعب الإيراني ولي فقيه نظام الملالي بـ (الضحاك) والضحاك لمن لا يعرفه هو طاغية أسطوري في التاريخ الإيراني القديم كان سفاحاً سفاكاً للدماء ويستحضر المتظاهرون الإيرانيون الضحاك في مظاهراتم وشعاراتهم ويهتفون بشعار: (خامنئي يا ضحاك سنأدك تحت التراب) وذلك دليل على حجم معاناة الشعب الإيراني التي طالت وأدت إلى هذا الانفجار الشديد المتمثل في تواصل الانتفاضات الإيرانية على خطا ثورة 1979 التي لم تحقق أهدافها بعد أن سُرِقت على يد الملالي وتأججت هذه الانتفاضة في منتصف سبتمبر 2022 وما زالت متواصلة منهكة للنظام الذي يحظى بإسناد غربي حتى الآن دون أدنى اكتراث بما لحق بالمتظاهرين من قتل وخطف وقمع وإعدامات وقتل 70 طفلاً ومئات النساء والشباب بصور وحشية.     

حقيقة العفو الذي أصدره خامنئي ولي فقيه النظام الإيراني

لم يُصدر علي خامنئي كأب رحيم العفو عن عشرات الآلاف من المعتقلين الأبرياء كما ادّعى وتغنّى وتراقص به قاليباف، رئيس مجلس الملالي، وإنما هو نتيجة إخفاق الملالي في مواجهة الانتفاضة الإيرانية الجارية وعجزهم عن إدارة السجون التي اكتظت بالمساجين بأضعاف طاقتها الاستيعابية الحالية علماً بأن كافة المعتقلات ومراكز الاحتجاز في جميع أنحاء تعيش حالة بائسة بسبب تضاعف عدد السجناء والمعتقلين حتى بات النظام يحكم على بعض السجناء بقضاء مدة حكمه كإقامة جبرية في بيته مكبلاً بالأصفاد وتحت أعين السلطات، بالإضافة إلى أن السلطات اتبعت طريقة ليست بالجديدة لكنها تمادت في استخدامها ضد خصومها حتى على من هم من داخلهم أنفسهم كحوادث الدهس والتسمم وتلفيق التهم ثم الإعدام أو الأحكام المؤبدة وفي السجن يموتون، والطريقة التي يتبعونها الآن بشكل واسع هي خطف الثوار خاصة النساء من الشوارع وأمام أماكن عملهم أو فجراً من بيوتهم ومهاجع الجامعات ثم تعذيبهم والتحقيق معهم وبعد التنكيل بهم وكسر أيديهم وأرجلهم وحلق رؤوسهم وتشويه وجوههم وقتلهم يتم إلقاؤهم بالشوارع مشوهين بدلاً من إعدامهم والتعرض للإدانة من قبل نشطاء حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية وهناك حالات كثيرة من هذا القتل غير المعلن ومجهول الفاعل وهناك كثيراً من هذه الحالات وكثيراً هي الحالات المفقودة حتى الآن وستبقى مفقودة لأن الضحايا مشوهون أو مشوهات البدن والوجوه، ونتيجة للكثافة العددية التي تحدثنا عنها في السجون والتي خلقت أزمات ومشاكل معقدة داخلها، خاصة أن البنية التحتية للسجون الإيرانية في أسوأ حالاتها وتنتشر فيها الأمراض والأوبئة، ومليئة بسجناء يعانون من أمراض خطيرة وترفض السلطات علاجهم، ونتيجة لذلك وغيره طلب محسن إجئي رئيس سلطة خامنئي القضائية من خامنئي إصدار عفوٍ مشروط يضربون به عدة عصافير بحجر واحد " العصفور الأول إعلام تيار الاسترضاء والمهادنة في الغرب، والعصفور الثاني محاولة تهدئة الشارع الإيراني، والعصفور الثالث تخفيف الأزمة عن محسن إجئي رئيس السلطة القضائية.. وأسباب أخرى كثيرة" وليس الأمر كما تغنى وتراقص به قاليباف وغيره من المتنعمين بنعيم السلطة ويخشون زوال هذا النعيم.

الجانب الآخر من حقيقة هذا العفو الذي لن يشمل الغالبية العظمى من المحتجين المعتقلين في الخمسة الشهر الأخيرة وما قبلها ذلك لأن سلطة الطغيان قد وضعت شروطاً مسبقة منها أن المدانين بالتجسس وما شابه من تهم لن يشملهم العفو وتتهم سلطة الطغيان الكثير منهم بالتجسس أو العمل لصالح جهات خارجية، كما تشرط سلطة البغي تلك أن يُبدي المعتقل ندمه وكتابة تعهد خطي بذلك، وهنا يتحول حق المتظاهر المعتقل في إبداء رأيه إلى جريمة، وبإبداء ندمه وكتابة تعهد خطي يثبتون عليه جرمه ويتعرض إلى أشد العقوبات فيما بعد، هذا بالإضافة إلى كسر كبريائه وإرادته من خلال ما يُمارس عليه من تعذيب وضغوط نفسية عالية، وهنا لن يلبي أكثر المعتقلين هذا الشرط وسيبقون في السجن بكل الأحوال.

سيناريو آخر يتوقعه البعض بخصوص هذا العفو اللئيم وليس الأبوي الرحيم كما يقول الحرسي قاليباف، والسيناريو هو أن يتم العفو المشروط عن أصحاب جرائمٍ خطيرة كالقتل والمخدرات والسرقة وغيرها من الجرائم المخلة، خاصة من تقدم بهم الجهات الاستخبارية تقارير تفيد الحاجة إليهم لاستخدامهم في المساعدة على قمع المجتمع كما كانوا يستخدمونهم في المساعدة على قمع السجناء السياسيين الذين ما يزالون يقبعون في سجون النظام ويتعرضون لشتى أنواع الذل والتعذيب ويعيش بعضهم منفياً.

هذا العفو عفو مهين، فسجناء الرأي ليسوا مجرمين حتى يتم العفو مشروطاً بشروطٍ مُذلة يعتبرها النظام وزبانيته مكرمة ومنة منهم، وإن كان لديهم ذرة من العدل فليطلقوا سراح السجناء السياسيين، وفيهم المنفيون بأماكن بعيدة ومنهم المريض بأمراض صعبة وتقدم بهم العمر خاصة السجينات السياسيات اللواتي يملأن السجون والمعتقلات الإيرانية.

الكذب في الإسلام حرام.. والادعاء بالباطل حرام، والسرقة حرام والقتل حرام والمُلة حرام... وكل تلك المحرمات والموبقات جرت خروجاً وبغياً تحت مظلة نظام ما يسمونه بالجمهورية الإسلامية وقد ظلموا مبدأ الجمهورية بذلك، وظلموا الإسلام وخرجوا عنه بما لا يقبل النقاش والتفنيد.. أما الحياء فهو فريضة جميلة على كل إنسان، فهل سيستحي من يدعم الملالي ويحيد عنهم باتجاه حق الشعب وعودة الاستقرار لدول الشرق الأوسط.

 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!