الوضع المظلم
السبت ٢٣ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
هل تتجرأ إيران على مُواصلة
النووي الإيراني \ تعبيرية

طالب اليوم الخميس، جوزيب بوريل، وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، إيران بضرورة الحفاظ على الاتفاق النووي، محذراً من اقتراب تفعيل آلية لحل النزاعات لإجبار طهران على التراجع عن انتهاك الاتفاق، وذلك بعدما أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن بلاده تخصّب اليورانيوم بمعدل يفوق المعدل الذى سبق الاتفاق النووي.


فيما قال المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فريدريك دال، أن الوكالة تواصل نشاطها في إيران بعد تصريحات طهران حول بدء المرحلة الخامسة لتقليص التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، وصرّح دال للصحفيين، أمس الأربعاء إن الوكالة "على علم بإعلان إيران حول المرحلة الخامسة من تقليص التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة"، وأردف "تواصل الوكالة عمليات التفتيش والمراقبة في إيران. وكما في السابق، ستخبر الوكالة الدول الأعضاء حول تطور الوضع".


ويأتي ذلك عقب أن أعلنت إيران في الـ5 من يناير، عن تخليها عن "آخر قيد محوري في الصفقة النووية يتعلق بعدد أجهزة الطرد المركزي"، ما يعني أنه لم تبق هناك أي قيود في العمل مع برنامج إيران النووي.


رفض أوروبي..


بدورها ردت الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على اتفاق العام 2015 النووي مع إيران، على التخلي الإيراني الأخير، بإعلان تطبيق آلية فض النزاع، المنصوص عليها في الفقرة 36 من وثيقة الاتفاق، مبررة هذه الخطوة برفض إيران تنفيذ جزء من التزاماتها، فيما قال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، أمس الأربعاء، بأن الحل الوحيد لأزمة إيران يتمثل في موافقة طهران على محادثات حول اتفاق جديد موسع، وتخفيف الولايات المتحدة للعقوبات.


تعنت إيراني..


فيما رد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بأن طهران لن تعيد مناقشة الاتفاق النووي، داعيا "الترويكا" الأوروبية، المتمثلة بألمانيا وبريطانيا وفرنسا لتنفيذ التزاماتها ضمن الاتفاق، وكتب ظريف على "تويتر"، الأربعاء: "أبلغت مؤتمر (رايسينا 2020) بأن إيران تثق بالدبلوماسية، ولكن ليس بإعادة مناقشة قرار مجلس الأمن الدولي الذي اتفقنا عليه مع 6 حكومات والاتحاد الأوروبي"، وتابع: "لم نوقع (صفقة أوباما) لنعمل على (صفقة ترامب) الآن، وحتى لو كان الأمر كذلك، من سيقول إننا لن نحتاج إلى صفقة بايدن أو ساندرز أو وارين العام المقبل؟".


الانسحاب الأمريكي..


وكانت الولايات المتحدة قد أعادت فرض عقوبات واسعة النطاق ضد إيران، اعتباراً من يوم 7 أغسطس/ آب عام 2018، والتي كانت معلقة في السابق نتيجة للتوصل إلى خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني بين إيران والسداسية الدولية (روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا)، والتي انسحبت منها الولايات المتحدة في مايو/ أيار 2018، وعليه دخلت العقوبات الأمريكية الإضافية ضد إيران حيز التنفيذ، مغطيةً صادرات النفط، في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2018.


مطالبات أمريكية..


ولطالما دعا الأمريكيون الجانب الإيراني إلى التخلي عن البرنامج النووي الخاص بها، ففي مايو العام 2018، (عقب الإنسحاب الأمريكي من الإتفاق النووي الإيراني للعام 2015)، قال وزير الخارجية مايك بومبيو إن الولايات المتحدة مستعدة للرد إذا قررت إيران استئناف برنامجها النووي، وقال في تصريحات لخص فيها مطالب واشنطن لإيران ”إن مطالبنا لإيران معقولة: تخلوا عن برنامجكم“، وتابع ”إذا قرروا العودة (للبرنامج النووي) وإذا شرعوا في تخصيب (اليورانيوم) فإننا أيضاً مستعدون تماماً للرد“.


وقال بومبيو خلال عرضه "الاستراتيجية الجديدة" للولايات المتحدة بعد القرار المثير للدهشة الذي أعلنه الرئيس دونالد ترامب في الثامن من أيار/مايو 2018، "لن يكون لدى إيران مطلقاً اليد الطولى للسيطرة على الشرق الاوسط"، منتقداً التهاون في اتفاق 2015 كما يفعل ترامب دائماً.


عوامل الخصومة..


وتوجد عوامل عديدة تنتقد فيها واشنطن طهران بشدة، ولعل أبزرها حلفها مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، وحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، لكن بومبيو ابدى حينها انفتاحاً، قائلاً في مايو 2018، إنه مستعد للتفاوض مع الإيرانيين على "اتفاق جديد" أوسع بكثير لكن أكثر صرامة بهدف "تغيير سلوكه"، وأضاف إنه "في مقابل القيام بتغييرات كبيرة في إيران، فإن الولايات المتحدة مستعدة" لرفع العقوبات في نهاية المطاف و"اعادة جميع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع إيران" و "دعم" الاقتصاد الإيراني.


وأوضح بومبيو أن هذا لن يحدث إلا بعد "تطورات ملموسة يمكن التثبت منها مع مرور الوقت"، وحدد قائمة تضم 12 شرطاً قاسياً للتوصل الى "اتفاقية جديدة"، وفي الشق النووي، تتجاوز مطالب الولايات المتحدة اتفاقية عام 2015 التي لا تنوي واشنطن "إعادة التفاوض بشأنها"، اذ يجب أن توقف إيران كل تخصيب لليورانيوم وتغلق مفاعل الماء الساخن الخاص بها وتمنح المفتشين الدوليين حق الوصول غير المشروط إلى جميع المواقع في البلاد، وقال إنه يجب على طهران أيضاً وضع حد للصواريخ البالستية واطلاق أو تطوير صواريخ ذات قدرات نووية.


إلى جانب الإنسحاب من سوريا والتوقف عن التدخل في نزاعات المنطقة (اليمن) ووقف دعم المليشيات كـ (حزب الله والجهاد الاسلامي وحركة طالبان أفغانستان والقاعدة)، والتدخل في شؤون جيرانها كما هي الحال في العراق أو لبنان، أو تهديد الآخرين مثل إسرائيل أو السعودية.


اتهامات إيرانية..


لكن لم يظهر الإيرانيون رضىً عن جملة المطالبات الأمريكية الآنفة الذكر، وعليه تحدثوا باستمرار عن تآمر أمريكي لإسقاط نظام الحكم في طهران، وهو ما ذهب إليه الرئيس الإيراني حسن روحاني في الرابع عشر من أكتوبر 2018، عندما إتهم في كلمة بثها التلفزيون الرسمي، الولايات المتحدة بالسعي إلى تغيير نظام الحكم في إيران، وإن الولايات المتحدة تستخدم الحرب النفسية والاقتصادية وتشكك في شرعية الجمهورية الإسلامية لإحداث تغيير في نظام الحكم في إيران، قائلاً: ”تقليل شرعية النظام هو هدفها (الولايات المتحدة) النهائي، عندما يقولون التخلص من، أو تغيير النظام على حد قولهم، كيف يحدث تغيير النظام؟ عن طريق الحد من الشرعية وبغير ذلك لا يتغير النظام“.


تحضيرات عسكرية..


الإصرار الإيراني وعدم استجابته للعقوبات الاقتصادية، دفع الأمريكيين في مايو 2019، إلى التأكيد على احتمالية إرسال آلاف الجنود الإضافيين إلى الشرق الأوسط على خلفية التوتر مع إيران، وفي هذا السياق، أفادت وكالة “رويترز”، استناداً إلى مسؤولين أمريكيين اثنين، بأن البنتاغون يدرس طلب إرسال 5 آلاف جندي إضافي إلى الشرق الأوسط، وأوضح المسؤولان أن الطلب وجهته القيادة المركزية للقوات الأمريكية المسلحة، والتي تتحمل المسؤولية عن عمليات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأسيا الوسطى وصنفتها إيران إرهابية، رداً على إدراج واشنطن الحرس الثوري الإيراني في قائمتها للمنظمات الإرهابية.


من جانبها، نقلت شبكة “CNN” بداية مايو 2019، عن مصادر لها، في تقرير حصري، أنه “من المقرر أن تطلع وزارة الدفاع الأمريكية مسؤولين رفيعي المستوى من الأمن القومي الأمريكي على خطة لإرسال آلاف الجنود الإضافيين إلى الشرق الأوسط، وذلك في إطار ردع إيران في ظل التوترات المتزايدة بين واشنطن وطهران”، وبينت “CNN” أن القوات، التي ستطرح قضية إرسالها إلى المنطقة، تشمل “صواريخ باليستية ومنظومات دفاعية وصواريخ توماهوك على غواصات وسفن، بالإضافة إلى القدرات العسكرية الأرضية من أجل ضرب أهداف بعيدة المدى”، مضيفة أنه لم يقرر بعد نوع هذه الأسلحة.


تشغيل أجهزة الطرد..


واستمراراً للعناد الإيراني، قالت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في التاسع من نوفمبر الماضي، إنها شغّلت 1044 من أجهزة الطرد المركزي المتطورة في مفاعل فوردو، وأشار "بهروز كمالوندي" المتحدث باسم المنظمة في مؤتمر صحفي: "شغّلنا 1044 جهازاً للطرد المركزي المتطور في مفاعل فوردو، وسنوسع إنتاج الطاقة في مجمع فوردو خلال الأسابيع المقبلة"، مردفاً: "سوف يتحقق مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم غد من عينات من اليوارنيوم المخصب في مفاعل فرودو".


وكان واضحاً أن لروسيا دوراً فيما يجري، حيث توجه كمالوندي، بالشكر إليها للمساعدة في تطوير البرنامج النووي الإيراني، بالقول: "إيران تمكنت من فصل العناصر القيمة عن العناصر الثقيلة، ونشكر روسيا التي قامت بمساعدتنا في هذا المجال"، و"سوف نعلن للعالم غداً أننا خطونا خطوات مهمة في برنامجنا النووي".


تحذيرات روسية..


ورغم التشكر الإيراني لروسيا، حذّرت الأخيرة في نوفمبر الماضي، على لسان سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي، من عواقب وخيمة للانهيار المحتمل للاتفاق النووي مع إيران، مشيراً إلى أن ذلك إن حصل سيؤدي إلى تصعيد حدة التوتر في العالم وقد يتحول إلى صراع مفتوح، وأضاف في كلمة ألقاها في مؤتمر حظر الانتشار النووي الذي استضافته موسكو: "لن يستفيد أحد، لا إيران ولا الولايات المتحدة ولا أوروبا ولا بقية العالم، من انهيار خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني، لأن اشتداد حدة التوتر المحفوف باندلاع صراع مفتوح، سيعود بعواقب وخيمة حول العالم بحيث سيؤثر على الاقتصاد وسيضرب أسواق السلع الأساسية والمالية"، متابعاً: "الانهيار النهائي المفترض للاتفاق النووي بأكمله سيؤدي إلى نشوب أزمة كبرى جديدة في الشرق الأوسط"، مضيفاً أن موسكو تأمل بأن تدرك واشنطن خطورة الحالة".


دعوات أوروبية..


وعقب توجيه واشنطن ضربة قاصمة لإيران عبر استهداف قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني في الثالث من يناير الجاري، قالت طهران إنها تخلت عن جميع التزاماتها بموجب الاتفاق النووي المبرم بين إيران والسداسية الدولية، لتوجه كل من برلين وباريس ولندن، في السادس من يناير دعوة إلى إيران للتخلي عن الإجراءات التي تتعارض مع الاتفاق النووي للعام 2015، كما دعتها للامتناع عن "الأعمال العنيفة" انتقاماً لمقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني.


لكن إيران لم تستجب للدعوة الأوروبية وأعلنت تخليها عن جميع القيود على أنشطتها النووية بموجب الاتفاق النووي المبرم بين إيران والسداسية الدولية، وأشار بيان للحكومة الإيرانية: "الخطوة الخامسة والنهائية تنص على التخلي عن جميع القيود المفروضة على أنشطتنا النووية بموجب الاتفاق النووي بما في ذلك مستوى تخصيب اليورانيوم وكمية اليورانيوم المخصب وعدد أجهزة الطرد المركزي".


وقالت في بيانها أيضاً أن السلطات الإيرانية مستعدة للعودة إلى تطبيق جميع التزاماتها بالاتفاق النووي في حال رفع العقوبات الأمريكية، وأنه تم إبلاغ منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بتنفيذ الخطوة الخامسة بالتنسيق مع رئيس البلاد.


لا سلاح نووي لإيران..


الانتقام الإيراني المزعوم، رد عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتأكيد على أن إيران لن تحصل على سلاح نووي مطلقاً، ونشر ترامب تغريدة على "تويتر" قال فيها: "إيران لن تحصل على سلاح نووي مطلقاً"، فيما صرّحت كيليان كونواي مستشارة البيت الأبيض، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لا يزال مستعداً لمناقشة صفقة جديدة مع إيران بشأن برنامجها النووي، وقالت خلال إجابتها عن سؤال عما إذا كان ترامب لا يزال يؤيد التفاوض مع إيران، وقالت كونواي: "ترامب أعلن أنه منفتح على اللقاء. إذا أرادت إيران أن تبدأ في التصرف كدولة طبيعية، فإنه بالطبع وبلا شك سيقدم على التفاوض".


ومن غير الواضح تماماً إن كانت إيران قادرة حقاً على مواصلة عنادها للقوى الدولية، خاصة عقب أن تلقت ضربة قوية في مركز حكمها عبر مقتل سليماني، والتي ساهمت إلى حد كبير في كسر شوكتها وتدمير هيبتها، وبالتالي لن تُغامر طهران في الغالب بخسارة المزيد عبر تصعيد غير مضمون العواقب، كونها أيقنت أن النتائج ستكون أكبر من تحملها.


ومن المهم الإشارة إلى أن إيران قد خسرت مع سليماني جزءاً هاماً من مشروعها التوسعي، ولعل ما هو مطلوب منها الآن، لملمة من تبقى منه إلى داخل الحدود الإيرانية، والإلتفات إلى الشأن الداخلي، والكف عن الإستعراض النووي، تفادياً لحرب لا يبدو أنها كانت مُستعدة لها في أقوى حالاتها مع سليماني، فكيف وهي بدونه الآن.


ليفانت-خاص


متابعة وإعداد: أحمد قطمة

كاريكاتير

قطر تغلق مكاتب حماس

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!