الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
هل عند الدبلوماسي الجواب؟
إبراهيم جلال فضلون (1)

سألني الدبلوماسي إن كنت أرى نقاط تشابهٍ بين الغزو الروسي لأوكرانيا والغزو العراقي للكويت. استغربت وأجبت أنَّ كلاً من الحدثين وقع في عالم مختلف ومنطقة مختلفة. ثم إنَّ روسيا ليست العراق. وفلاديمير بوتين ليس صدام حسين. ويفترض أن آلية صُنع القرار في موسكو الحالية مختلفة عنها في بغداد صدام.

ثم إنَّ روسيا دولة نووية وعضو دائم في مجلس الأمن. طبعاً مع الإشارة إلى أنَّ الغزو العراقي لامس عصب سلعة حيوية للعالم هي النفط، في حين تلامس الحرب الروسية في أوكرانيا عصب سلعتين حيويتين للعالم هما الغذاء والطاقة.. هكذا افتتح أستاذنا غسان شربل، رئيس تحرير "الشرق الأوسط"، مقالته المُعنونة بـ (روسيا الخائفة.. روسيا المخيفة).

فتراءت لي فكرتها العصية إن جاز لي تحليلها، أولاً سوف لا أسأل عن الدبلوماسي ولا يعنيني، ولكن نقاط التشابه بين الغزوتين المذكورتين أختلف معه عنهما إلا في الموقع الجغرافي وطبيعة الدولتين، لكن من حيث منظور كلا الرئيسين كان واحداً هو (الغزو والاحتلال بل التدمير والدمار والسلب والابتزاز)، على الرغم من تفوق بوتين في دماره الشامل لأوكرانيا، الجارة والصديقة في الاتحاد السوفياتي.. وقد اعتبر صدام -رحمهُ الله- والذي أُخذ غدراً بخيانة من حوله، أن الكويت عراقيّة، كما اعتبر بوتين أنّ أوكرانيا روسية. وكان ذلك أحد أهداف الغزوة التي يتفق عليها جميع الخبراء والسياسيين بالعالم.

أتفق معك سيدي أن بوتين ليس صداماً، ولكن ماذا لو اختلفت الأمور باختلاف الوقت والطريقة الحربية وحساباتها، إذا وصل بوتين لمقعد صدام أو القذافي وكانت نهايته مثل أحدهما مع وضع فارق الوقت بالحسبان، وخاصة مع العقوبات ودخول فنلندة والسويد حلف الناتو وبالتالي حصار روسيا، إضافة لتحييد روسيا في كافة منظمات وهيئات مجلس الأمن وغيرها، مما جعلها منبوذة، والآن تتألم من فكرتها المُتهورة، سياسياً واقتصادياً، بسبب شخص واحد هدد مكانة الكرملين وأهان شعبها ومكانتهم.. ذلك الشعب الروسي الذي كانت تحترمه الشعوب، والآن ماذا جنى سيدي غسان بسبب غزوة "نيرون روسيا"؟ ذلك الذي كانت حياته حافلة ليُنهيها بجرائم حرب، ويجعل من ندّه الأوكراني بطلاً بعدما كان فنياً "مُمثلاً"، فنهايته بذلك أسوأ من إعدام الشهيد صدام.

بل وإني أتفق أن العراق ليست نووية وكان سبب غزوها ذلك بادعاء كاذب، لكن غزت وقامت بالفعل، كما غزا وأرهب العالم بوتين الذي أحسبك مدافعاً عنهُ، إن لم يخنّي الظن.

وها قد قلت سيدي إن "الغزو العراقي لامس عصب سلعة حيوية للعالم هي النفط، في حين تلامس الحرب الروسية في أوكرانيا عصب سلعتين حيويتين للعالم هما الغذاء والطاقة".. إذا هي غزوة بكل تفاصيلها، بل إبادة لم ترها الإنسانية منذ الحربين العالميتين.. وأتفق أيضاً أن كلا الغزوتين اشتركتا في الذهب الأسود ولكن من قال إن أية حرب تندلع لا تُلامس الغذاء، فكل الحروب نارها الخراب والتشريد وبالتالي الجوع والموت.

مبعث القلق أنّه لا تمر لحظة إلا ونسمع أو نقرأ تهديداً ووعيداً بالزر النووي، وقد استخدمه بوتين بصوره المصغرة في أوكرانيا، وإن كان قادراً وبعد كل هذا الخراب الذي ساوى بها مُدناً بالأرض لم يستطع التقدم، وهنا يقول العامة (روح موت أحسن)، أي بوتين المشلول وهو يتشدّق بالنووي أو رئيس كوريا الشمالية بجنونه أو غيرهما، وكأننا في زمن يُعيد إلى الأذهان أسطورة شمشون الجبار، وهدم المعبد وقت الغضب فوق رؤوس الجميع.. ليت (نيوتن ووبرت أوبنهايمر وأينشتاين) وكل من لهم علاقة نووية كان موجوداً وأعطانا الحل، وأخرجنا من بوتقة الخوف الذرية.. وقد يكون عند الدبلوماسي الجواب ونحنُ في القرن الحادي والعشرين.

تحياتي وأعتذر عن تحليل فقرة واحدة لضيق المجال، ولكني قارئ لكم محب لقلمكم.
 

ليفانت – إبراهيم جلال فضلون

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!