-
(واشنطن.. لندن وبرلين).. بين إدراك خطورة الإخوان والإحجام عن تصنيفها إرهابيّاً
منذ بداية العام 2020، كثرت الأحاديث عن تنظيم الإخوان المسلمين واحتمالات تصنيفه على لائحة المنظمات الإرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة من بلدان الاتحاد الأوروبي، ومنها بريطانيا وألمانيا، ورغم أنّ نهاية العام قد اقتربت، دونما بلوغ ذلك المسعى، لكن ذلك حصل في بلدان أكثر ضمن الشرق الأوسط، كالسعودية، التي أصدر علماؤها بياناً صريحاً مدنياً للتنظيم، ما يفتح المجال بشكل أوسع للسير على الدرب عينه في الغرب، خاصة أنّ الحديث عن ذلك قد جرى سابقاً. الإخوان
واشنطن كانت خطّطت لذلك
ففي منتصف يناير، قالت الإدارة الأمريكية، إنّ إدراج جماعة الإخوان على قائمة الإرهاب أصبح وشيكاً، وهو الأمر الذي تسبب في حالة من الارتباك داخل صفوف التنظيم، حيث أشار مراقبون وقتها أنّ تلك خطوة ستعصف بقايا التنظيم، وتُقلّص مساحة تواجده في العالم، كما أنّها ستشجع دولاً أخرى على اتخاذ قرارات مماثلة تضيّق على الجماعة، وتُجفّف منابع تمويله.
وبالصدد، حذّرت مجلة ناشيونال إنترست، في نهاية يناير، الإدارة الأمريكية من خطورة التحالف القطري ـ التركي على مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مشيرة في تقرير لها إلى أنّ العلاقة الوثيقة بين البلدين وتحركاتهما لتشكيل محور متطرّف وداعم لكيانات إرهابية وتنظيمات مسلحة تستوجب تدخل أمريكي عاجل، وقالت المجلة الأمريكية فى تقرير لها، إنّ تركيا وقطر أصبحتا “إخوة” في متابعة المشاريع المشتركة في التمويل غير المشروع وتقوية الأفكار المتطرّفة لذا تحتاج واشنطن إلى العمل على إيجاد طرق استجابة متعددة الجوانب لإجبار أنقرة والدوحة على التوقّف عن هذه الأفعال.
وأضافت في التقرير، الذي كتبه بايكان إرديمير، البرلماني التركي السابق، والمدير الأول لبرنامج تركيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وفارشا كودوفايور، الباحثة بالمركز، أنّ التحركات القطرية ـ التركية ساهمت في انتشار العنف الطائفي في الشرق الأوسط بخلاف انتشار الإرهاب وحالة كبيرة من الفوضى، موضحة أنّ هذا التحالف يقابله كتلة مضادة من كلاً من المملكة العربية السعودية والإمارات.
وقالت “ناشيونيال إنترست” إنّ القاسم المشترك الذي يجمع قطر وتركيا هو دعمهما لأيديلوجية جماعة الإخوان الإرهابية، حيث يمتلك حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تاريخاً طويلاً من العلاقات الوطيدة مع جماعة الإخوان، أما قطر فهي من أبرز ممولي التنظيم الدولي للجماعة الإرهابية ومن رعاة أنشطتها المتطرّفة، وتابع التقرير أنّه على الرغم من أنّ تركيا وقطر حلفاء شكليين للولايات المتحدة، ويستضيفان بالفعل قواعد أمريكية، إلا أنّ الواقع يؤكد أنّهما يعملان جنباً إلى جنب لتعزيز أجندة متطرّفة مزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
أما بريطانيا فلها قصة أخرى
فقد دعا السياسي البارز أندرو روزينديل، النائب عن حزب المحافظين في البرلمان البريطاني، نهاية أبريل، وزراء الحكومة إلى الإجابة عن التساؤلات حول تزايد أنشطة تنظيم الإخوان في ظلّ تفشي فيروس كورونا، وتساءل النائب روزينديل أمام البرلمان بشأن المستويات المتنامية من أنشطة تنظيم الإخوان في كل من بريطانيا والعالم، وتكلم النائب عن المخاوف من أنّ “التنظيم الإرهابي” قد يكون استفاد من جائحة كورونا لتوسيع نفوذه في أكثر من مكان في العالم، بما في ذلك المملكة المتحدة، إذ استفسر النائب روزينديل من وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتل، عن التقييم الذي أجرته بخصوص زيادة نشاط تنظيم الإخوان في بريطانيا بسبب الانكماش الاقتصادي في ظلّ انتشار فيروس كورونا.
برلين الأكثر تأثراً
وفي ألمانيا، قرّرت حكومة ولاية هيسن، وسط ألمانيا، نهاية أبريل، طرد الاتحاد الإسلامي التركي “ديتيب”، المشرف على حصص تدريس الدين، من مدارسها، بسبب خضوعه لرئيس النظام التركي، رجب طيب أردوغان، وعلاقته بالإخوان، رغم أنّه كان من المعروف أنّ حكومة هيسن، من أكثر الولايات الألمانية تعاوناً مع ديتيب، إذ كانت تُسند للاتحاد التركي تولي مهمة تدريس مادة الدين في 56 مدرسة ابتدائية و12 مدرسة ثانوية على أراضيها منذ 2012، رغم الانتقادات الكبيرة لهذه التعاون.
فيما عرضت المخابرات الداخلية الألمانية في ولاية بادن فورتمبيرغ، منتصف يونيو، تقريرها السنوي بخصوص المنظمات التي تشكل خطراً على الأمن الداخلي للولاية، حيث تطرّق التقرير لتنظيم الإخوان المسلمين الذي بلغ عدد المنتمين له في الولاية مئة وتسعين شخصاً، ونهاية يوليو، نّبه الدستوريون من توسع نفوذ جماعة الإخوان المسلمين في ألمانيا، مشيرين أنّ مسعى المتطرفين الإسلاميين هو التوغل داخل المجتمعات الغربية وإقامة دولة دينية إسلامية، وفق ما أوردته صحيفة “شتوتغارتر تسايتونغ” الألمانية، خلال تقرير للكاتب ميشيل فايسينبورن.
أكثر خطورة من السلفيين
وفي نهاية أغسطس، قدم بوركهارد فراير، رئيس مكتب حماية الدستور في ولاية شمال الراين-وستفاليا (LfV)، شهادته في البرلمان متحدّثاً عن الإسلام السياسي كونه أكثر خطورة من السلفيين على المدى الطويل، بالقول إنّه و“منذ سنوات، كانت الأجهزة الأمنية في ألمانيا تُحذّر بشكل أكثر إلحاحاً من تهديدات الإخوان المسلمين، لكن لا يبدو أنّ هذا قد وصل إلى السياسة”.
وقد تطرّقت لجنة الداخلية في مجلس النواب لتقرير LFV السنوي، إذ عقّب السيد فراير على عدد من أسئلة المعارضة، وكان التركيز على العدد المتزايد من أنصار جماعة الإخوان المسلمين في ولاية شمال الراين وستفاليا الألمانية (NRW)، ونبّه فراير مرة أخرى من أنّ “الإسلاموية الشرعية أكثر خطورة على الديمقراطية والمجتمع على المدى الطويل من السلفية”.
لكن، وعلى الرغم من إدراك هذه المعلومات وغيرها، عن تنظيم الإخوان المسلمين، والأهداف التي يسعى إليها، والتي هي بعيدة كلياً عن جوهر الدين الإسلامي، إذ ينحصر عمل التنظيم على السعي للصعود إلى السلطة وتقّلد قيادة الدول، ما يزال تصنيف هذه الجماعة كتنظيم إرهابي، كما هو الحال في كثير من الدول العربية، وعلى رأسها مصر والسعودية والإمارات، بعيداً عن سلّم أولويات تلك الدول، وهو ما يفتح باب السؤال حول ما قد يحمله العام القادم، إن كان تكراراً للتقارير السابقة دون فعل للتصدّي لها، أم أنّ الأوان قد حان لمُحاسبة التنظيم، كما هو الحال مع ربيبتهم أنقرة، التي بدأت تتجه لمُواجهة العقوبات الأوروبية-الأمريكية المتزامنة.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
قطر تغلق مكاتب حماس
- November 11, 2024
قطر تغلق مكاتب حماس
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!