-
واشنطن وإيران واستراتيجية التودد
أرست إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، استراتيجية متكاملة الأركان تجاه التعامل مع إيران يمكن النظر لهذه الاستراتيجية بأنها تقوم على أساسيات القوة الذكية التي تمزج بين القوة العسكرية وأدوات الجغرافيا الاقتصادية، بجانب إعادة العقوبات الاقتصادية على إيران. سعت إدارة ترامب في تعزيز وجودها العسكري في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي أحدثت تغييراً مهماً في الخطاب السياسي الأمريكي، حيث لم تعد القوة العسكرية مجرد خيار على الطاولة الأمريكية كما ظل ذلك لعقود، بل أصبح خياراً فاعلاً على الأرض.
كانت أساليب القوة الذكية التي سعت إدارة ترامب إلى انتهاجها تجاه إيران بالمزج بين القوتين، العسكرية والاقتصادية، كان يمكن أن تقود إلى إصلاح أفسدته إدارة باراك أوباما، والتي أنتجت اتفاقاً نووياً سيئاً ساهم إلى حد كبير في إطلاق الذراع الإيرانية في المنطقة، وأيضاً كان يمكن أن تساهم هذه الاستراتيجية التي انتهجتها إدارة ترامب في أن تقود إلى اتفاق بشأن الملف النووي الإيراني، يأخذ بعين الاعتبار المشروعات الفوضوية الإيرانية في المنطقة.
ولكن هذه الاستراتيجية تبخرت بمجيء إدارة جو بايدن التي بدا واضحاً عليها أن تسعى إلى بناء اتفاق مع إيران عبر سياسة التودد، فمن جهة تستعدّ لإلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، ومن جهة أخرى تسعى لتخفيض وجودها العسكري في المنطقة من خلال الخطوة التي اتخذتها بسحب 8 بطاريات لمنظومة باتريوت الأمريكية من منطقة الشرق الأوسط، وهي خطوة تريد منها واشنطن إرسال رسالة لإيران مضمونها التودد وأن طريقة تعامل إدارة بايدن سيكون عنوانها الرئيسي التهدئة بدلاً من استراتيجية ترامب التي كان عنوانها الرئيسي هو ممارسة أقصى ضغط على إيران.
الخطوات التي اتخذتها إدارة بايدن هي بلا شك لا تختلف عن إدارة بارك أوباما والتي جميعها تدفع إلى إرساء قواعد استراتيجية قائمة على المهادنة تجاه إيران، وبالتالي فإنّ هذه الاستراتيجية الأمريكية الهشة تجاه إيران قد تعالج بعض الأمور فيما يخص الملف النووي الإيراني، لكنها من جهة تخدم المشروع الإيراني الذي عرضته إيران على الولايات المتحدة العام 2003، والذي يتضمن الاعتراف بها كقوة إقليمية. واشنطن
الاعتراف الأمريكي بإيران كقوة إقليمية ليس بالأمر الصعب على إدارة بايدن، فقد سبق وأن اعترفت إدارة أوباما بإيران كقوة إقليمية، لعل المتابع لطريقة تعاطي إدارة بادين مع إيران وملفات المنطقة يجد أن إدارة جو بايدن لا ترى حرجاً في أن تجعل من إيران شريكاً في حلحلة الأزمات، ولعل زيارة المبعوث الأممي إلى إيران لبحث الملف اليمني تكشف بوادر النوايا السياسية الأمريكية في عدم إقصاء إيران من ملفات المنطقة، وبالتالي الانتقال بها من أن تكون طرفاً في مشاكل المنطقة، كما هي النظرة السائدة إقليمياً تجاه إيران، إلى أن تكون طرفاً في حلحلة قضايا المنطقة.
طريقة أداء إدارة الرئيس جو بايدن تجاه الملف الإيراني يضع الكثير من التحديات أمام دول المنطقة، وبخاصة دول الثقل العربي (السعودية، ومصر) التي يقع على عاتقها الكثير من المسؤوليات للحفاظ على الأمن القومي العربي، والتي تجد نفسها مجبرة على أن تتحرّك باتجاه معالجة هذه التحديات التي تطلق الذراع الإيرانية الإرهابية في المنطقة، ما يهدّد بالتالي المنطقة بالمزيد من الفوضوية التي لم تعد تحتملها المنطقة التي لم تتعافى بعد من تأثيرات الربيع العربي، والتي أدت هذه التأثيرات لتقويض الأمن والاستقرار في المنطقة، وخلقت الكثير من التحديات أمام النظام الإقليمي. واشنطن
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!