-
Syria and the Greatest Challenges of the Future

في الخامس عشر من آذار/مارس عام ٢٠١١، انطلقت ثورة الكرامة في سوريا، حلمٌ بدأ بصوتٍ واحدٍ ثم تبدد في صرخات ملايين السوريين الذين طالبوا طويلاً بالحرية والعدالة والكرامة. هذه الثورة، التي بدأت بأمل، سرعان ما تحولت إلى بحرٍ من الدماء وألمٍ لا ينتهي. واليوم، وبعد أربعة عشر عاماً، تُحيي سوريا ذكرى تلك اللحظة التاريخية، لكن إحياء هذه الذكرى هذا العام يختلف تماماً عن كل ما سبقه. هذا العام، تأتي الذكرى بتحولٍ تاريخيٍّ كبير، تميّز بسقوط نظامٍ تسبب في تدمير الوطن وقتل الأبرياء وتشريد العائلات، حيث عانى الشعب السوري أهوالاً لا تُصدق، لا تُدرك إلا بدموع قلبٍ انكسر على وطنٍ كان يوماً ما من أجمل بقاع الأرض. ومع السقوط، تنفتح أبواب الأمل لمستقبلٍ جديدٍ قد يُشكّل بداية الجمهورية السورية التي طالما حلم بها شعبها.
مع انقشاع الغيوم التي كادت أن تخنق الأنفاس، تقف سوريا على أعتاب مرحلة جديدة، مرحلة تشرق فيها الشمس لأول مرة بعد سنوات من الظلام. واليوم، تتولى الإدارة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع مهمة بناء وطن جديد وتأسيسه، ليس كما كان في السابق. لكن، وكما هو الحال في كثير من الأحيان خلال الثورات، فإن طريق السلام والاستقرار ليس مفروشًا بالورود، بل هو مليء بالتحديات التي تتطلب عزيمة وإرادة قوية للانتقال إلى مرحلة جديدة، بعيدًا عن الدمار والصراعات التي أثقلت كاهل الشعب السوري لأكثر من عقد.
من أبرز التحديات التي تواجه الإدارة الانتقالية إعادة إعمار سوريا المدمرة. ففي ظل الدمار الذي حل بالبلاد، من دمار واسع النطاق في المدن والقرى، وتدمير للبنية التحتية، لا بد من إعادة إحياء المؤسسات الحكومية التي كانت تحت حكم نظام قمعي، فشل لسنوات في تلبية احتياجات المواطنين. إن إعادة بناء ما دمرته سنوات الحرب تتطلب جهدًا جماعيًا من جميع القوى الوطنية السورية، وتعاونًا دوليًا لمساعدتها على العودة إلى مسار الدولة الطبيعية. لا يقتصر التحدي على إعادة إعمار المدن، بل يمتد إلى إعادة بناء الثقة بين الشعب والسلطة التي دُمّرت على مر سنوات من الظلم. ستكون هذه مهمة جسيمة، لكن السوريين الذين عاشوا الحزن والدمار لا يمكنهم الاستسلام مجددًا للواقع المرير.
لذا، نُدرك أن التحديات الكبرى تكمن في كيفية تحقيق توافق وطني بين مختلف المكونات السورية. فرغم الوحدة التي جمعت السوريين في سعيهم لإسقاط النظام، إلا أن الأزمة عمّقت الهوة بين العديد من الفئات المجتمعية، كاشفةً عن انقسامات عرقية وطائفية. سوريا موطنٌ لجنسيات وأديان متعددة، ولكل مكون همومه وتطلعاته. إلا أن التحدي الأكبر يكمن في كيفية توحيد هذه المكونات وبناء جسور الثقة بينها. في هذه اللحظة التاريخية، ورغم مرارة التضحيات، يجب أن يكون الأمل هو الرابط الذي يوحد الشعب السوري. على الجميع، من الشام إلى الأكراد، ومن العلويين إلى السنة، ومن المسيحيين إلى الدروز، أن يُدركوا أن نجاح سوريا الجديدة لا يتحقق إلا بإشراك جميع المكونات السياسية والاجتماعية في العملية الانتقالية. فالوحدة الوطنية لا تعني طمس الهوية أو الدمج القسري، بل تعني التعايش بسلام والاعتراف بحقوق الجميع في حياة كريمة يسودها العدل والمساواة.
من أبرز التحديات التي تلوح في الأفق القلق الذي عبر عنه المكون الكردي تجاه الإعلان الدستوري. فالأكراد في سوريا، الذين عانوا طويلاً من التهميش والقمع، يشعرون بقلق بالغ من تهميشهم مجدداً في الدستور الجديد. ويطالب الأكراد بضمانات واضحة لحقوقهم الثقافية والسياسية، وفي مقدمتها حقهم في التعليم بلغتهم، والتمثيل السياسي في المؤسسات الوطنية، والحكم اللامركزي في مناطقهم. هذه المطالب ليست مجرد رغبات سياسية، بل حقوق مشروعة لشعب عانى من القمع لعقود. لذا، فإن معالجة هذه المخاوف تتطلب من الإدارة الانتقالية الدخول في حوار جاد مع جميع الأطراف، والاعتراف بخصوصية كل مكون، وخاصة الأكراد، باعتبارهم فاعلين أساسيين في بناء مستقبل سوريا. إلا أن هذه الحقوق تبقى رهينة حصول السوريين على ضمانات حقيقية للعيش معاً في وطن يتسع للجميع.
في هذه الأثناء، يلعب الدور الإقليمي والدولي دورًا هامًا في دعم استقرار سوريا الجديدة. وعلى القوى الإقليمية والدولية التي شاركت، بشكل أو بآخر، في الملف السوري - سواءً بالتدخل المباشر أو بدعم جهات معينة - أن تتحمل مسؤولياتها في دفع عجلة العملية الانتقالية. قد تتباين المصالح الإقليمية والدولية، لكن التنسيق بين هذه القوى يبقى ضروريًا لتجنب الفوضى وضمان استقرار البلاد. وللقوى الإقليمية كتركيا وإيران والسعودية، وكذلك القوى الدولية كالولايات المتحدة وروسيا، دورٌ هام في إرساء دعائم السلام في سوريا.
بقلم: عزيز الدين ملا
Tags
You May Also Like
Popular Posts
Caricature
BENEFIT Sponsors BuildHer...
- April 23, 2025
BENEFIT, the Kingdom’s innovator and leading company in Fintech and electronic financial transactions service, has sponsored the BuildHer CityHack 2025 Hackathon, a two-day event spearheaded by the College of Engineering and Technology at the Royal University for Women (RUW).
Aimed at secondary school students, the event brought together a distinguished group of academic professionals and technology experts to mentor and inspire young participants.
More than 100 high school students from across the Kingdom of Bahrain took part in the hackathon, which featured an intensive programme of training workshops and hands-on sessions. These activities were tailored to enhance participants’ critical thinking, collaborative problem-solving, and team-building capabilities, while also encouraging the development of practical and sustainable solutions to contemporary challenges using modern technological tools.
BENEFIT’s Chief Executive Mr. Abdulwahed AlJanahi, commented: “Our support for this educational hackathon reflects our long-term strategic vision to nurture the talents of emerging national youth and empower the next generation of accomplished female leaders in technology. By fostering creativity and innovation, we aim to contribute meaningfully to Bahrain’s comprehensive development goals and align with the aspirations outlined in the Kingdom’s Vision 2030—an ambition in which BENEFIT plays a central role.”
Professor Riyadh Yousif Hamzah, President of the Royal University for Women, commented: “This initiative reflects our commitment to advancing women in STEM fields. We're cultivating a generation of creative, solution-driven female leaders who will drive national development. Our partnership with BENEFIT exemplifies the powerful synergy between academia and private sector in supporting educational innovation.”
Hanan Abdulla Hasan, Senior Manager, PR & Communication at BENEFIT, said: “We are honoured to collaborate with RUW in supporting this remarkable technology-focused event. It highlights our commitment to social responsibility, and our ongoing efforts to enhance the digital and innovation capabilities of young Bahraini women and foster their ability to harness technological tools in the service of a smarter, more sustainable future.”
For his part, Dr. Humam ElAgha, Acting Dean of the College of Engineering and Technology at the University, said: “BuildHer CityHack 2025 embodies our hands-on approach to education. By tackling real-world problems through creative thinking and sustainable solutions, we're preparing women to thrive in the knowledge economy – a cornerstone of the University's vision.”
opinion
Report
ads
Newsletter
Subscribe to our mailing list to get the new updates!