-
أردوغان يقول أنه أعاد 365 ألف سوري إلى شمال سوريا.. ويتناسى تهجيره مثلهم منها
اعترف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بترحيل 365 ألف سوريٍ، واصفاً ذلك بأنه عودة منهم إلى ديارهم ومنازلهم في المناطق التي وفّرت القوات التركية فيها الأمن على حد زعمه.
وفي خطابه يوم الأحد، بالمجمع الرئاسي في العاصمة التركية أنقرة، بمناسبة الذكرى السنوية الـ81 لوفاة مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، قال: "العمليات العسكرية التي قامت بها تركيا في سوريا، تكللت بالنجاح"، مشيراً إلى أنّ ”العمليات أدت إلى استتباب الأمن في مساحة تزيد عن 8 آلاف و100 كيلو متر مربع“.
وتوجه أردوغان بالنقد لتصريحات المعارضة التركية التي تطالب بعودة الجنود الأتراك، وتقول بأنه لم يعد هناك داع لبقاء القوات التركية في سوريا.
منطقة صحراوية مناسبة للعرب.
لكن إلى أين أعاد الرئيس التركي هؤلاء السوريين الذين لجئوا إلى تركيا؟.. ذلك ما كشفه اردوغان في مقابلة بثت في 24 من أكتوبر الماضي، على قناة تركية، حيث قال فيها: «علينا أن نجهّز نمط حياة جديدة تحت السيطرة في هذه المنطقة الشاسعة، إن أفضل الناس للعيش فيها هم العرب، هذا المكان غير مناسب لطريقة حياة الأكراد، لأنه صحراء قاحلة»، مشيراً بإصبعه إلى خارطة تشمل الشريط الطويل، والذي يمتد على الجانب السوري بطول 120 كيلومتراً، وعمق 30 كيلومتراً ما بين مدن "سريه كانيه\رأس العين" وامتداداً إلى تل أبيض.
تصريحات أكدت أن الهدف التركي يسير باتجاه هندسة ديموغرافية لتلك المنطقة الواقعة تحت سيطرة فصائل مدعومة من أنقرة، بما يتناسب وميولها، عبر التخلص من الأكراد السوريين، وزرع آخرين بدلاً عنهم، في منطقة تحوي خليطاً من السكان، كان متجانساً حتى الأمس القريب قبل التدخل التركي فيها، وهو ما يشكل مخاطر حقيقية من مساعي مُبطنة لخلق عداء طويل الأمد بين المكونات السورية، عبر استجلاب نازحين من مناطق داخلية كـ حمص وحماه وأرياف دمشق، وحثهم للإقامة في تلك المنطقة.
وينوّه كثير من الناشطين في المنطقة: "الهدف التركي المتمثل في توطين لاجئين سوريين، قد يبدو مهمة مستحيلة، حيث إن المنطقة المستهدفة هي بالأساس زراعية، وتتكون من بلدات صغيرة، ولا تملك البنية التحتية اللازمة لاستقبال كثير من القادمين الجدد، بالإضافة إلى كونها منطقة معزولة عن المناطق الأخرى".
تركيا هجرت 300 ألف سوري.
ورغم الادعاء التركي بإعادة 365 ألف سوري إلى داخل سوريا، يبدو أن آخرين يخالفونه الرأي بحدة، إذ اتهمت "الإدارة الذاتية لشمال سوريا" وهي الإطار الإداري في مناطق قوات سوريا الديمقراطية، في بيان أصدرته في الرابع من نوفمبر الجاري، بانتهاج تركيا للتهجير القسري في المناطق الممتدة من "سريه كانيه\رأس العين" إلى تل ابيض، لأكثر من 300 الف مواطن سوري.
وقالت الإدارة الذاتية إن ذلك يندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية، مؤكدةً أن إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين يشكل جريمة ضد الإنسانية.
وأضافت: "بعد احتلال الدولة التركية لمناطقنا الممتدة بين سري كانيه/ رأس العين حتى كري سبي/تل ابيض، وبعد ان هجّرت قسراً أكثر من ٣٠٠ ألف مدني من مدنهم وقراهم وبلداتهم ودمّرت المنازل والمستشفيات والبنى التحتية، تحاول اليوم جلب سكان من خارج المناطق المذكوره وتوطينهم هناك وبالتنسيق مع الأمم المتحدة بغية تحقيق أهداف سياسية بحتة، الغاية منها تغيير هوية المنطقة بشتى الوسائل وإجراء التغيير الديمغرافي تحت حجة إعادة اللاجئين".
اللاجئون كـ سلعة رابحة.
ولطالما اتهمت جهات أوروبية رجب أردوغان بابتزاز الاتحاد الأوروبي، من خلال التهديد بفتح الحدود أمام اللاجئين السوريين، ما لم يحصل على الدعم المالي المطلوب لإقامة المنطقة الآمنة شمال سوريا.
حيث قال أردوغان في السابع والعشرين من أكتوبر الماضي: “لم نحصل على دعم لمشروعاتنا التي نطورها من أجل عودة 1-2 مليون لاجئ سوري كمرحلة أولى من 3 ملايين و650 ألف سوري لدينا، لن يكون أمامنا خيار آخر غير فتح الحدود أمامهم. سنفتح الحدود وسيذهبون إلى أوروبا”.
وقال أردوغان إن بلاده نجحت من خلال إقامة منطقة آمنة على مساحة 4 آلاف كيلو متر مربع على الحدود مع سوريا، من خلال عملية غصن الزيتون وعملية درع الفرات وعملية نبع السلام، قائلًا: “من خلال عملية نبع السلام أيضًا، تمكنا من تأمين منطقة 4420 كيلو متر مربع”.
هل تتورط الأمم المتحدة؟
ونتيجة لعدم التجاوب الأوروبي مع المطالبات التركية، توجه الرئيس التركي إلى الأمين العام للأمم المتحدة لطلب المساندة منه في مشروعه لإقامة منطقة آمنة يزعم رغبته إنشائها في شرق الفرات، فيما رد أنطونيو غوتيريش عليه، في الأول من نوفمبر الجاري، بأن المنظمة الدولية ستنظر في خطة تركية التي تهدف الى نقل قسم من اللاجئين السوريين الموجودين في البلاد الى "منطقة آمنة" في سوريا.
وكان أردوغان قد عرض الخطة على غوتيريش، خلال اجتماع جرى عقد معه في اسطنبول، وفق ما أفادت الأمم المتحدة، في بيان، حيث أكد غوتيريش ضرورة احترام "المبادىء الأساسية المرتبطة بالعودة الطوعية والآمنة واللائقة للاجئين" إلى بلدانهم الأم"، وقال البيان إن غوتيريش "أبلغ الرئيس (أردوغان) بأن المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة ستعمد فوراً الى تشكيل فريق للنظر في هذا الاقتراح وإجراء مباحثات مع السلطات التركية في إطار التفويض الممنوح لها".
إعلانٌ أثار حفيظة قسد، التي اعتبرت ذلك انزلاقاً من المنظمة الدولية إلى الخطط التركية، فحذّر القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، في الثامن من نوفمبر مما اعتبرها تواطؤً من الأمم المتحدة مع سياسات الإبادة الجماعية التي تهدف إليها تركيا في شمال وشرق سوريا.
وفي تغريدة على تويتر، قال عبدي: “في سابقة خطيرة جداً، تحاول تركيا تنفيذ سياسات الإبادة والتطهير العرقي في شمال سوريا تحت غطاء القانون الدولي"، متابعاً: "تصريح السيد غوتيريش حول إمكان إنشاء لجنة لدارسة المقترح التركي حول بناء تجمعات سكانية في مناطق الاحتلال التركي يعتبر تواطئ خطير من الأمم المتحدة مع سياسات الإبادة الجماعية”.
إعادة اللاجئين إكراهاً..
وإن كانت الأمم المتحدة تعتمد العودة طواعيةً شرطاً أساسياً بغية إقامة المنطقة الآمنة التركية في شرق الفرات، فإن ذلك مثيرٌ للريبة والشك، حيث أعلنت منظمة العفو الدولية "أمنستي" في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، أن تركيا انتهجت أسلوبين لإعادة اللاجئين السوريين، هما الضرب المبرح وخداع اللاجئين بشأن وثائق البقاء في تركيا.
ووفقاً لتقرير منظمة العفو الدولية، فإن تركيا بدأت في إعادة السوريين منذ الصيف الماضي، حيث زجت باللاجئين إلى مناطق تشهد أعمالاً عسكرية خطيرة داخل سوريا، مما عرضهم لخطر الموت، فيما اعتبرت الباحثة بشأن حقوق اللاجئين والمهجرين في المنظمة آنا شيا، أن مزاعم تركيا بشأن عودة اللاجئين السوريين "الطوعية" إلى وطنهم خطيرة ومخادعة، وأبلغ العشرات من اللاجئين السوريين المنظمة الدولية أن الشرطة التركية أوسعتهم ضرباً، وأجبرتهم على التوقيع على وثائق العودة إلى سوريا "بشكل طوعي".
وتابعت امنستي: وفي حالات أخرى، أبلغت السلطات التركية عدداً من اللاجئين بضرورة التوقيع على وثائق "تظهر رغبتهم بالبقاء في تركيا"، لكنها في الواقع إقرار بالعودة إلى سوريا، حيث تستغل أنقرة عدم إلمام اللاجئين باللغة التركية لتمرير الأمر.
وقدّر الباحثون في "أمنستي"، بناءً على مقابلات أجروها بين شهري يوليو وأكتوبر، أن السلطات التركية أعادت بشكل غير قانوني مئات السوريين إلى بلادهم رغماً على إرادتهم، لتعتبر المنظمة أن إعادة السوريين بهذا الشكل أمر غير قانوني، ويعرضهم للانتهاكات الحقوقية، وفي جميع الحالات التي وثقتها المنظمة الحقوقية، جرى إرسال الضحايا عبر الحدود في حافلات مزدحمة باللاجئين وأيديهم مقيدة، ومن بينهم نساء وأطفال.
ليفانت-خاص
متابعة واعداد: أحمد قطمة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
قطر تغلق مكاتب حماس
- November 11, 2024
قطر تغلق مكاتب حماس
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!