الوضع المظلم
الثلاثاء ١٥ / أبريل / ٢٠٢٥
Logo
  • فجوة الثقة: عوائق سوريا أمام التحالف الدولي ضد الإرهاب

فجوة الثقة: عوائق سوريا أمام التحالف الدولي ضد الإرهاب
قوى الأمن

تشير التقارير إلى أن جهود دمشق للانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) قد واجهت تعثراً ملحوظاً للمرة الثانية. مصادر متعددة، بما في ذلك من الولايات المتحدة وفرنسا وسوريا، أكدت أن هذه المشاورات قد توقفت، مما يعكس الفجوة المتسعة بين الأهداف التي تسعى إليها الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، وبين استجابة الحكومة السورية لهذه المطالب.

وفي هذا الإطار، يبرز التحدي الذي يواجه الحكومة الانتقالية في دمشق في محاولة لإثبات موثوقيتها كشريك في النظام الأمني الإقليمي والدولي. يتساءل المراقبون عما إذا كان التعثر في الانضمام يعود إلى سوء تفاهم عميق بين الغرب ودمشق أو إلى انعدام التناغم في الإرادات السياسية، حيث أن دمشق لم تزل تفتقر إلى العناصر اللازمة التي تجعل منها شريكاً فعّالاً في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.

من جانبها، أفادت مصادر داخلية أن باريس، بالتعاون مع ألمانيا وتدخل سعودي، بذلت جهود مكثفة لإقناع الرئيس السوري أحمد الشرع بتقديم طلب انضمام جديد إلى التحالف. تأتي هذه الخطوة في سياق الإيمان بأن الانضمام سيكون له تأثير إيجابي على مسار المرحلة الانتقالية في سوريا، بالإضافة إلى تعزيز موقف دمشق في نظر الغرب، وبالأخص واشنطن.

الجدير بالذكر أن التحالف الدولي ضد "داعش"، الذي يتزعمه الولايات المتحدة، يمثل ليس فقط مكوناً عسكرياً، بل هو أيضاً معيار دولي لقياس ما إذا كانت الدول تتماشى مع القيم الديمقراطية التي تتبناها القوى الغربية. وفقاً لما ذكره الباحث السوري مالك الحافظ، تبرز أهمية الاحترافية العسكرية ورفض الهيمنة الميليشيّة العابرة للحدود كجزء أساسي من معايير الانضمام.

في سياق متصل، خلال افتتاح السفارة الألمانية في دمشق في 20 مارس، دعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك السلطات السورية للانضمام إلى التحالف الدولي، مضيفة أن هناك مسؤولية تقع على عاتق دمشق للسيطرة على الجماعات المتطرفة ضمن صفوفها ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم، وذلك في إشارة خاصة إلى الأحداث التي شهدتها المناطق الساحلية، حيث فقد المئات من حياتهم، معظمهم من الطائفة العلوية.

وعلى الرغم من المحاولات الدؤوبة، أكد مصدر سوري مطلع أن دمشق قد قامت بالفعل بتقديم طلب انضمام جديد قبل عشرة أيام، مستندة في ذلك على الدعم الذي تلقته من الجهود الفرنسية والألمانية والسعودية. شعرت الحكومة السورية أنها نجحت في تجاوز اختبار تشكيل الحكومة بدرجة عالية من النجاح، رغم الضغوط المتنوعة التي واجهتها. 

ومع ذلك، يبدو أن التحالف الدولي لم يقبل الطلب، مع وجود أسباب واضحة تدعوه إلى ذلك. فقد تم ترك الطلب معلّقاً دون رد رسمي، مما يمكن اعتباره بمثابة مهلة مقدمة إلى دمشق لتلبية الشروط المطلوبة. ويعكس ذلك عدم الثقة المتزايدة في قدرة النظام السوري على الارتقاء بالشراكة المطلوبة لمكافحة الإرهاب.

وأشار الحافظ إلى أن السعودية كانت من بين الدول الضاغطة لقبول انضمام الحكومة الانتقالية، مما يدل على رغبة إقليمية عربية في دمج سوريا الجديدة في الأنظمة الدولية، بشرط أن تشهد تحولاً جذرياً في ممارساتها السابقة. لكن العائق يبقى، كما يبدو، في عدم تحقيق هذه القطيعة.

من ناحية أخرى، أفاد مصدر ديبلوماسي في واشنطن بأن دمشق ما زالت تميل إلى رهانات غير واقعية من أجل ضمان الاعتراف السياسي من الولايات المتحدة. وقد قامت إدارة بايدن قبل أسابيع بتوجيه طلب واضح للسلطات السورية الموقتة يتضمن قائمة بأسماء الضباط العسكريين البارزين في الجيش السوري الذين يحملون جنسيات أجنبية، مشيرة إلى أن وجود هؤلاء الضباط يشكل تهديداً للأمن العالمي. ويمثل هؤلاء الضباط سبعة أفراد تم ترقيتهم بموجب القرار رقم 8 الصادر عن القائد العام، والذي سبق أن فوض الشرع بموجبه الرئاسة.

وفي هذا السياق، اعتبر المصدر الأميركي أن رفض الحكومة السورية الاستجابة لهذا الطلب يعدّ سلوكاً دقيقاً يفتقر إلى الحكمة، لأن الهدف الواضح من هذا الطلب هو اختبار إمكانيات بناء الثقة مع الإدارة الأميركية الجديدة، ومن ثم التقدم بطلب الانضمام إلى التحالف الدولي. 

وفي تعليق له، قال الحافظ إن إصرار الحكومة الانتقالية السورية على الاحتفاظ بقادة أجانب في المناصب العليا في الجيش الجديد لا يُفسر فقط.

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!