-
إيران التي لا ترى مسلّتها وتُشاهد إبرة واشنطن
وكأنّ سجلها أبيض كالثلج، أو أنّها ليست من الدول المتصدّرة لتنفيذ الإعدامات في العالم، بحقّ معارضي سلطاتها من نشطاء حقوقيين أو مدافعين عن حقوق الأقليات.. تنبري طهران لإدانة قتل شرطي أمريكي لرجل من ذوي البشرة السمراء، رغم أنّ الجريمة تلك، ليس منصوصاً عليها في القوانين الأمريكية، ولا يقرّها مشرّعوها، عكس ما قد يكون في دول أخرى، ممن تلجأ إلى استخدام الذرائع والعبارات المنمّقة لتسويق وتبرير القتل بحق مواطنيها، كحماية الأمن القومي، كما في إيران وسوريا، أو وصم المعارضين بالإرهاب، بمن فيهم النوّاب والصحفيين في دول أخرى.
إبرة واشنطن في عيون طهران
وعلى اعتبارها فرصة سانحة من وجهة نظر طهران للذع واشنطن، أو هو ما يهيء لها، وجّهت طهران انتقاداً شديد اللهجة للولايات المتّحدة بسبب مقتل المواطن الأمريكي من أصول أفريقية، جورج فلويد، بمدينة منيابوليس، حيث نشر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تغريدة على “تويتر” قال فيها: “لا يعتقد البعض أنّ حياة السود مهمة”، مستعملاً وسم “بلاك لايفز ماتر” أو “حياة السود مهمة”.
ويتجاهل الوزير الإيراني حياة مئات الناشطين الذين تعمد سلطته إلى إعدامهم بشكل سنوي، من الأقليات العرقية كالعرب والكُرد، أو الناشطين الحقوقيين وحتى المدافعات عن حقوق المرأة.
وأردف ظريف: “ولمن يعتقد أنّها مهمة، لقد تأخر كثيراً أن يشنّ العالم بأسره حرباً على العنصرية.. حان الوقت لعالم ضد العنصرية”، مستكملاً مزاودته بالقول: “الحكومة الأمريكية تبدّد موارد مواطنيها سواء بمغامراتها في آسيا أو أفريقيا أو أمريكا اللاتينية”، وهي الصياغة نفسها التي اتبعها وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في رسالة بعث بها إلى المحتجّين في شوارع إيران عام 2018.
إيران قاتلة الأطفال في التظاهرات
لكن بأيّ حق، وبأيّ وجه يمكن لطهران مجابهة الولايات المتحدة في جريمة ارتكبها شرطي، والتي أعلنت على لسان “محمود عباسي” وهو أحد مساعدي وزير العدل في إيران، أنّه جرى قتل الأطفال خلال تظاهرات نوفمبر 2019، ضمن اعتراف نقله موقع “اعتماد أونلاين”، بتاريخ 2 أبريل، وقال فيه: “بخصوص المصابين لا تتوافر إحصائية دقيقة بعد، ولكن الكثير من هؤلاء الأفراد والأطفال كانوا ممن تضرروا خلال أعمال الشغب وأصبحوا ضحايا وفقدوا أرواحهم”.
وجاء ذلك ضمن تقرير لموقع منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة، والتي ذكرت أنّه كان بعضهم أطفالاً دون 18 عاماً، وأنّه كان يجب اتخاذ ترتيبات لجبر خاطر عوائلهم بشكل ما.
ووفق موقع منظمة خلق، وخلال تظاهرات نوفمبر 2019، فقد “فتحت القوات الأمنية للنظام النار بأمر من خامنئي على المتظاهرين العزل بشكل مباشر مما أدّى إلى استشهاد ما لا يقل عن 1500 من المواطنين، وإصابة أكثر من 4000 واعتقال 12000 شخص معظمهم محتجزون في سجون النظام”.
كما ذكرت المنظمة أسماء حوالي 800 من الضحايا، وقالت: “إنّه رغم مضي حوالي 6 أشهر من انتفاضة نوفمبر، إلا أنّ النظام لم يقدّم إحصائيّة وعدداً من الشهداء والجرحى والمعتقلين في تلك الانتفاضة”.
وتعقيباً على تلك “الجرائم”، قالت السيدة مريم رجوي القيادية في منظمة خلق: “النظام امتنع عن تسليم جثامين الشهداء لعوائلهم وبوقاحة تفوق التصوّر طالب بثمن الرصاص وقتل أبناء إيران من أبائهم وأمهاتهم، لا شك أنّ هذه المجزرة الفظيعة واحدة من أبشع الجرائم في القرن الحادي والعشرين، وهي جريمة كبيرة ضد الإنسانية بكل المقاييس”، وأضافت: “يجب طرد الفاشية الدينية من المجتمع الدولي”.
إعدام المعارضين عقب سنوات طويلة من السجن
وإلى جانب قتل المتظاهرين، لا تتوانى السلطات الإيرانية عن قتل المعتقلين السياسيين، رغم إمضائهم سنوات طويلة في السجن، وهو ما حصل في الحادي عشر من أبريل الماضي، حيث أكد “عارف باوه جاني” رئیس حزب “سربستي کُردستان” المعروف اختصاراً بـ(پ س ك) أو “حزب استقلال كُردستان”، إعدام السلطات الإيرانية لمعتقل سياسي كُردي، قائلاً في تصريح لـ “ليفانت نيوز”، إن؟ المعتقل الكُردي الذي جرى إعدامه يدعى “مصطفى سليمي”، مشيراً أنّه كان معتقلاً في سجن سقز، حيث كان من بين 200 سجين تمكّنوا من الفرار من السجن، فيما أعلمت المخابرات الإيرانية في العاشر من أبريل، عائلته بغية إلقاء نظرة الوداع على ابنهم حيث سيقومون بإعدامه، وبالفعل قد تم إعدامه فجر 11 أبريل، الساعة الرابعة، في سجن سقز”، مردفاً أنّ “سليمي كان معتقلاً سياسياً وأمضى 17 عاماً في السجون الإيرانية”.
فيما ذكرت منظمة العفو الدولية، في التاسع من أبريل، أنّ حوالي 36 سجيناً في إيران يُخشى أن يكونوا قد قتلوا على أيدي قوات الأمن بعد استخدام القوة المميتة للسيطرة على الاحتجاجات بشأن مخاوف من تفشّي كوفيد–19.
وقالت ديانا الطحاوي، نائبة المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إنّه لمن المشين أن تلجأ السلطات الإيرانية مرة أخرى إلى قتل الناس لإسكات أصواتهم بشأن مخاوفهم؛ بدلاً من الاستجابة للمطالب المشروعة التي يطالب بها السجناء لحمايتهم من فيروس كوفيد-19″، مضيفة بالقول: “ثمّة حاجة ملحة إلى إجراء تحقيق مستقلّ فيما وقع من تعذيب ووفيات في الحجز وتقديم الذين تثبت مسؤوليتهم عن ذلك إلى العدالة، ويجب إصدار تعليمات لقوّات الأمن بالوقف الفوري لاستخدام القوة المميتة غير القانونية، والامتناع عن معاقبة السجناء الذين يطالبون بحقّهم في الصحة”.
التمييز العنصري ضد العرب في الأحواز
وإلى جانب إعدام المعارضين عقب سنوات من الاعتقال، وقمع السجناء المتخوفين من كورونا، يطال التمييز العنصري المكون العربي في الأحواز، وهو ما دفعهم وفق بيان أصدره المكتب الاعلامي لـ”حركة النضال العربي لتحرير الأحواز” في الواحد والعشرين من أبريل، إلى مواجهة الشرطة الإيرانية.
ولفت المكتب آنذاك إلى أنّه “يعمل في تلك الشركة عدد قليل من المواطنين الأحوازيين، وفي أعمال شاقة بينما مديرها العام، مهندسيها، محاسبيها ومعظم موظفيها عموماً من المستوطنين الفرس، وكانت قد تأسّست مع مجيء الخميني بعد ما تم مصادرة آلاف الهكتارات من أراضي الأحوازيين بالقوة وتخصيصها للشركة”.
ومما سبق، يبدو جلياً أنّ آخر من قد يحقّ له الحديث عن حقوق المكونات ومواجهة التطرّف والتمييز العنصري، أنظمة كالنظام الإيراني، الذي عاث فساداً في داخل إيران وخارجها، فكل تلك الانتهاكات ليست إلا غيضاً من فيض ما يحصل داخلها، ناهيك عن التخريب والترهيب الذي تمارسه المليشيات المدعومة من قبلها في مجموعة من دول الشرق الأوسط، لتغدو معها المُزاودة الإيرانية على جريمة الشرطي الأمريكي سمجة وبلا معنى.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
قطر تغلق مكاتب حماس
- November 11, 2024
قطر تغلق مكاتب حماس
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!