الوضع المظلم
الخميس ٢٦ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • إيران تشنق المشاهير.. وتُلوّح بـ”الموت المُحتّم” لمُعارضيها

إيران تشنق المشاهير.. وتُلوّح بـ”الموت المُحتّم” لمُعارضيها
طهران


لا يبدو أنّ سلطات الملالي في طهران تجد من سبيل آخر سوى محاولة ترهيب الإيرانيين، بغية ثنيهم عن التظاهر والاحتجاج على الأوضاع السياسية والاقتصادية المتدهورة في البلاد، نتيجة السياسات الخارجية لطهران، والتي لم تجلب للإيرانيين عملياً سوى الخصومة والفقر والفاقة والعوز، نتيجة العقوبات المنهالة عليهم من كل حدبٍ وصوب.


ولا يخرج إعدام المصارع الإيراني الشهير “نويد أفكاري”، عن ذلك السياق، خاصة أنّ السلطات الإيرانية اعتقلته أساساً لمشاركته في التظاهرات التي عاشتها البلاد سابقاً، فيما استغلّت السلطات ما تدّعي أنّه قتل أفكاري لأحد عناصر الأجهزة الأمنية الإيرانية بغية تبرير إعدامه، علماً أنّ تلك الأجهزة قتلت المئات وربما آلاف الإيرانيين خلال قمعها حراكهم الاحتجاجي، دون أن ينال أيّاً منهم أي عقاب.


 


ولو تم افتراض ارتكاب أفكاري لجرم القتل، فالواجب والأولى بالسلطات الإيرانية البحث عن حلول للمشكلات التي دفعت الإيرانيين للتظاهر، وأوصلتهم لتلك الدرجة من الكبت، الذي سيولد عند كل متنفس انفجارات صغيرة أو كبيرة تبعاً لما هو ممكن لها.


مطالبات بالصفح وتخفيف العقوبة


وقد أصدرت طهران مجموعة أحكام قضائية ضد أفكاري، من ضمنها حكمان بالإعدام، بتهم ترتبط بمشاركته في “فعاليات اجتماعية غير مرخص لها والإساءة إلى المرشد الإيراني الأعلى والتآمر بهدف ارتكاب جرائم ضد أمن الدولة”، بجانب الحكم بالسجن 54 و27 عاماً على شقيقي نويد، وهما وحيد وحبيب أفكاري لمساهمتهما في مظاهرات الاحتجاج في عام 2018.


فيما تحرّك نشطاء إيرانيون في الداخل بغية ثني السلطات ودعوتها لعدم إعدام أفكاري وتخفيف عقوبته، لدرجة أنّ تلك الدعوة وصلت إلى قاعدة جوية للجيش الإيراني، حيث عرض ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، في السابع من سبتمبر، صوراً لطائرة “ميغ 29″، ضمن قاعدة مهرآباد العسكرية الجوية في طهران، وقد كتب عليها هاشتاغ “لا تعدموا نويدنا”، وهي عبارة أشارت إلى المطالبات بعدم تنفيذ حكم الإعدام أفكاري، بعد أن جرى اتهامه بقتل رجل أمن في مدينة شيراز والاعتداء على رجال الشرطة في احتجاجات سابقة، وهي دعوة ساندها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي دعا إيران عبر تغريدة إلى عدم تنفيذ حكم الإعدام بحق أفكاري.


 


لكن الدعوات تلك لم تجد آذاناً صاغية في طهران، حيث دافعت السلطة القضائية، في التاسع من سبتمبر، عن حكم صدر بالإعدام بحق فكاري، زاعمة بأنّه حكم بالقصاص، قبل أن يكون حكماً بالإعدام، وذكر الناطق باسم السلطة القضائية، غلام حسين إسماعيلي، أنّ “الحكم على نويد أفكاري ليس بالإعدام، إنما هو حكم بالقصاص”، وادّعى أنّه “على الرغم من أنّ طبيعة الحكمين واحدة، لكن هناك فرق بين الأمرين من وجهة نظر القانون، لأنّ أفكاري قتل إنساناً” (على حدّ وصفه).


“أفكاري” ليس الأول ولا الأخير


وليس أفكاري أول الذين يقتلون بتلك الطريقة ولذات السبب، ففي الخامس من أغسطس الماضي، نفذت طهران حكم الإعدام بحق أحد المساهمين في مظاهرات نهاية عام 2017 ومطلع 2018 بمدينة أصفهان، بذريعة حمله السلاح وقتل أحد مسلحي الحرس الثوري وإصابة 6 آخرين، فيما استهجن نشطاء حقوق الإنسان، أحكام الإعدام، وقالوا، إنّها “تهدف إلى ترهيب أي محتجّين في المستقبل”.


وقد أصدرت، آنذاك، “أمانة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية” المعارضة، بياناً حول عملية الإعدام، جاء فيها: “ارتكبت الفاشية الدينية الحاكمة في إيران صباح اليوم جريمة جديدة وأعدمت مصطفى صالحي من سجناء انتفاضة ديسمبر 2017 في سجن دستكرد باصفهان”، وتابعت: “الشهيد مصطفى صالحي، 30 عاماً، اعتقل في كهريزسنك بأصفهان، وصدر حكم عليه في محكمة صورية بتهمة “القائم بإدارة الشغب في كهريزسنك بنجف آباد”.


 


بدورها، شجبت جمعية “أصدقاء إيران حرة” في البرلمان الأوروبي إعدام السلطات الإيرانية لـ”صالحي”، وقالت: “نلفت انتباهكم إلى استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، ولا سيما إعدام أحد المتظاهرين، كما يساورنا قلق عميق بشأن سوء معاملة المعتقلين وتعذيبهم وعقوبة الإعدام بحقهم، وحكم على المتظاهرين الذين اعتقلوا في انتفاضات كانون الأول/ ديسمبر 2017 – كانون الثاني/ يناير 2018 – ونوفمبر 2019، بالإعدام، وإعدام مصطفى صالحي هو أول عمل غير إنساني من هذا النوع”.


وختمت الجمعية بيانها بالقول: “إنّ الصمت والتقاعس عن انتهاكات حقوق الإنسان لهما أثر معاكس ويعتبره النظام الإيراني بمثابة ضوء أخضر من الاتحاد الأوروبي ضد الانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان، في طهران”.


طهران تعدم “أفكاري” لقتل أفكاره


وفي الثاني عشر من سبتمبر، نفذت السلطات الإيرانية، ما أسمته بـ”حكم القصاص بالإعدام”، بحق بطل المصارعة الإيراني، نويد أفكاري، رغم كل المناشدات المحلية والدولية لتخفيف تلك العقوبة عنه، حيث ذكر رئيس المحكمة العليا في محافظة فارس، كاظم موسوي: “تم تنفيذ حكم القصاص بالإعدام بحق نويد أفكاري صباح اليوم السبت، بعد اتخاذ الإجراءات القانونية وبإصرار من عائلة القتيل حسن تركمان على تنفيذ الحكم”.


 


ومن الجلي أنّه كان ممكناً لطهران البحث عن الأسباب المخففة عن “أفكاري” لو أرادت ذلك، بتحويل حكمه إلى الحكم السجن المؤبد، على سبيل المثال، لكن الواضح أيضاً، أنّ السلطة الحاكمة في طهران، كانت مُصرّة على إعدام “نويد أفكاري” تحديداً، بغية توجيه رسالة إلى عموم الشعب الإيراني، بأنّ لا تساهل مع من يخترق خطوط النظام الحمراء، من خلال التظاهر ضده، مهما علا شأنه وذاع صيته.


وبالذات أنّ الرئيس الأمريكي طالب شخصياً بالامتناع عن إعدامه، وبالتالي زادت تلك المُطالبة من عزم السلطات الإيرانية على إعدام “أفكاري”، كون إعدام المُصارع ستكون رسالة قاسية للإيرانيين، بأنّ لا مفرّ ولا مهرب من الموت، لمن يعارض نظام “ولاية الفقيه”، أو يسعى إلى هزّ أركان عرشه.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة 







 



كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!