الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
السودان بين البشير والفيضان.. هل سيربح معركة البقاء؟!
البشير والفيضان

 ليفانت – خاص 


 





استطاع السودان التحرر من قيود الديكتاتور الذي حكم البلاد على مدى 30 سنة، فكانت انجازاته فساد ومحسوبيات وتقسيم السودان إلى دولتين شمالية تحت حكمه المستبد ينهشها الفقر والصراعات القبلية وجنوبية عزز فيها الصراع على السلطة حتى تحولت الدولتان إلى جحيم مستمر على مدى عقود، وعلى الرغم من انتصار الثورة السودانية على عمر حسن البشير بعد إطاحة الجيش بنظامه الفاسد وتشكيل مجلس انتقالي مشترك بين عسكريين ومدنيين وحكومة مدنية مؤقتة، فيما يبدو أن السودان مازال يعاني من تبعات فترة حكم الديكتاتور.





أطاح الجيش السوداني في 11 نيسان/أبريل 2019 بالبشير واعتقله بعد أربعة أشهر من بدء حركة احتجاجات شعبية ضدّه عقب ثلاثة عقود من وصوله إلى سدة الحكم إثر انقلاب عام 1989 بمساندة الإسلاميين. وتمّ إثر ذلك تشكيل مجلس عسكري انتقالي في البلاد. لكن آلاف المتظاهرين واصلوا اعتصامهم أمام المقر العام لقيادة الجيش، مطالبين بحكم مدني. في 20 أيار/مايو، انتهت مفاوضات شاقة بين منظمي الاحتجاجات والمجلس العسكري دون التوصل إلى اتفاق.


في 17 تموز/يوليو، وقع قادة الاحتجاج في السودان والمجلس العسكري الحاكم بالأحرف الأولى “الإعلان السياسي” الذي يقرّ مبدأ تقاسم السلطة خلال فترة انتقالية تمتد على ثلاث سنوات. وينصّ الإعلان على إنشاء “مجلس سيادي” يدير المرحلة الانتقالية. وبعد مفاوضات، تمّ في منتصف آب/أغسطس التوقيع على اتفاق ينص على ضرورة التوصل الى السلام مع قادة التمرد في دارفور غرب البلاد وفي ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. بعد ثلاثة أيام، تمّ تشكيل مجلس السيادة الذي ضمّ ستة مدنيين وخمسة عسكريين برئاسة الفريق عبد الفتاح البرهان. وتمّ تعيين عبدالله حمدوك، الخبير الاقتصادي سابقاً في الأمم المتحدة، رئيساً للحكومة. وأدت أول حكومة بعد البشير اليمين الدستورية في الثامن من أيلول/سبتمبر. في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، تمّ حل حزب الرئيس المخلوع و “تفكيك” نظامه.



قانون “تفكيك نظام الإنقاذ”.. بداية القضاء على نظام!



أقرت السلطات الانتقالية السودانية قانون “تفكيك نظام الإنقاذ” الذي يقضي بحل حزب المؤتمر الوطني الذي كان يتزعمه الرئيس السوداني السابق عمر البشير، ومصادرة أمواله وتعليق النشاط السياسي لرموزه، حيث أُقر هذا القانون الجديد في اجتماع مشترك بين مجلس السيادة الانتقالي ومجلس الوزراء في السودان، وترافق إقرار هذا القانون مع قانون إلغاء قانون النظام العام الذي كان يحد كثيراً من حريات النساء في مجالات التنقل والتجمع والعمل والدراسة والحياة الاجتماعية، وينص على استخدام عقوبة الجلد بحق المخالفات منهن.


 


وكان يستهدف هذا القانون تفكيك مجمل البنية السياسية وشبكة علاقات القوى التي بناها ما يعرف بنظام الإنقاذ في السودان، وهو النظام الذي جاء في أعقاب الانقلاب الذي قاده البشير على السلطة الشرعية المنتخبة في السودان في 30 يونيو/حزيران عام 1989 واستمر في الحكم لثلاثة عقود، وينص القانون على حل حزب المؤتمر الوطني الحاكم في عهد البشير، وحذفه من سجل التنظيمات والأحزاب السياسية في السودان، فضلاً عن حل مجمل الواجهات التي كان يستخدمها والمنظمات الأخرى التابعة له أو لأي شخص أو كيان مرتبط به، ويقر القانون العزل السياسي بحق من يسميهم “رموز نظام الإنقاذ أو الحزب” بمنعهم من ممارسة العمل السياسي لمدة لا تقل عن عشر سنوات.



السودان يسعى لرفع اسمه من قوائم الدول الداعمة الإرهاب



أدرج السودان على اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب في عام 1993، بسبب الصلات الوثيقة لنظام الرئيس المعزول، عمر البشير، للتنظيمات المتطرفة، بينها تنظيم “القاعدة” الإرهابي الذي أقام زعيمه السابق أسامة بن لادن في السودان في الفترة الممتدة بين عامي 1992 و1996، وكان قد زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، مسؤوليته عن تنفيذ تفجير السفارتين الأميركيتين في دار السلام ونيروبي، عام 1998، الذي راح ضحيته 200 شخص وآلاف الجرحى، فيما وقّّعت الحكومة السودانيّة مطلع إبريل الماضي اتّفاق تسوية مع أسر ضحايا المدمرة الأميركية يو اس كول التي تم تفجيرها قبالة ميناء عدن عام 2000 في عملية أسفرت عن مقتل 17 من بحاراتها.


فيما تسعى السلطات الجديدة إلى تطبيع العلاقات مع واشنطن وإلى رفع اسم السودان من على القائمة الأميركية للدول الداعمة للإرهاب التي تمنع البلاد من الاستفادة من أي مساعدات يقدمها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، إبان زيارة عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السوداني لواشنطن، اعلن رفع التمثيل الدبلوماسي بين البلدين لمرتبة السفراء، غير أن التردي الاقتصادي في البلاد سببه بقاء السودان على “قائمة الدول الراعية للإرهاب” وما يستتبع ذلك من عقوبات وقيود مفروضة عليه.



انهيار اقتصادي خانق.. 



منذ انفصال جنوب السودان عن السودان في 2011، يشهد إقتصاد البلاد إرتفاعاً في معدّلات التضخم وتراجع قيمة الجنيه السوداني إثر فقدان عائدات نفطية كبيرة، ارتفع معدل التضخم في السودان إلى نحو 99 بالمئة في نيسان/أبريل بسبب استمرار ارتفاع أسعار الغذاء، وذلك بحسب بيان للجهاز المركزي للإحصاء، ومعدل التغيير السنوي (التضخم) سجل في نيسان/أبريل 98,81 بالمئة مقارنة ب81,64 في المئة في مارس بارتفاع قدره 17,17 في المئة”، وعزا ارتفاع معدل التضخم إلى استمرار زيادة أسعار الغذاء مثل الزيوت والحبوب واللحوم والبقوليات واللبن والخبز.


 


وتعاني البلاد من ارتفاع الدين الخارجي الذي بلغ وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي، نحو ستين مليار دولار، فيما أعلن برنامج الأغذية العالمي في فبراير أن 9,1 ملايين سوداني يحتاجون إلى مساعدات إنسانية.



فيضانات مدمّرة كشفت فساد 30 عاماً من حكم البشير



أظهرت الفيضانات التي ضربت معظم مناطق السودان خلال الأيام الماضية، وقتلت نحو 103 مواطنين وشردت أكثر من 600 ألفاً، ودمرت عشرات آلاف المساكن، حجم الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية والاقتصاد السوداني بسبب نهب ما يقدر بنحو 750 مليار دولار من موارد البلاد خلال الأعوام الثلاثين من حكم نظام حزب المؤتمر الوطني، الجناح السياسي للإخوان، بقيادة عمر البشير الذي أطاحت به ثورة شعبية في أبريل 2019، حيث تحطمت البيوت لأنها لم تكن مبنية بالمواصفات اللازمة لحمايتها من الفيضانات، ولا توجد بنية تحتية كافية لأن أموال البلد تعرضت للنهب طوال الأعوام الماضية، بحسب بعض السودانيين.


وبسبب الفساد الذي طال معظم القطاعات الخدمية والإنتاجية أصاب الدمار البنى التحتية في كافة مدن ومناطق البلاد، كما ازادت معدلات الفقر بشكل غير مسبوق واختفت الطبقة الوسطى تقريباً، وأصبحت جزءاً من تركيبة الطبقة الفقيرة الغالبة في البلاد التي حرمت حتى من بناء المسكن الآمن، وفي ظل تكدس الثروة لدى القلة القليلة التي استفاد جزء كبير منها من سياسة التمكين بسبب ولائهم لنظام البشير، أصبح معظم السودانيين يعيشون في أحياء تفتقد لأنظمة الصرف وفي مساكن تبنى بمواد بسيطة لا تستطيع مقاومة الكوارث الطبيعية.


 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!