-
الصدر يخرج عن صمته.. عودة للهدوء بعد تفجر الوضع في العراق
يشهد العراق في الساعات الماضية تطورات أمنية وسياسية متلاحقة بعد إعلان رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، يوم أمس الاثنين، اعتزال الشؤون السياسية وإغلاق كافة مؤسسات التيار باستثناء المرقد والمتحف وهيئة تراث آل الصدر.
وتحوّلت ساحة المنطقة الخضراء وسط بغداد إلى حرب شوارع حقيقية، رغم إعلان الدولة عن حظر تجوال، اليوم الثلاثاء، لتجنب اتساع دائرة العنف، إلا أن ذلك لم يمنع من تكرار يوم دام جديد، واندلاع اشتباكات متقطعة وانفجارات. وأشارت التقارير الأولية، لارتفاع حصيلة الاشتباكات في المنطقة الخضراء ومحيطها إلى 33 قتيلاً معظمهم من أنصار الصدر إضافة إلى سقوط مئات الجرحى.
ودفعت "سرايا السلام" التابعة للتيار الصدري بقواتها للسيطرة على مداخل المنطقة الخضراء وحماية المتظاهرين من أنصار التيار بمحيط البرلمان. فيما بدأت القوات الأمنية بقطع الشوارع في العاصمة بغداد بالكتل الإسمنتية.
وبعد الإعلان عن فرض حظر التجوال، خلت الشوارع من المارة بينما جاب الشوارع مسلحون على متن شاحنات وهم يحملون أسلحة آلية ويلوحون بقاذفات قنابل.
إلى ذلك، قالت خلية الإعلام الأمني العراقي، اليوم الثلاثاء، إن المنطقة الخضراء ببغداد تعرضت لقصف بأربعة صواريخ سقطت داخل المجمع السكني.
ومع استمرار الاشتباكات المتفرقة التي يشهدها محيط المنطقة الخضراء وسط بغداد منذ الصباح، سُجل وقوع أضرار مادية جراء سقوط الصواريخ، ومصدرها منطقتا الحبيبة والبلديات شرقي بغداد، على المنطقة الخضراء. كما أفاد مصدر أمني رفيع عن إطلاق صفارات إنذار السفارة الأميركية ببغداد فجرا بعد رصد مسيّرات مجهولة أثناء تحليقها فوق المنطقة.
أصل الأزمة
منذ شهور، دخل العراق في مأزق سياسي مع وجود خلاف بين أتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وخصومه السياسيين المحسوبين على إيران، منذ الانتخابات البرلمانية العام الماضي.
اقرأ أيضاً: جريدة "الرياض": لإيران يد واضحة في كل المآسي التي يشهدها العراق
فاز الصدر بأكبر حصة من المقاعد في انتخابات أكتوبر الماضي، لكنه فشل في تشكيل حكومة أغلبية، مما أدى إلى أحد أسوأ الأزمات السياسية في العراق في السنوات الأخيرة.
تشابكت خيوط الأزمة في الساعات الأخيرة، حين خرج بيان منسوب لرجل الدين كاظم الحائري، وهو وريث، المرجع الديني، محمد محمد صادق الصدر، والد مقتدى، تحدث فيه عن اعتزاله العمل الديني، وغلق كل المؤسسات التابعة له، فيما وجّه أتباعه بتقليد المرشد الإيراني علي خامنئي.
استدعى ذلك رد سريع من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، على بيان الحائري قائلًا: "إنني لم أدّع يوماً العصمة أو الاجتهاد ولا حتى القيادة، وما أردت إلا أن أقوّم الاعوجاج الذي كان السبب الأكبر فيه هو القوى السياسية الشيعية باعتبارها الأغلبية".
— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) August 29, 2022
اعتبر الصدر أنّ اعتزال الحائري لم يكن بمحض إرادته، في إشارة إلى تدخل إيران في القضية، بهدف عزل مرجعية الصدر، عن الساحة السياسية في العراق وتعزيز دور مراجعها بشكل عام.
وأشار الصدر إلى إغلاق كافة مؤسسات التيار الصدري باستثناء المرقد والمتحف الشريفين وهيئة تراث آل الصدر
وأكد مكتب الصدر في بيان، على "المنع التام للتدخل في الأمور السياسية ورفع الشعارات والهتافات والتحدث باسم التيار الصدري"، وقالت هيئة تنظيم الاحتجاجات التابعة للتيار الصدري إنها "أنهت مهامها".
لكن أنصار الصدر والقيادات الخاصة للتيار فهمت بيان الاعتزال ضوءً أخضراً للتحرك نحو تصعيد أشمل، وهو ما حصل بالفعل.اقتحم أنصار الصدر القصر الجمهوري في المنطقة الخضراء والقصر الحكومي قبل أن ينسحبوا منهما.
في غضون ذلك، قال الرئيس العراقي، برهم صالح، إن الظرف العصيب الذي تمر به البلاد يستدعي من الجميع التزام التهدئة وضبط النفس ومنع التصعيد.
من جهتها، قالت السفارة الأميركية في بغداد، إن الوقت قد حان للحوار لحل الخلافات والابتعاد عن المواجهة.
من ناحيته، دعا رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، المتظاهرين إلى لانسحاب من المنطقة الخضراء وسط بغداد.
الصدر ينتقد ثورة التيار
دفع العنف المشتعل حديثاً لخروج مقتدى الصدر عن صمته منذ الأمس، وعقد مؤتمراً قبل قليل، هدّد فيه بالتبرأ من "التيار" إذا لم ينسحب المعتصمون من أمام مبنى البرلمان بالمنطقة الخضراء وسط بغداد، خلال ستين دقيقة، حقناً لدماء العراقيين.
وقال الصدر في مؤتمره الصحفي إن "الدم العراقي حرام.. حرام.. حرام"
وأضاف أنه "بغض النظر عن من بدأ الفتنة في الأمس فأنا أمشي مطأطأ الرأس، وأعتذر للشعب العراقي الذي هو المتضرر الوحيد مما يحدث، فالقاتل والمقتول في النار".
اقرأ أيضاً: بعد كلمة الصدر.. بدء انسحاب المعتصمين من المنطقة الخضراء ببغداد
وتابع الصدر بالقول: "كنت آمل أن تكون الاحتجاجات سلمية، بالأكفان وبالأيدي والقلوب الصافية، لا أن تركض على الرصاص والقاذفات والهاونات، بئست هذه الثورة".
وانتقد الصدر عناصر "التيار" بشدة، مؤكداً على أن "الثورة التي يشوبها العنف والقتل ليست بثورة".
كما توجّه بالشكر لعناصر القوة الأمنية والجيش العراقي لما أبدوه من مسؤولية وطنية في التعامل مع الأحداث.
انسحاب أنصار التيار
عقب ذلك، بدأ أنصار التيار الصدري بالخروج من أماكن اعتصامهم في المنطقة الخضراء وسط بغداد.
وباشر المعتصمون بانسحاب جماعي من بوابات المنطقة الخضراء، وأبرزها بوابة التشريع وكذلك عبر جسور الجمهورية والسنك.
وأظهرت المشاهد المنقولة مباشرة من المنطقة الخضراء، حمل أنصار التيار أسلحتهم وهم يهمون بالخروج من المنطقة المحصنة والتي تحولت لساحة قتال مباشر على مدار اليومين الماضيين، حتى بدأ مؤتمر زعيم التيار الذي أوقف حالة المواجهة المباشرة.
من جانب آخر، نقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر أمني قوله: إن "أنصار التيار الصدري لا زالوا مستمرين بالانسحاب من المنطقة الخضراء ومقرات البرلمان"، لافتاً إلى "سماع أصوات قنابل مسيلة للدموع"، من دون تحديد مكانها او وجهتها.
وأضاف المصدر: "جميع الطرق سيتم فتحها تدريجيا خاصة التي تم إغلاقها بالصبات"، مشيراً الى أنه "خلال ساعات وتصبح جميع الطرق سالكة
ترحيب ورفع للحظر
وأشادت العديد من الزعامات السياسية، اليوم الثلاثاء، بموقف زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، الداعي إلى التهدئة وحفظ دماء العراقيين والسلم المجتمعي.
وقال رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني في بيان، "نرحب بموقف السيد مقتدى الصدر ومطالبته بإنهاء التوترات وسحب أنصاره من المنطقة الخضراء، ونؤيد موقفه الوطني المسؤول، راجين أن يعم الأمان والاستقرار في البلد، ونكرر دعوتنا لكل القوى والأطراف للحوار من أجل حل المشاكل وإنقاذ العراق من هذا الوضع الصعب".
من جانبه، أكد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أن دعوة السيد مقتدى الصدر إلى إيقاف العنف تمثل أعلى مستويات الوطنية والحرص على حفظ الدم العراقي.
وأضاف، أن "كلمة السيد مقتدى الصدر تُحمِّل الجميع مسؤولية أخلاقية ووطنية بحماية مقدرات العراق والتوقف عن لغة التصعيد السياسي والأمني والشروع في الحوار السريع المثمر لحل الأزمات".
وفي سياق متصل، عبّر رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، عن شكره لموقف زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، معتبراً إياه "بحجم العراق".
إلى ذلك، أعلنت قيادة العمليات المشتركة، رفع حظر التجوال في بغداد والمحافظات وعودة الحياة إلى طبيعتها في جميع المحافظات.
وقال المتحدث باسم القيادة اللواء تحسين الخفاجي، أنه "بعد قرار رفع حظر التجوال في جميع المحافظات، عادت الحياة إلى طبيعتها في الشوارع".
ومنذ الغزو الأمريكي للعراق والقضاء على حكم البعث في البلاد في العام 2003، تنخرط الجماعات العراقية في صراعات كبيرة، حتى الآونة الأخيرة التي أدخلت العراق بانقسامات سياسية داخلية على مستوى الطائفة والعرق.
ليفانت نيوز_ خاص
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!