الوضع المظلم
الجمعة ٢٧ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • ترامب.. الرئيس الذي حوّل أنظار الأمريكيين إلى الإرهاب الداخلي

ترامب.. الرئيس الذي حوّل أنظار الأمريكيين إلى الإرهاب الداخلي
ترامب - الارهاب الداخلي

عادة ما كانت واشنطن توجه أصابع الاتهام إلى أنظمة حاكمة في دول معينة بمنطقة الشرق الأوسط أو جنوب أمريكا بدعم الإرهاب، بجانب تصنيف منظمات راديكالية أو متعارضة مع مصالح واشنطن وحلفائها في مناطق إقليمية معينة، على أنّها إرهابية، لكن لربما لم يشهد التاريخ سابقاً، أقله في العصر الحديث، كلاماً أمريكياً عن إرهاب داخلي أو محلي، إلا في الأيام الأخيرة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.


عندما عمد أنصار الأخير، في 6 يناير الماضي، إلى اقتحام مبنى الكابيتول، لتعطيل جلسة المصادقة على الانتخابات الرئاسية التي أدّت إلى فوز جو بايدن، مجتازين الحواجز الأمنية، مصطدمين مع سلطات الأمن في الكونغرس الأمريكي، ما أدّى إلى مقتل 5 أشخاص وإصابة أكثر من 50 شرطياً، واعتقال 68 شخصاً على الأقل.



انتفاضة مشاهير الفن


حدثٌ جلل كان بمثابة انقلاب على الديمقراطية الأمريكية، التي لطالما اتسمت بالسلالة في نقل السلطة، وهو الأمر الذي قرر ترامب عدم تطبيقه، رافضاً نتائج الانتخابات، زاعماً تزوريها لصالح غريمه الديمقراطي، وهو ما دعا عدداً من المشاهير الأمريكيين إلى المطالبة بعزل ترامب، في الثامن من يناير، أي قبل انتهاء ولايته التي كانت في العشرين من يناير، مع تقلد بايدن منصبه رسمياً، محذرين من أنّ عدم فعل ذلك قد يتسبب في "موت الديمقراطية"، إذ ألقت المغنية الشهيرة "ليدي غاغا" اللوم على ترامب "لتحريضه على الإرهاب الداخلي"، في رسالة نشرتها عبر حسابها في موقع "تويتر" الذي يتابعه 83 مليون شخص.


اقرأ أيضاً: إقليم أكلته الحروب.. الإمارات تسعى لاستعادة سلامه بالحوار


وقالت في تغريدة: "أتمنى أن نركز على عزل ترامب وتكون للكونغرس السلطة الدستورية اللازمة لمنعه من الترشح للانتخابات مستقبلاً"، فيما أكد المخرج الهوليوودي، روب رينر، أنّ أعضاء الكونغرس الذين لا يوافقون على جهود تنحية ترامب "يدعمون الفتنة"، بينما لاقت دعوات عزل ترامب دعماً من الممثلة كيري واشنطن، والنجم مارك روفالو، والمخرجة روزي بيريز، والممثلة ديرا ميسينغ.


تغيير القوانين


وبالتوازي، اعتبر مسؤول في هيئة مكافحة الإرهاب في نيويورك، منتصف يناير، أنّ الولايات المتحدة تحتاج إلى قوانين جديدة في مواجهة الخطر الذي يمثله "الإرهابيون في الداخل"، على غرار الذين هاجموا مبنى الكابيتول، وقال جون ميلر خلال مؤتمر صحافي "ليس لدينا قوانين ضد الإرهاب الداخلي مقارنة بما لدينا ضد الإرهاب الدولي"، مضيفاً: "نحن كأمريكيين كنا مترددين كثيراً في تعطيل أنشطة يحميها الدستور، لكن أظن أنه ينبغي علينا إعادة تقييم المسألة بالنسبة للمجموعات التي تنشط في الولايات المتحدة مع فكرة إسقاط الحكومة من خلال العنف".


وشدد أنّه "لا ينبغي علينا أن نمر بقائمة من المواد القانونية للعثور على تلك التي تتوافق مع جنحة ما، يجب أن يكون ثمة نص شامل يتطرق إلى منظمات الإرهاب الداخلي"، لافتاً إلى أنّ "أولئك الذين كانوا يعتبرون أنها ليست فكرة جيدة منذ أسبوعين، ينبغي عليهم على الأرجح التفكير فيها مجدداً الآن".


اقرأ أيضاً: مصر والسودان تحاصران الإخوان.. ودول غريبة تلحق بركبهم


وهو ما ذهب إليه مدير الاتصالات السابق في البيت الأبيض، أنتوني سكاراموتشي، الذي اتهم ترامب ووصفه بأنّه "الإرهابي المحلي في القرن الحادي والعشرين"، معتبراً في مقابلة مع شبكة "CNN"، أنّ "الجميع في حالة صدمة الآن لأنّه رئيس الولايات المتحدة وبعد 50 عاماً من الآن، سينظر أحد المؤرخين إلى ما حصل ويقول هذا الرئيس لم يقبل الانتخابات وحرض على تمرد وحثّ مناصريه على اقتحام مبنى الكابيتول للمطالبة بقتل نائبه"، وأردف: "أعتقد أنّ التاريخ سيعرف عنه بأنّه شخص حرض على الإرهاب المحلي"، كما طالب بمحاسبة ترامب وسجنه، بالقول: "رأيي الشخصي هو أنّه يجب أن يحاسب، وتجب إدانته في مجلس الشيوخ.. هذا الرجل يجب أن يذهب إلى السجن".


وضمن سياق المؤرخين، قال المؤرخ الرئاسي الأمريكي، دوغلاس برينكلي، إنّ أعمال الشغب في مبنى الكونغرس ستؤثر على إرث ترامب على مدى سنوات، بمجرد مغادرته منصبه، إذ سيرتبط اسمه بالكراهية، لافتاً إلى أنّ ترامب أعاد "الشعبوية" والحركات اليمينية التي كانت موجودة في الولايات المتحدة في التسعينات عندما وقع تفجير في مدينة أوكلاهوما في فترة رئاسة بيل كلينتون وتم إخمادها.


اقرأ أيضاً: المُتاجرة بخاشقجي.. التخلّي التركي بُرهان جَليّ على زيف المزاعم (الجزء 4)


وقال إنّ ترامب أعاد هذه التيارات وتمكن من الفوز في العام 2016 رغم خسارته بـ3 ملايين صوت أمام هيلاري كلينتون، مردفاً: "لكن عندما تكون لديك كل تلك القوة التي كانت لديه وتفقدها وبعد ذلك تواجه كل الدعاوى القضائية التي ستخرج للعلن.. فأنت في ورطة عميقة"، مضيفاً: "لن أتفاجأ إذا تمت إزالة اسم ترامب في السنوات المقبلة من مبانيه في نيويورك، لأنّه سينظر إليها -اسمه بالذات- على أنها نوع من عبارات الكراهية".


بايدن والإرهاب المحلي


ومع تقلد بايدن سدّة الحكم رسمياً، في العشرين من يناير، وجّه إدارته باستكمال إجراء تقييم شامل لخطر الإرهاب المحلي، وذكرت الناطقة باسم البيت الأبيض، جين بساكي، أنّ التقييم سينجزه مكتب مدير المخابرات الوطنية بالتنسيق مع مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الأمن الداخلي، مضيفةً في إفادة صحفية: "نريد تحليلاً يستند إلى الحقائق، ويمكننا على أساسه تشكيل السياسة"، وذلك عقب فتح السلطات الأمريكية عشرات القضايا المتعلقة بـ"الإرهاب الداخلي".


اقرأ أيضاً: مُدركةً حجمها.. روسيا تنحني أمام العاصفة الغربية في أوكرانيا


بينما كشف وزير الأمن الداخلي الأمريكي، أليخاندرو مايوركاس، أن "الإرهاب الداخلي هو أحد أكبر التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة، خصوصاً أنّ تهديده ما يزال قائماً"، قائلاً خلال حديث لشبكة CNN، إنّ "رؤية التمرد وأعمال 6 يناير المروعة، لم تكن مدمرة على المستوى الشخصي فحسب، بل أوجدت في داخلي التزاماً بمضاعفة جهودنا لمحاربة الكراهية ومحاربة أحد أكبر التهديدات التي نواجهها حالياً على وطننا، وهو الإرهاب المحلي".


وأكد مايوركاس على أنّ تهديد الإرهاب المحلي "مستمر"، مشدداً أنّ الوزارة ستواصل العمل مع شركائها على مستوى الدولة والشركاء المحليين لمكافحته، مضيفاً: "أحد التحديات التي نواجهها هو تحديد الخط الفاصل بين خطاب الكراهية والعمل البغيض".


مشكلة جدية


ورغم أنّ البعض قد ينظر إليها على أنّها حدث عابر مرتبط بتحريض شخصي من ترامب وأنصاره، إلا أنّ مدير مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي، كريستوفر راي، كان له رأي آخر، حيث قال في بداية مارس الماضي، إن مشكلة الإرهاب الداخلي في بلاده تصاعدت بشكل جدي في السنوات الأخيرة.


إذ قال: "التطرف المنزلي ازداد بشكل جدي، وعندما تم تعييني لمنصب مدير المكتب (عام 2017) تم تسجيل نحو ألف حادث، وبحلول نهاية العام الماضي، تم تسجيل 1,4 ألف حادث، أما الآن فيتم التحقيق في ألفي حادث، وازداد عدد الاعتقالات في القضايا الجنائية المرتبطة بدعاية فكرة التفوق الأبيض العام الماضي بمقدار 3 مرات مقارنة مع عام 2017".


اقرأ أيضاً: العنصرية التركيّة تُحارب بالمياه.. من شرق الفرات إلى عفرين


موضحاً: "لسوء الحظ فإنّ أحداث اقتحام مبنى الكونغرس الأمريكي التي وقعت في الـ6 من يناير الماضي، لا يعد حدثاً منفصلاً، وتنتشر مشكلة الإرهاب الداخلي في جميع أنحاء البلاد مثل ورم خبيث، وهيهات أن تختفي في المستقبل القريب، الأمر الذي يمثل قلقاً رئيسياً".


وهو ما أكده في بداية مايو الجاري، وزير العدل الأمريكي، ميريك غارلاند، الذي دعا الكونغرس إلى تقديم المزيد من التمويل للتحقيق والملاحقة القضائية المرتبطة بالإرهاب الداخلي، بالقول إنّ هذا الأمر "يمثّل تهديداً متسارعاً يقض مضجعه"، مصرّحاً: "لدينا خوف متزايد من التطرّف العنيف الداخلي والإرهاب الداخلي.. كلاهما يقض مضجعي أثناء الليل"، مضيفاً أنّ "خطورة الأسلحة الفتاكة المتاحة لكل من الإرهابيين الأجانب والمحليين زادت"، لافتاً إلى أنّ وزارة العدل "تضع مواردها للدفاع عن البلاد فيما يتعلّق بكليهما"، وتابع بالقول: "لدينا تهديد ناشئ ومتسارع".


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!