الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • ثورة الحرية ضد "شرطة الأخلاق" في إيران.. قمع للاحتجاجات ودعم دولي

ثورة الحرية ضد
النساء والكرديات في إيران \ ليفانت نيوز

تتزايد وتيرة الاحتجاجات الغاضبة ضد النظام الإيراني القمعي وممارساته، الاحتجاجات التي تخللتها مواجهات دامية مع قوى الأمن، أُطلقت شرارة البداية فيها مع وفاة الشابة مهسا أميني، بعد أن احتجزتها "شرطة الأخلاق" أو "الإرشاد" في إيران. وسط دعوات عالمية لمواجهة الاعتداءات الإيرانية ضد المحتجين السلميين، وتحذيرات الجيش الإيراني من أنه سيتصدى "للأعداء" بحجة ضمان الأمن والسلام في البلاد.

اندلعت الاحتجاجات الشعبية في مختلف المحافظات الإيرانية، منذ نحو أسبوع، و لقي 36 شخصاً على الأقل حتفهم، على يد قوى الأمن في إيران. وقال مركز حقوق الإنسان في إيران (ICHRI) الذي يتخذ من نيويورك مقراً له بأن عدد قتلى الاحتجاجات ارتفع الى 36، مؤكداً على استمرار الاحتجاجات في مدن عدة.

وفي وقت سابق، أعلن مركز حقوق الإنسان في إيران، وفاة الشابة مهسا أميني التي تنحدر من محافظة كردستان الواقعة في شمال غرب إيران، بعد توقيفها من قبل "شرطة الأخلاق" في طهران بسبب "ارتدائها لباساً غير محتشم"، ويُقال بأن أميني لم تكن تغطي شعرها كاملاً عندما ألقت الشرطة القبض عليها في طهران في 13 سبتمبر / أيلول.

فيما أفاد ناشطون بأن أميني تلقت ضربة قاتلة على رأسها، إلا أن المسؤولين الإيرانيين نفوا ذلك وأعلنوا إجراء تحقيق.

اقرأ أيضاً: مع تصاعد الاحتجاجات.. الجيش الإيراني يحذّر من أنه "سيواجه الأعداء"

من جانبه، حذر الجيش الإيراني في بيان الجمعة من أنه "سيتصدى للأعداء" لضمان الأمن والسلام في البلاد، وذلك مع تفاقم وتيرة الاحتجاجات. وقال في البيان إن "هذه الأعمال اليائسة جزء من استراتيجية خبيثة للعدو هدفها إضعاف النظام الإسلامي".

إلى ذلك، ساندت العديد من دول العالم وشخصيات مختلفة هذه الاحتجاجات، مطالبة السلطات الإيرانية بوقف قمعها العنيف ضد مطالب الشعب المحقة.

"شرطة الأخلاق"

تقوم "شرطة الأخلاق" في إيران بتسيير دوريات ما يسمى بـ"الإرشاد" التي تعرف بـ "غشتي إرشاد"، مهمتها حسب ادعائهم هي "ضمان احترام الأخلاق الإسلامية واحتجاز النساء اللواتي يُنظر إليهن على أنهن يرتدين ملابس "غير لائقة".

وبموجب القانون الإيراني، الذي يستند إلى تفسير البلاد للشريعة، تُلزم المرأة بتغطية شعرها بالحجاب وارتداء ملابس طويلة وفضفاضة لإخفاء جسدها.

وكانت بداية التشريعات والتوجهات الإيرانية لمحاربة ما تسميه السلطات بـ"الحجاب السيئ"، التي تعني بضرورة مجابهة ارتداء الحجاب أو غيره من الملابس الإلزامية بشكل غير صحيح بعد فترة وجيزة من الثورة الإسلامية في البلاد عام 1979 والإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي. بالرغم من أن العديد من النساء كن ملتزمات بذلك وقتذاك، لكن لم تكن التنانير القصيرة والشعر المكشوف من المشاهد غير المألوفة في شوارع طهران..

وبعد أشهر قليلة من إعلان تأسيس الجمهورية الإسلامية، بدأت الحكومة الجديدة بإلغاء قوانين حماية حقوق المرأة التي وُضعت في عهد الشاه. وأصدر آية الله الخميني، مرسوماً يقضي بفرض الحجاب على جميع النساء في أماكن العمل، معتبراً النساء غير المحجبات "عاريات".

اقرأ أيضاً: الاحتجاجات مستمرة في إيران ومطالبات بإسقاط النظام

وبحلول عام 1981 طُلب من جميع النساء والفتيات ارتداء ملابس "إسلامية" محتشمة بموجب القانون. الأمر الذي كان يعني ارتداء "الشادور"، وهي عباءة تغطي الجسم بالكامل، غالباً ما يكون مصحوباً بغطاء رأس ومعطف يغطي الذراعين أيضاً.

وبعد عامين، أقر البرلمان الإيراني فرض عقوبة الجلد، 74 جلدة، على من لا تغطي شعرها في الأماكن العامة، وفي الآونة الأخيرة، أضيفت عقوبة السجن التي تصل إلى شهرين.

قمع مستمر

واختلفت مدى صرامة تطبيق هذه القوانين وشدة العقوبات والقيود المفروضة على حقوق المرأة في إيران، بحسب توجهات الرئيس الذي كان يتولى السلطة والتزامه بالقيود المفروضة.

وأفضل مثال على ذلك، ما قام به الرئيس السابق المتشدد محمود أحمدي نجاد، بعد فترة وجيزة من فوزه في الانتخابات فقد أعلن عن تأسيس شرطة الآداب"غشتي إرشاد" بشكل رسمي. التي كانت حتى ذلك الوقت، قواعد اللباس تخضع للرقابة بشكل غير رسمي من قبل وحدات تطبيق القانون الأخرى والوحدات شبه العسكرية.

كما وقّع الرئيس إبراهيم رئيسي، وهو رجل دين متشدد انتخب العام الماضي، على أمر في 15 أغسطس/آب، لفرض قائمة جديدة من القيود على النساء.

وتضمنت القيود الجديدة، على إدخال كاميرات مراقبة لمراقبة وتغريم النساء غير المحجبات أو إحالتهن لمجالس إرشاد والحكم بالسجن على أي إيراني يعبر عن معارضته لقواعد الحجاب على الإنترنت.

الأمر الذي أدى إلى زيادة حالات الاعتقال، لكن بنفس الوقت، نشرت المزيد من النساء صورهن وفيديوهاتهن بدون حجاب على مواقع التواصل الاجتماعي وهو الأمر الذي انتشر وزاد في الأيام التي أعقبت وفاة الشابة أميني.

وفي الآونة الأخيرة، اتخذت شرطة الأخلاق إجراءات أكثر صرامة للتعامل مع "الحجاب السيئ" في إيران.

اقرأ أيضاً: إلى تبريز والأحواز.. المظاهرات تتوسع خارج كردستان إيران

فيما يعتبر مناصري حقوق المرأة، أن إصدار أحكام بالسجن لمدد طويلة وكفالة باهظة لارتداء الحجاب السيئ هو "عنف" من قبل السلطات. لكن مسؤولي النظام الإيراني، من رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان إلى آخرين، يؤكدون على ضرورة تطبيق القوانين المتعلقة بالحجاب.

بالإضافة إلى السجن، فإن الغرامات المالية على النساء والتعامل مع مديري المكاتب وإغلاق المقاهي هي بعض الإجراءات الأخرى التي اتخذتها السلطات الإيرانية لمحاربة "الحجاب السيئ".

إدانة ودعم عالمي

فرضت وزارة الخزانة الأمريكية يوم الخميس (22 أيلول/سبتمبر 2022) عقوبات على "شرطة الأخلاق" في إيران، متهمة إياها بالإساءة للنساء واستخدام العنف ضدهن. كما حمّلتها مسؤولية وفاة مهسا أميني.

من جانبها، قالت وزيرة الخزانة جانيت يلين في بيان: "مهسا أميني كانت امرأة شجاعة، وكان موتها في حجز لشرطة الأخلاق عملًا وحشيًا آخر لقوات أمن النظام الإيراني ضد شعبه".

وأضافت: "ندين بأشد العبارات هذا العمل المشين وندعو الحكومة الإيرانية إلى إنهاء العنف الذي تمارسه ضد النساء وكذلك حملتها العنيفة المستمرة على حرية التعبير والتجمع".

كما أعربت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، عن تضامن الكونغرس الأمريكي مع الشعب الإيراني في حداد "الموت المروع" لمهسا أميني، وقالت: "الأصوات الشجاعة للشعب الإيراني مسموعة في جميع أنحاء العالم".

كما وصف مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان دورية إرشاد بأنها "مسؤولة عن مقتل مهسا أميني" وأضاف: "سنواصل محاسبة المسؤولين الإيرانيين ودعم حق الإيرانيين في الاحتجاج بحرية".

وفي سياق متصل، أعربت وزارة الخارجية النيوزيلندية عن مخاوفها  بشأن حالة حقوق الإنسان في إيران. مشيرةً إلى أنه: "نحن على علم بوفاة مهسا أميني المفجعة في حجز الشرطة الإيرانية".

وغرد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو: "نحن نؤيد بقوة الشعب الإيراني الذي يحتج بشكل سلمي ويعبر عن مطالبه. نطالب النظام الايراني بوقف قمع حرية التعبير ووقف المضايقات والتمييز ضد المرأة ".

وقال الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون: "أدين مقتل مهسا أميني وأضم صوتي إلى المطالب بإجراء تحقيق محايد. أنا أؤيد الشعب الإيراني الذي يطالب بمحاسبة السلطات ويحتج على عنف قوات الأمن دفاعاً عن حقوق الإنسان الأساسية للمرأة ".

وغرد عضو البرلمان البلجيكي ثيو فرينكين: "ادعموا نشر هاشتاغ محسا أميني. أنا دائما أؤيد إيران الحرة. إيران الحرة في مصلحتنا من وجهة النظر الجيوسياسية. من المؤسف أن يكون للاتحاد الأوروبي علاقات وثيقة مع نظام آيات الله. وهذا خطأ كبير."

وغرد الممثل الأمريكي الشهير مارك روفالو مؤيدًا للمتظاهرين الإيرانيين: "ادعموا جهود الشعب الإيراني من أجل الحرية".

وغرد الممثل الأسترالي نيت بازوليك على تويتر: "إنه لأمر مروع حقًا مشاهدة ما يحدث في شوارع إيران هذه الأيام".

وفي مؤتمر صحفي مع وسائل الإعلام الأجنبية في نيويورك، وصف إبراهيم رئيسي حماية حقوق المواطنين ضمن "الواجبات المتأصلة" للجمهورية الإسلامية، وقال إن هذه الحكومة تسعى لإنصاف جميع المواطنين. وأضاف: "الاحتجاجات كانت دائماً ولا تزال وتسمع، لكن يجب أن يكون هناك فرق بين الاحتجاج والاضطراب".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للمرأة قد دعمت طلب المفوض السامي لحقوق الإنسان لهذه المنظمة بإجراء تحقيق فوري في الوفاة "المأساوية" لمهسا أميني بعد أن ألقت دورية إرشاد القبض عليها.

في غضون ذلك، تتواصل موجة الاعتقالات والقمع من قبل قوات الأمن. وتم قطع الإنترنت عبر الهاتف المحمول والمنزلي تماماً في أجزاء من طهران ومدن أخرى من البلاد يوم الخميس، ولهذا السبب، لا توجد معلومات دقيقة حول آخر الأخبار المتعلقة بالاحتجاجات في مدن مختلفة.

اقرأ أيضاً: الحرس الثوري الإيراني يدخل على خط الاحتجاجات الإيرانية

أصبحت الشعارات المناهضة للمرشد علي خامنئي والصيحات المطالبة بإسقاط النظام الإيراني محور الاحتجاجات، وصارت مدن مختلفة مسرحًا لحرق الأوشحة، واشتباكات بالشوارع ضد القمع العنيف للنساء، وذلك مع انتشار الاحتجاجات ضد مقتل مهسا أميني في مدن مختلفة بإيران.

واندلعت الاحتجاجات في أنحاء إيران بشأن قضايا من بينها تقييد الحريات الشخصية بما يشمل فرض قيود صارمة على ملابس النساء، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي الذي يترنح تحت وطأة العقوبات.

ليفانت نيوز_ خاص

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!