-
صفقة شي جين بينغ مع منافسيه في الحزب "للبقاء إلى الأبد"
رابط مختصر: https://tlns.live/Fp8vRT
ترجمات ليفانت
كتب: ويلي وو لاب لام
معهد جيمس تاون
أشرف الرئيس شي جين بينغ على تعزيز مثير لعبادة شخصيته في المدة التي سبقت المؤتمر العشرين للحزب هذا الخريف. وأحدث مؤشر على عبادة البطل هذه هي أن وسائل الإعلام الوطنية منحت شي لقب lingxiu التي عادة ما تترجم إلى “زعيم” هذّبها قاموس الحزب الشيوعي الصيني إلى “القائد”. لم يسبقه إلا ماوتسي تونغ بحمله اللقب العالي الرفيع “القائد العظيم” طوال تاريخ الحزب الشيوعي الصيني.
بدأت شينخوا وCCTV ووسائل الإعلام الرئيسية الأخرى بعرض 50 حلقة فيديو تسلط الضوء على مسيرة شي المهنية، ولا سيما “مساهماته الهامة” للحزب والبلاد. وقالت شينخوا إن شي رسم الصورة الكبيرة للوضع الداخلي والخارجي ونشر الإصلاح والتنمية والاستقرار … وبيده تطوير إدارة الحزب والدولة والجيش”.
يبدو أن إضفاء الإشارات “القدسية” إلى شي، ومن قبلها لقب “جوهر القيادة” في عام 2016، يدحض ما يقال في هونغ كونغ وتايوان والمجتمع الصيني بالخارج بأن ابن مقاطعة شنشي البالغ من العمر 69 عاماً مريض جداً ويواجه معارضة قوية من الخصوم السياسيين – بقيادة رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ – حول السياسة الاقتصادية والخارجية.
يُصر قادة الرأي الرئيسيون المشهورون في الخارج (KOLs) مثل تشين بوكونج ومقره نيويورك على أن السياسات المؤيدة للسوق التي ينتهجها رئيس مجلس الدولة الصيني لي ورئيس المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني وانغ يانغ، تتفوق على آراء شي شبه الماوية بشأن سيطرة الحزب شبه المطلقة على الاقتصاد. حتى وصل البعض حد التكهن بأن شي قد أُجبر على التنازل عن منصبه الأول في الحزب والدولة إلى لي.
تعود قصة لقب “الزعيم” إلى أبريل من العام الماضي عندما زار القائد الأعلى مقاطعة قوانغشي في رحلة تفقدية. تلقفت وسائل الإعلام زيارته وبدأت بمدحه على أنه “جوهر الحزب بِرُمَّته ولغة الشعب”. وأن “مشاعر الزعيم متعلقة بقوة بسكان قوانغشي وأفكاره العظيمة تنير أرجاء المقاطعة”. وأشارت وسائل الإعلام أيضاً أن أهل قوانغشي “مؤيدون للزعيم للأبد، وحماة الزعيم للأبد، وعلى خطاه للأبد”. كما أشارت كبار الشخصيات القيادية في قوانغدونغ إلى أن غنى الصين وقوتها نتاج “قيادة الأمين العام شي جين بينغ في اتخاذ قرارات [فذة] [نبعت] من سلطته الشخصية وإعطاء كلمته الأخيرة [بشأن السياسات].
لا شك إذاً أن الرئيس شي، الذي يشغل أيضاً منصب الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس لجنته العسكرية المركزية، سيحصل على ولاية ثانية في الأقل مدتها خمس سنوات زعيماً أعلى للصين في المؤتمر العشرين للحزب في وقت لاحق من هذا العام. ومن المحتمل أيضاً أن يسمى رسمياً “محور القيادة وجوهرها إلى الأبد” وأنه سيتسلم فترة رابعة في المؤتمر الحادي والعشرين للحزب في عام 2027. وهذا يعني أن شي سيحكم حتى عام 2032 في الأقلو سيكون عندها الزعيم المحافظ شبه الماوي قد بلغ من العمر 79 عاما.
شي صاحب الدور القوي
يبدو أن شي باقٍ في السلطة على الرغم مما يقال عن انتقادات شديدة يوجهها أعيان الحزب له ومنهم رئيس الوزراء السابق تشو رونغجي، أو أن رئيس الوزراء الحالي لي – الذي سيخدم كرئيس للحكومة حتى مارس المقبل – قد يكون يخطط لتقويض حكمه. وفي مؤتمر متلفز في 25 أيار/مايو مع الآلاف من القادة الوطنيين والمحليين، شدد لي على حتمية إيقاف شواهد التدهور الاقتصادي الملموسة التي أصبحت واضحة خصوصاً في مارس/آذار وأبريل/نيسان. وأشاد لي بقيادة شي وأهمية سياسة “عدم التسامح مطلقاً” مع جائحة كوفيد، لكنه أيضاً حث المسؤولين على “إكمال مهمتهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية حتى في أثناء تفانيهم في منع الوباء والسيطرة عليه”.
وأضاف لي: “يجب أن نحكم قبضتنا على الوضع العام [للبلاد] وأن نتجنب” التركيز على هدف واحد فقط، و“فرض توحيد صارم على السياسات”. كما أشار رئيس الوزراء إلى ضرورة كبح الاختناقات اللوجستية وسلسلة التوريد “بهدف استئناف الإنتاج وتحقيق الأهداف [الاقتصادية]”. ونظراً لسلبية سياسة شي تجاه جائحة كوفيد التي انتُقدت بشدة بسبب تشويه الاقتصاد، يبدو أن لي يقوم بتحدٍ تعوزه اللباقة لسلطة القائد الأعلى.
مع ذلك، فإن حقيقة الأمر هي أنه كما قال ماو تسي تونغ فيما يتعلق بالمشاحنات الداخلية بين الفصائل: “تنبع القوة السياسية من فوهة البندقية.” وشي هو العضو الوحيد في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي (PBSC) الذي يسيطر على جيش التحرير الشعبي والشرطة الشعبية المسلحة وكذلك الشرطة العادية ومؤسسة المخابرات.
يعين دينغ شيوشيانغ المقرب من شي، مدير المكتب العام للحزب الشيوعي الصيني، السائقين والأمناء والتفاصيل الأمنية لمعظم أعضاء المكتب السياسي وأعيان الحزب. يحافظ دينغ أيضاً على نظام مراقبة على القادة المدنيين والعسكريين على حد سواء، يشمل التنصت على الهاتف والرصد الدقيق لأنشطتهم خارج المكتب.
لقد أصدر المكتب العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني توجيهاً في 16 أيار/مايو يحذر أعيان الحزب من “إعطاء آراء غير لائقة” بشأن قيادة الحزب المركزي (أي القائد الأعلى شي). يجب على كبار الكوادر السابقة أيضاً احترام لوائح الهجرة التي شُددت مؤخراً في البلاد عند السفر إلى الخارج. كما طُلب من الكوادر المتقاعدة والعاملين سحب أصولهم الخارجية وإعادة هذا النقد الأجنبي الثمين إلى البلاد.
هل هي صفقة مع المنافسين؟
نظراً لأن الاقتصاد يواجه مشكلات مثل ضعف الإنفاق الاستهلاكي وفتور التصنيع، وهو ما أدى إلى تشدد شي في موقفه بشأن سياسة “عدم التسامح ” إبان الجائحة، فقد وافق القائد الأعلى على ما يبدو لتقديم تنازلات بشأن كل من السياسة الاقتصادية وقضايا الموظفين. كما أكدت خدمة أخبار الصين الرسمية في تعليق بتاريخ 19 أيار/مايو “اتجاه الريح يتغير ويشهد اقتصاد المنصة الإلكترونية إشارة مشجعة تلو الأخرى”.
وكرر رئيس مجلس الدولة لي تشديده على أهمية الحفاظ على النمو الاقتصادي والتوظيف مع تجاهل نوع الهواجس الأيديولوجية التي تعتبر السمة المميزة لشي. ونتيجة لذلك، كان على شي أن يعدل بشكل كبير سياسته في دعم سيطرة الحزب الصارمة على التكتلات التكنولوجية. ويتجلى هذا التحول في السياسة من طريق التصريحات الليبرالية نسبياً التي أدلى بها مستشاره الرئيس وعضو المكتب السياسي ونائب رئيس الوزراء ليو خه مؤخراً حول الكيفية التي يجب أن تستند إليها اللوائح التنظيمية على شركات تكنولوجيا المعلومات “على [مبادئ] التسويق والتشريع والتدويل” وأن آليات التحكم تلك يجب ألا تضر بالسوق.
على صعيد الموظفين، يبدو أن أعضاء فصيل شي جين بينغ يواجهون التحديات. أولهم لي تشيانغ عضو المكتب السياسي وسكرتير حزب شنغهاي، الذي يُقال إنه المرشح المفضل لدى شي لخلافة رئيس الوزراء لي، ربما تكون حظوظه السياسية قد تضررت بسبب التداعيات السلبية للإغلاق المطول في شنغهاي. والثاني سكرتير الحزب السابق لمقاطعة هوبى يينغ يونغ، وآخرون مثل أمناء الحزب السابقين تشو جيانيونغ وشو ليي في مدينتي هانغتشو وتشنغتشو على التوالي.
النتيجة، في حين أن شي ما يزال يتفوق على جميع الكوادر الأخرى على مستوى المكتب السياسي والوزاري، فإنه يتعين عليه تقديم تنازلات في المجال الرئيس لترتيبات الموظفين التي سيقرها المؤتمر العشرين للحزب. إليك على سبيل المثال تكوين اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، وهي أعلى هيئة سياسية حاكمة في الصين. وفيما يلي توقعات تشكيل اللجنة الدائمة المؤلفة من سبعة أعضاء التي سيصدّقها مؤتمر الحزب:
الأمين العام شي جينبينغ؛ رئيس المكتب العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني دينغ شويشيانغ؛ وإما لي تشيانغ أو تشين مينير أمين الحزب في مدينة تشونغتشينغ. ومن المتوقع حجز مقعدين لفصيل رابطة الشباب الشيوعي المنافس بقيادة رئيس الوزراء لي. يضغط لي كي يخلفه نائبه هيو تشونهوا المسؤول حالياً عن الزراعة ونصير رابطة الشباب الشيوعي. وفقاً لمؤتمر الحزب، فإن أحد المؤهلات الرئيسية لرئاسة الوزراء هو أن المرشح الناجح يجب أن يكون نائباً لرئيس الوزراء. هذا المؤهل لا يوجد لدى أي من الكوادر المفضلة لشي.
قد يبقى رئيس مجلس الدولة لي أو رئيس المؤتمر الاستشاري السياسي وانغ في مجلس الشعب الصيني، وكلاهما على بعد عام واحد من سن التقاعد البالغ 68 عاماً عند انعقاد المؤتمر العشرين للحزب. إذا بقي لي في المجلس فهناك احتمال جيد بأنه قد ينتقل إلى المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني كرئيس. يمكن النظر إلى البروز المفاجئ الذي حظي به رئيس الوزراء لي في وسائل الإعلام خلال الشهرين الماضيين على أنه محاولة لعقد صفقة مع شي. وبالتحديد، لن يعارض لي تمديد ولاية شي في مؤتمر الحزب مقابل دعم شي لزملائه أعضاء رابطة الشباب الشيوعي مثل نائب رئيس مجلس الدولة هو جين تاو ورئيس المؤتمر الاستشاري السياسي وانغ.
تشاو ليجي (مواليد 1957)، أصغر شاغل في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، ويرأس اللجنة المركزية لفحص الانضباط، وهي أعلى هيئة لمكافحة الكسب غير المشروع في الصين، سيحصل أيضاً على فترة ولاية ثانية كعضو في اللجنة الدائمة على الرغم من انتقاله من كونه صديقاً مقرباً من شي إلى العدو السياسي للأخير. قد يُمنح المقعد الأخير لنجم صاعد دون انتماءات فئوية واضحة. إذا تحقق ذلك، فإن فصيل شي سيسيطر على ثلاثة من أصل سبعة مواقع في مجلس الشعب الصيني. ومع ذلك، من المرجح أن تكون التغييرات في تشكيلة كل من المكتب السياسي واللجنة الدائمة في الفترة التي تسبق المؤتمر.
من سيخلف شي إذاً؟
في ضوء التركيبة المحتملة للجنة الدائمة، ستكون إحدى أولويات شي بعد المؤتمر العشرين للحزب هي صياغة آلية لخلافته. إذا حكم شي حتى المؤتمر الثاني والعشرين للحزب في عام 2032، فإن عدداً كبيراً من النجوم الصاعدة من الجيل السادس – المولودين في الفترة ما بين 1959 إلى 1969 – بما في ذلك لي تشيانغ وتشين مينير ودينغ شوكسيانغ سيكونون قد بلغوا سن التقاعد البالغ 68 عاماً أوائل 2030. نتيجة لذلك، قد يأتي الكادر البارز الذي سيخلف شي في النهاية من أحد أعضاء الجيل السابع (7G) من قيادة الحزب الشيوعي الصيني المولودين في السبعينيات. ومع ذلك، من السابق لأوانه في هذه المرحلة التكهن بمن من بين أبناء الجيل السابع – الذين ترقوا فقط إلى رتبة نائب وزير أو نائب حاكم المقاطعة أو نائب رئيس البلدية – لديهم فرصة للوصول إلى القمة.
اقرأ المزيد: "إينورا شام" ضابطة مخابرات فرنسية تتحدث عن كتابها حول سوريا
من الواضح أن محاولة شي للحصول على المنصب مدى الحياة وحقيقة أن سياساته الاقتصادية والوبائية تواجه معارضة قوية داخل النخبة الحاكمة تفضح المؤسسات غير الديمقراطية وغير الشفافة للغاية في الحزب والدولة. كما تُظهر مخاطر تجاهل قيادة شي للإصلاحات المؤسساتية التي قادها المهندس الأكبر للإصلاح دنغ شياو بينغ وإعادة المعايير السابقة التي أطلقها الرئيس الراحل ماو تسي تونغ.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!