الوضع المظلم
السبت ٢٨ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
وجهة نظر حول المنطقة الآمنة في شرقي الفرات
حسين أحمد

حسين أحمد - كاتب سوري


إن تغريدة الرئيس الأمريكي التي أطلقها في عام 2018 لإنشاء منطقة آمنة لقيت ترحيباً كبيراً لدى شعوب المنطقة برمتها - وخاصة الشعب الكوردي في سوريا على مساحة تقدر ب 24 كم2 في ظل انتهاء العمليات العسكرية في باغوز آخر معاقل داعش ,بدت الأمور أكثر تعقيداً من التجارب السابقة في أنشاء المناطق الآمنة، والتي تم تطبيقها في بعض دول العالم.



ويأتي الهدف الظاهر من إقامة المنطقة الآمنة في شرق الفرات لحماية المدنيين الذين لايستطيعون حماية أنفسهم في ظروف الحرب والاقتتال والقتل والاضطهاد الناتج عن الاختلاف العرقي والقومي والديني والمذهبي ...الخ. وبتوصية خاصة من لجنة تابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي تؤكد ارتكاب هذه المجازر، في تقرير مقدم الى مجلس الأمن الدولي ؛بهدف إصدار قرار بذلك. ومن ثم الاتفاق بين الأطراف المتنازعة على القبول بإقامتها ونزع الصفة العسكرية بسحب سلاح القوات المتواجدة فيها وتشكيل إدارة مدنية لإدارة المنطقة، والتأكيد على تجنب أطراف الصراع استئناف القتال مرة أخرى ،او خرق بنود الاتفاقية ، و ضرورة الالتزام بما فيها ..


ولا بد لنجاح ذلك ، توفير حماية عسكرية لها من قبل قوات الأمم المتحدة، أو قوات تحالف دولي مكلف من قبلها ، وفرض حظر جوي لفرض هذا القرار, لذلك توصلت الولايات المتحدة وتركيا في السابع من الشهر الجاري( أيلول من العام 2019) بعد عدد من جولات من المحادثات الثنائية، إلى اتفاق على انشاء منطقة آمنة ذات طبيعة أمنية وعسكرية  تفصل بين مناطق سيطرة المقاتلين الكورد، و بين قوات لحماية الحدود التركية وجيشها، وتمتد بين مدينتي سري كانية – Serê kaniyê (رأس العين) وكري سبي - Girêsipî(تل أبيض) بطول 70 – 80 كم ،وبعمق بين /5-14/ كم، على أن تشمل المناطق غير المأهولة بالسكان، بعد تقسيمها إلى ستة قطاعات. وسيتم تسيير دوريات أميركية تركية مشتركة في المنطقة، فيما ستكون تركيا ضمن القوات الجوية للتحالف الدولي التي تحلق في سماء المنطقة واعادة اللاجئين السوريين من سكان المنطقة اليها .


ومن شروط القبول من الجانب الكردي بالاتفاق، ألا تقوم أنقرة بإعادة لاجئين سوريين من مناطق أخرى إلى هذه المنطقة، وهو ما وافقت عليه السلطات التركية. ونتيجة هذه التحولات السياسية يستوجب ان نطرح عدة استفسارات:فهل هنالك جرائم حرب مرتكبة في هذه المنطقة ، ونحن بحاجة لمثل هذه المنطقة .  تحت أي مسمى ومنها :" منطقة آمنة تحت رعاية دولية" ؟ام يجب علينا – كشعب كوردي ومكونات المنطقة الأخرى - رفض المشروع نهائيا، وطلب الحماية الجوية التي ستزيد من توفير أجواء الأمان للقوات المحلية التي تحمي أبناءها في شرقي الفرات ، وتقديم المساندة والدعم اللازمين لتشكيل هذه المنطقة المحمية من قوى جوية دولية بإشراف الأمم المتحدة ,وهل هنالك اتفاق بين الأطراف المتنازعة بقبول سحب آلياتها ونزع السلاح عن القوات المتواجدة في هذه المنطقة بغية إزالة الصفة العسكرية عن المنطقة ، وتشكيل إدارة مدنية للمنطقة.


ما هو دور الإدارة الذاتية المعلن عنها ؟

أليست إدارة مدنية معترف بها ، من قبل جميع الشعوب، أم أنها كانت إدارة عسكرية فحسب من منظورها ؟

نعم كان هنالك مقترح تركي فرنسي لإقامة المنطقة الآمنة في مايو 2013 واستمر هذا الطلب بداية عام 2014 . لكن الرئيس أوباما وإدارته رفضوا هذا الاقتراح . فطرحت هذه الفكرة مجدداُ، واعتبرت إحياء لما اتفق عليه في ما بعد بين بوتين واوباما في عام 2015 لتقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ بين الطرفين ،تشرف الولايات المتحدة على كامل جغرافية شرقي الفرات حتى الحدود العراقية (يحاول الأمريكان إيجاد صيغة أكثر تناسقاً مع الوضع في شرق الفرات ، والأغلب ستكون منسجمة مع مصطلح "منطقة فاصلة " وليس "منطقة عازلة".


ان دلالة مفهوم المنطقة العازلة يعني ان تكون في أراضي الطرفيين المتنازعين وهذا ما لن تقبله تركيا .

وتشرف روسيا على غربي نهر الفرات حتى ساحل البحر المتوسط ، لهذا تسعى تركيا الآن بكامل قواتها لإقامة منطقة آمنة في الشمال الغربي من سوريا، وصولاً لمدينة الباب. وأيضا هنالك طرح اخر بإنشاء منطقة آمنة في الجنوب السوري بأشراف أمريكي تدار من جهات من داخل الأراضي الأردنية. اما بالنسبة لمنبج، فحسب التسريبات فأنها ستكون منطقة فصل بين النفوذين الروسي والأمريكي ، بعد قرار الانسحاب الأمريكي. وتعتبر المنطقة الآمنة بوابة العودة الأمريكية للجغرافية السورية.


قانونياً، يدرك الجميع أن المنطقة الآمنة تحتاج إلى ألاف العسكريين ،وأجهزة مراقبة تنتشر على حدود طولها اكثر من 500 كم من عين ديوار -شمال شرق سوريا - الى جرابلس، ثم إن الصراع على النفوذ الجيوسياسي سيولّد خلافات أكبر عند تحديد جنسيات الجنود الذين سيديرون المنطقة، والتحدي الأكبر-ربما- هو تحديد عمق المنطقة. “فعمق 32 كم “لن يحقق الامن ، بل يقسم المنطقة الى إدارتين .فتركيا لا تقبل إدارة كوردية في المنطقة الآمنة من جهة . و من جهة أخرى، لن تقبل دول التحالف -إضافة لتركيا - عودة نظام الأسد،و تمدد إيران فيها . أما روسيا فتغرد خارج هذه التوجّهات – كما يبدو - فهي رافضة لفكرة المنطقة الآمنة وتطالب بعودة سلطة دمشق .( لم تذكر أي جهة مدة للمنطقة الآمنة)، فهي تبدو كحل مؤقت. وتأجيل للحلول الجذرية في المنطقة برمتها .


وإذا قبلت بها تركيا خالية من سلطة كردية فمن سيدير ما خلف المنطقة الآمنة؟ وإذا قبل بها الكرد فمن سيديرها؟ وأين ستكون مدينة الحسكة 80 كم في خارطة الحل؟ ام سنكون امام مناطق متنازع عليها في حال تم تشكيل إقليم لكورد سوريا؟


وأخيراً : ما مصير القوة العسكرية التي شاركت التحالف في القضاء على تنظيم داعش؟ وهل سيستغني التحالف عن القوة الوحيدة التي أظهرت الوفاء لهم؟

أسئلة كثيرة نحتاج إيجاد أجوبة لها من خلال زيارات لموسكو وواشنطن وباريس إضافة لدمشق ولكن يبقي الغموض يتحكم حول توافقات دولية بما يتعلق في المنطقة الآمنة .

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!