الوضع المظلم
الخميس ٢٦ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • إسرائيل والنووي الإيراني.. خط أحمر قد يدفع للضربة العسكرية المنفردة

إسرائيل والنووي الإيراني.. خط أحمر قد يدفع للضربة العسكرية المنفردة
إسرائيل والنووي الإيراني مصدر الصورة: ليفانت نيوز

بالتوازي مع تعثر المفاوضات النووية نتيجة التعنت الإيراني، تنظر تل أبيب إلى احتمالات شن عمل عسكري ضد طهران، وترتفع احتمالات ذلك، خاصة مع التمهيد الإعلامي لها، الذي يبدو نوعاً من جس إسرائيل لنبض المجتمع الدولي، إذ قد تحمل أي عملية عسكرية ارتدادات شديدة، تعجز تل أبيب عن مواجهتها بشكل منفرد، دون دعم غربي سياسي وعسكري.


التصرف المنفرد


على الرغم من المخاطر التي قد يحملها أي عمل عسكري إسرائيلي منفرد صوب إيران، والتي قد تشعل الجبهات مع لبنان والنظام السوري والفصائل الفلسطينية السائرة في فلك طهران، إلا أنه خيار مطروح، وترتفع أسهمه بشكل تدريجي مع مرور الوقت، كلما ابتعدت طهران عن الالتزام بالاتفاق النووي، وتوجهت نحو امتلاك سلاح نووي.


وبالصدد، أعلن رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي، في الخامس من أكتوبر الماضي، "استمرار العمليات الإسرائيلية لتدمير القدرات الإيرانية في كل مكان وزمان"، قائلاً إن "الخطط التنفيذية ضد برنامج إيران النووي ستستمر في التطور والتحسن"، وأن "جميع الوحدات الأمنية والأوساط الاستخباراتية تشارك في هذا الجهد، واستناداً على الاختراقات التي حدثت في السنوات الأخيرة، فإن الخطط التنفيذية ستتحسن وتتطور بشكل ملحوظ".




الطيران الإسرائيلي يدك مواقع قرب دمشق Israeli F-16I pilots get S-300 training opportunity

اقرأ أيضاً: من الهرموش إلى شمعة.. الغرابة وإشارات التعجب رفيقةً لألغاز أبطالها “السوريون”

كما أوضح أنه "بفضل المعلومات الاستخباراتية الجيدة لدينا، يعرف الجيش الإسرائيلي ومؤسسات المخابرات بأكملها الكثير عما يحدث في إيران، ونحن نعمل ضد المؤسسة الإيرانية في جميع أنحاء الشرق الأوسط"، وهي تصريحات تشير بلا أدنى شك إلى وجود خط أحمر إسرائيلي ستلجئ معه للضربة العسكرية، ويتمثل ذلك الخط، في توجه إيران الفعلي لامتلاك السلاح النووي، الذي سيغدو تكراراً للنموذج الكوري الشمالي المهدد للعالم بأسره.


وهو ما أكده وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، في منتصف أكتوبر، عندما قال إن إسرائيل تحتفظ بالحق في التحرك ضد سعي إيران لامتلاك قنبلة نووية، مردفاً: "إيران على عتبة أن تصبح دولة نووية، كل يوم يمر وكل تأخير في المفاوضات يجعل إيران أقرب إلى امتلاك قنبلة نووية".


 إيران والشعور بالخطر


تهدد إيران المجتمع الدولي بالتوجه إلى امتلاك السلاح النووي، ما لم يجري رفع العقوبات عنها، بموجب الاتفاق النووي الموقع في العام 2015، والذي انسحبت منه واشنطن في العام 2018، وتدرك في هذا الصدد الخط الأحمر الإسرائيلي، وعليه ورغم البروبوغاندا الإعلامية الداخلية المتحدثة بلسان المقاومة والممانعة، لكنها تشعر فعلياً بالخطر، وهو ما يمكن الإشارة إليه من تصريحات المسؤولين الإيرانيين، ومنهم مجيد تخت روانجي، سفير إيران لدى منظمة الامم المتحدة، الذي حذر إسرائيل من "أي خطأ في الحسابات ومغامرة محتملة ضد إيران، ومن ضمن ذلك ضد برنامجها النووي السلمي"، على حد وصفه.


اقرأ أيضاً: باكستان وطالبان.. مُساندة عسكرية قبل سقوط كابول وسياسية بعده

حيث وجه تخت روانجي رسالة الى الرئيس الدوري لمجلس الأمن الدولي، تعقيباً على التهديدات الإسرائيلية ضد إيران، جاء فيها: "خلال الأشهر الأخيرة ازداد عدد وشدة تهديدات الكيان الإسرائيلي الاستفزازية والمغامرة باستمرار، اذ بلغ مستوى تحذيرياً، وآخرها ما صدر عن رئيس أركان جيش الكيان الذي هدد بأن " الخطط العملاتية ضد البرنامج النووي الإيراني يجري تطويرها، وأن العمليات ستستمر لتدمير قدرات إيران في مختلف المجالات وفي اي وقت كان".


وتابع تخت روانجي قائلاً: "الحقيقة هي أن التهديد الذي وجهه الكيان الإسرائيلي بمواصلة تدمير قدرات إيران يثبت بلا شك بأن هذا الكيان هو المسؤول عن الهجمات الإرهابية على برنامجنا النووي السلمي في الماضي"، وختم سفير ومندوب إيران: " ونظراً للماضي المقيت لأساليب الكيان الإسرائيلي المزعزع للاستقرار في المنطقة، وكذلك عملياته السرية ضد البرنامج النووي الإيراني، فإنه يجب التصدي لهذا الكيان لوقف جميع تهديداته وسلوكياته المخربة".


تحركات إسرائيلية


خط أحمر إسرائيلي وخشية إيرانية في مجلس الأمن، علامات لا تبدو أنها من سبيل الضغط الإعلامي فقط، خاصة إذ ما علمنا أن إسرائيل، أيدت في الثامن عشر من أكتوبر، ميزانية بقيمة خمس مليارات شيكل (1.5 مليار دولار)، لتميكن قدراتها على استهداف البرنامج النووي الإيراني، وفق القناة 12 الإسرائيلية، التي أشارت إلى أن "الأموال ستوجه نحو الطائرات وجمع المعلومات الاستخبارية، ربما باستخدام الأقمار الصناعية، من بين خيارات أخرى".


اقرأ أيضاً: المستتركون السوريون.. متخلوّن عن الوطنية ومنحلون ببوتقة التتريك

وبالفعل، فقد عاود سلاح الجو الإسرائيلي في الواحد والعشرين من أكتوبر، تدريباته على تنفيذ ضربة عسكرية ممكنة على المواقع النووية الإيرانية، عقب سنتين من توقف تلك التدريبات، وفق تقارير إخبارية عرضتها "القناة 12" وموقع "تايمز أوف إسرائيل" العبريان، إذ بينت التقارير أن رئيس الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي أصدر قراراً بتمويل تلك الخطوة، التي جاءت على خلفية تعثر الجهود الأميركية لإعادة طهران إلى طاولة المفاوضات من أجل توقيع اتفاق نووي جديد، ووفق تلك التقارير، فإن إسرائيل، وربما واشنطن كذلك، تدرك أنه ينبغي توفير خطة عسكرية في حالة فشل الدبلوماسية، وأنه سيكون من الصعب إقناع طهران بالتفاوض دون خيار عسكري قابل للتطبيق.


كما ذكر كوخافي في التاسع من نوفمبر، إن تل أبيب "تكثف الاستعدادات لهجوم محتمل على المنشآت النووية الإيرانية"، وأن "الجيش الإسرائيلي يسرع من التخطيط العملياتي والاستعداد للتعامل مع إيران والتهديد النووي العسكري"، فيما شدد نفتالي بينت رئيس الوزراء الإسرائيلي، في الواحد والثلاثين من أكتوبر، على إن "إسرائيل ستعمل كل ما هو مطلوب لإحباط التهديد الإيراني، وإنها ستستخدم كافة طاقاتها وقدراتها التكنولوجية والاقتصادية لتستبق تلك الإيرانية"، مردفاً: "ليس سراً أن إيران تتواجد حالياً، في مرحلة متقدمة جداً من حيث قدرتها على تخصيب اليورانيوم، وأن طهران تقوم بنشاطات في دول مجاورة لإسرائيل، لصرف الأنظار عن نشاطاتها في مجال التسلح النووي".


إيران تهدد بالردّ المدمر


وعلى المنقلب الآخر، وبعيداً عن لغة الدبلوماسية، تكشر إيران عن أنيابها، وتتوعد تل أبيب بشكل متكرر بالندم، إن تجرأت فعلاً على تنفيذ العمل العسكري المزعوم، ومنها اعتبار نائب قائد الجيش الإيراني للشؤون التنسيقية، الأدميرال حبيب الله سياري، في التاسع عشر من أكتوبر، أن قوات بلاده مستعدة "لمواجهة أي تهديد من العدو”.


اقرأ أيضاً: شمال سوريا.. والهزيمة السياسية قبل العسكرية لأردوغان والإخوان

فيما قال عنيد حاجي زاده قائد القوى الجوية والصاروخية بالحرس الثوري الإيراني، في الحادي عشر من نوفمبر، إنه سيتم تدمير إسرائيل في حال شنت أي عدوان على إيران، وتابع قائلا: "إن السلطات الإسرائيلية تعلم أن بإمكانها بدء المواجهة، لكنها لن تكون من ينهيها، والنهاية ستكون بيدنا.. سوف يتم تدميرهم لو اعطونا الذريعة اللازمة.. الحكومة الوحيدة في العالم التي تتحدث عن فرص بقائها وتعقد ندوات لمناقشة مخاوفها بهذا الخصوص هي إسرائيل.. ومن يفكر بالتهديدات الوجودية محكوم بالزوال، ولا يستطيع الحديث عن بلدان اخرى وتهديدها، هذه التهديدات لها مصارف داخلية في إسرائيل".


وختاماً، يبدو أن إسرائيل تمتلك فعلياً خيار التصرف العسكري المنفرد في إيران، (إن تجاوزت الخط الأحمر الإسرائيلي)، مهما كلفها ذلك من خسائر وهجمات، كون إسرائيل تدرك أن خسائرها مهما بلغت آنذاك، لن تكون بحجم مخاطر امتلاك إيران للسلاح النووي، الذي سيعرض تل أبيب والعالم بأسره للابتزاز الإيراني، وهو ما يبدو أن طهران تدركه وبالتالي تخشى من تنفيذ تل أبيب لوعيدها، خاصة أنه مصحوب بإجراءات إسرائيلية عسكرية عملية، دون أن يكون لطهران من خيار ثان، سوى التهديد بالانتقام الحارق، عله يردع خصمها.


ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!