-
الإخوان.. ما بين حقيقة الإتجار بالدين وزيف الدفاع عن الأمة
بالرغم من كل محاولات تنظيم الإخوان المسلمين على الساحة الدولية عموماً، والأوروبية خصوصاً، الظهور بمظهر الطرف المُتمدّن الذي يمكن الحوار معه، والسماح له بالعمل على أراضي معظم الدول الأوروبيّة إن بشكل علني أو موارب، تتكشّف بين الحين والآخر تقارير جديدة تفضح التجاوزات التي يرتكبها التنظيم أو أعضاؤه، سواء بصفة شخصية أو بصفتهم التنظيمية.
فالتنظيم، ورغم ما يعتريه ويشوبه من علامات استفهام حول أدواره وأهدافه التي يسعى إلى لعبها أو تحقيقها في أي زمان وكل مكان، لكنه حكماً يتمتّع بمنظومة سياسية واقتصادية تؤمن لها الحماية اللازمة، إن كان عبر الدبلوماسية أو عبر التمويل، ويقصد هنا تحديداً أنقرة والدوحة، التي يفتح إحداهما ذراعيه لاحتضان أعضاء التنظيم، فيما يتكفل الآخر بدفع تكاليف بقاء التنظيم على منفسة التطرّف الساعي للسلطة من بوابة الدين.
متاجرة بالدين واستخفاف بالعقول
تطرفٌ، لا بدّ وأنّه سيفتضح، وإن لم يكن اليوم فغداً، وربما ذلك ما يمكن استدلاله من التقرير الذي نشرته صحيفة “التايمز” البريطانية، في الثاني والعشرين من أغسطس الماضي، عندما قالت في خبر لها أنّ مجلس أمناء “هيئة الإغاثة الإسلامية” العالمية في بريطانيا، الموضوعة على لائحة الإرهاب في عدّة دول عربية، سيشهد استقالة جماعية، عقب أن توضّح أنّ أحد أعضائه استعمل تعبيرات معادية للسامية، وأثنى على التطرّف الذي يسعى تنظيم الإخوان المسلمين إلى نشره، أسوة بأذرع المرشد الإيراني في دول عربية عدّة.
وبيّنت التايمز، آنذاك، أنّ عضو مجلس الأمناء بهيئة الإغاثة تلك، ويدعى حشمت خليفة، قد أثنى في منشوراته على فيسبوك بهجمات حماس على إسرائيل، وصوّر الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، بثياب عليها نجمة داوود الإسرائيلية، لافتةً إلى أنّ هذه هي المرة الثانية في شهر واحد التي تعترض المنظمة الإغاثية العالمية تدقيقاً على خلفية تعليقات نارية من أحد أعضاء مجلس أمنائها.
وعقب ذلك، اعترفت “هيئة الإغاثة الإسلامية”، بأنّ منشورات فيسبوك كانت غير لائقة وغير مقبولة، وأنّ مجلس أمنائها سيستقيل بكامله، وأنّه سيجري انتخاب مجلس جديد، بينما كشفت “التايمز” أنّه بعدما أفصحت منشورات حشمت خليفة المعادية للسامية والعنصرية، اضطر للاستقالة من رئاسة هيئة الإغاثة العالمية، كما اضطرته تحقيقات الصحيفة على الاستقالة عن إدارة صندوق هبات دولي بمحفظة 7 ملايين جنيه إسترليني، تهيمن عليه هيئة الإغاثة بالكامل، وجرى تعيين المعتز طيار في مكانه بمجلس الإدارة.
ليطرح معها السؤال ذاته، حول الأسباب التي تدفع أعضاء التنظيم، أيّاً كانت الهيئة أو الجمعية التي يعملون تحت ظلها، إلى المزاودة بالقضية الفلسطينية، رغم عدم استعدادهم للدفاع في سبيلها، حيث كان يُفترض على من رفع تلك الشعارات أن يكون أهلاً بصونها، بدلاً من الاعتذار عنها، وكأنّه يشير إلى عدم قناعته ضمنياً بفحواها، أو متاجرته بها تحقيقاً لمكاسب آنية، عبر استعطاف قلوب الناس من خلال المُتاجرة بالقضايا الكبرى.
علماً أنّ الجماعة تمتلك في الوقت عينه، كامل الاستعداد لتسليم أوطان بكاملها، من بابها إلى محرابها، إلى أطراف إقليمية باتت معروفة للقاصي والداني، مستخفين بعقول الشعوب المنطقة وقدرتها على الفصل ما بين العاطفة الدينية التي يسعى التنظيم ومن ورائها إلى استغلالهم، وبين حقيقة الأوطان ووجوب الدفاع عنها في وجه كل غاصب مستعمر، أياً كانت حجّته في الاستيلاء على مقدرات البلاد والتحكم بمصائر شعوبها.
فضائح يندى لها الجبين
أما على الصعيد الفردي، فقد أشار تقرير لموقع سكاي نيوز، في السابع والعشرين من أغسطس الماضي، إلى نيّة حفيد مؤسس جماعة الإخوان، المدعو طارق رمضان، افتتاح مركز أبحاث وتدريب يُعنى بالدين، والإنسانية، وحقوق المرأة والأخلاق والقانون، حيث أعلن ذلك على حسابه، بالقول إنّ “مركز شفاء”، سيتم افتتاحه منتصف أكتوبر المقبل.
بيد أنّ المصيبة تكمن في كون أنّ “رمضان” يبشر بمركزه ذاك، على الرغم مما يلاحقه من فضائح جنسية وغير أخلاقيّة، حيث يخضع منذ مطلع العام 2018، للتحقيق بتهم تتعلق باغتصاب امرأتين في فرنسا عامي 2009 و2012، بجانب رفع شكوتين بتهمة الاغتصاب بحق رمضان في مارس 2018 ويوليو 2019، والتي جرى فتح تحقيقات فيها أيضاً، ليقرّ معها الداعية الإخواني، وهو المتزوج الذي له من الأبناء 4، بأنّه أقام علاقات جنسية مع امرأتين فرنسيتين بالتراضي، إحداهنّ من ذوي الاحتياجات الخاصة تدعى كريستيل، بينما الأخرى هي الناشطة النسوية هند العياري، مع نفيه الاتهامات بأنّه اغتصبهما.
وفي القضية ذاتها، كشف خبير عن 399 رسالة نصية بين “الداعية” رمضان وكريستيل، تضمن بعضها خيالات جنسية عنيفة مفصلة، فيما قال تقرير صحفي في ديسمبر 2018، إنّ المحققين في اتهامات الاغتصاب التي تلاحق رمضان، عثروا على 776 صورة خلاعية لرمضان، من بينها صور “سيلفي” مع نساء في وضعيات غير أخلاقية.
وضمن كتابه “طارق رمضان.. قصة دجال”، سرد الصحفي الفرنسي “يان هامل” في 300 صفحة، السيرة الذاتية لرمضان لأكثر من 20 عاماً، منذ صعود نجمه مستفيداً من دعم الكثير من البلهاء، وحتى أفوله بعد نشر غسيله القذر في قضايا ما تحت الأنفاق، التي تراوحت بين تهم الاغتصاب والاستغلال الوظيفي والخروج عن القانون وانتهاك الحقوق الإنسانية، حيث يصف مؤلف الكتاب، حفيد مؤسس الإخوان بالرجل الخطير والدجال الذي يتلحّف بديباجة العفة وثوب الاعتدال، فيما يعيش في الخفاء ولربع قرن من الزمان ازدواجية في حياته بالانغماس بالحياة المنحلة من أخمص قدميه لقمة راسه.
وهو ما تكشفه أيضاً، الصحفية الفرنسية “برناديت سوفاجيه” في كتابها “قضية طارق رمضان.. الجنس والأكاذيب، سقوط الأيقونة”، حيث تُسقط قناع الحمل الذي كان يرتديه الذئب وتفضح تناقضاته، وانحرافه المعروف لدى الدوائر المحيطة به في فرنسا وسويسرا.
ليطرح السؤال نفسه مجدداً، حول ماهية من يدعي الزود عن الأمة والدفاع عنها، وطبيعة التركيبة التي صنعوا منها.. لكن يبدو أنّ أفعال “رمضان” ليست إلا اختزالاً حقيقياً للمُناداة بالقيم وتطبيق عكسها، ولعل ذلك قد يفسر السبب الذي يدفع التنظيم العالمي للإخوان لزعم الدفاع عن الأمة، في الوقت الذي يقوم فيه بتسليمها كاملة لطغاة، ما فتئ وهو يُحاول أن يوصمهم بوصف “السلاطين” و”منقذي الأمة”، رغم أنّ الحقيقة كما تظهرها الأيام، توضّح بأنه ما هم وما التنظيم، إلا مُهلكاً للأمة وأداة لإهلاكها.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
قطر تغلق مكاتب حماس
- November 11, 2024
قطر تغلق مكاتب حماس
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!