-
اللجنة الدستورية بين صياغة دستور جديد وتعديله ... معركة على الشرعية والانتخابات المقبلة
لا يراد لسوريا من قبل الفاعلين الإقليمين في الملف السوري أي قيامة حقيقة لهذا البلد المنكوب. ونتحدث عن قيامة جديدة تواكب العصر الجديد في الحريات والديمقراطية والسيادة للشعب السوري على أرضه ومقدراته، يُراد لها دولة محاصصة طائفية وقبلية لكل من تركيا إيران وأطراف عربية مكانًا في السلطة عن طريق مندوبين محليين.
مئات الاجتماعات والأوراق ومجلدات من التفاصيل التقنية والإجرائية أصبحت لم تعد أخبارها من أولويات وهم الإنسان السوري كل هذه السنوات. إلا أن ما يبدو أنه معركة مفصلية هذه الأيام بما يخص إقرار وإعلان اللجنة الدستورية يمكن برأي البعض أن تؤسس لاختراق دولي على خط الانتخابات الرئاسية مستقبلًا من خلال مراقبة الأمم المتحدة.
هذا الاختراق قد توفره لجنة صياغة الدستور، وهذا ما لن يمرره نظام الأسد الذي عاد للتأكيد على تعديلات دستورية فيما يبدو أنه لن يقدّم تنازلًا عن المشاركة في مؤسسة الرئاسة، ولديه تصورات لانتخابات رئاسية قادمة لا يكون للأمم المتحدة حضورًا كما يفترض أن يكون كمراقب.
نعلم أن الاتفاق النهائي على اللائحة المرفوعة منذ سنة على موقع هيئة التفاوض تم في أنقرة بعد أن كان دحام الجربا اسماً خلافيًا في اللجنة وهو ابن عم أحمد الجربا والمقرّب من النظام السوري، ما يطرح سؤالاً أساسيًا حول أولوية التكنوقراط والمتخصصين في كتابة الأوراق القانونية ومشاريع الدساتير وإصرار الأطراف الضامنة على انتخاب أسماء عليها علامات استفهام لجهة الأهلية أو الخبر أو التخصص القانوني!.
لاقت هذه اللجنة الدستورية بأسماءها المعلنين منذ ظهور القائمة لأول مرة انتقادات واسعة، فقد رأى جهمور كبير من السوريين المتابعين والمهتمين والمثقفين أسماء كثيرة تفتقد للأهلية والخبرة القانونية والتقنية والتشريعية، على الأقل من جهة المعارضة و قائمة المبعوث الأممي.
فاللجنة بشكل عام إذا ما استثنياء بعض الأسماء المتخصصة ليست مؤهلة لكتابة دساتير، ولاقت انتقادات واسعة على أساسين أولهما المؤهل والخبرة والثاني أن أعضاء اللجنة منبثقين عن تكتلات سياسية محسوبة ضمن استقطابات الولاء الإقليمية (تركي إيراني روسي) نظام لا يجعل منها كيانًا يحقق السوريين عليه إجماعًا إلا أنها موجودة بقوة الأمر الواقع والقهر كما سلطة الأسد فلا حول ولا قوة إلا بانتظار ما يرشح عنها باعتبارها تقدم نفسها معارض للنظام السوري وممثلاً للشعب السوري.
وفي المقلب الآخر يرى بعض المتخصصين أن سكة الأستانة ومحطة أنقرة ليست إلا صياغة معارضة بتموضع جديد تناسب قياس السلطة، خصوصاً لجهة استبعاد تمثيل للإدارة الذاتية _ لقوات سوريا الديمقراطية عن لجنة صياغة الدستور أو "التعديلات الدستورية" بضغط تركي إيراني والتي أعلنت في بيان لها، إنها "غير معنية بأي مخرجات قد تصدر عن اللجنة الدستورية، من دون مشاركتها".
وأيضاً لجهة رجحان كفة النظام في اللجنة الدستورية من أصل 150 عضوًا، مقسمين إلى ثلاثة أثلاث، يحظى النظام بثلث وله نفوذ على ثلث الأمم المتحدة الذي يعينه المبعوث الأممي غير بيدرسون.
غوتيرش اللجنة الدستورية لكتابة دستور جديد..
بينما تدور التحليلات والمخاوف حول عمل اللجنة المتوخى بصياغة دستور جديد أو تعديل دستور 2012 ترى الأمم المتحدة على لسان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي أعلن أنّ الأطراف السوريين توصّلوا إلى "اتفاق" على تشكيل لجنة لإعداد دستور جديد وسيتولى رئاستها كل من النظام والمعارضة.
وكما أن القرار 2254 لمجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف إطلاق نار وانتقال سياسي في سوريا، على تشكيل هذه اللجنة، بيد أن المعارضة عموماً وهيئة التفاوض خصوصًا تتخوف من جر النظام إلى لعبة تعديلات فيما يصر على الحوار السوري السوري لإخراج الأمم المتحدة لاحقاً من مسؤولياتها تجاه متابعة العملية الانتقالية والانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وهو ما صرّح به بيدرسون فيما يبدو أمرًا محسوباً من قبل النظام.
ويفترض أن تضم اللجنة كما بات معلوماً 150 عضواً، يختار النظام خمسين منهم والمعارضة خمسين آخرين بينما يختار المبعوث الخاص للأمم المتحدة الخمسين الباقي
وبحسب صحيفة الوطن السورية، سيقوم بيدرسون بإعلان رسمي بصدد اللجنة بمناسبة اجتماع مقرر لمجلس الأمن الدولي في 30 أيلول/سبتمبر، في حال تم الاتفاق مع النظام وفق الصحيفة. وهو بكل حال تحصيل حاصل فالتثبيت كان بعد الاجتماع الثلاثي في أنقرة الذي تم الاتفاق فيه على القواعد الاجرائية والإعلان عن اللجنة.
وفي وقت سابق، نقلت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام السوري، عن مصادر وصفتها بـ"المطّلعة"، قولها إن المبعوث الخاص إلى سورية سيتجاوز الشروط التي وضعها الائتلاف السوري المعارض، وسيمضي في تشكيل اللجنة وفقاً للقرار 2254.
وفي مقابلة صحفية لفت بيدرسون إلى أن تفويضه الأممي في القرار 2254، «واضح، وهو التعامل مع الحكومة التي يرأسها "الرئيس بشار الأسد"، وشدد على أن القرار الأممي لا يتحدث عن انتخابات رئاسية وبرلمانية.
وقال: «لا يقول القرار ذلك بل يقول عملية دستورية. بناءً على ذلك تجري انتخابات من دون أن يحددها»،
ورأى أن القرار 2254 «يؤكد احترام سيادة سورية ووحدتها"
بينما يبدي الائتلاف السوري المعارض مخاوفه بحصر عمل اللجنة في إدخال تعديلات على الدستور الحالي فقط. فيما يبدو أن مخاوفه من انزلاق عملها لتعديلات فقط تساعد روسيا وتركيا وإيران في الالتفاف على المرحلة الانتقالية المنصوص عنها بالقرار 2254 وبيان جنيف". حيث تريد هذه الأطراف صيغة حكم وإدارة طائفية قبلية ليسهل عليها المحاصصة في سوريا.
زيارة بيدرسون إلى دمشق
وصل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية، غير بيدرسون، يوم أمس الأحد والتقى اليوم ، في دمشق، مع وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم وتمّ بحث القضايا المتبقية المتعلقة بالأليات الإجرائية وعملها.
وقال بيدرسون للصحافيين: "اختتمت اليوم جولة أخرى من المناقشات الناجحة للغاية مع وزير الخارجية المعلم".
وقال إنه جرى خلال اللقاء "بحث القضايا المتبقية المتعلقة بتشكيل اللجنة الدستورية وآليات وإجراءات عملها، بما يضمن قيامها بدورها وفق إجراءات واضحة ومتفق عليها مسبقاً، وبعيداً عن أي تدخّل خارجي". مضيفة أن الاجتماع كان "إيجابياً وبنّاءً ووجهات النظر متفقة".
ونقلت وكالة سانا التابعة للنظام عن المعلم تأكيده "التزام سورية بالعملية السياسية، مجدداً واستعدادها لمواصلة التعاون مع المبعوث الخاص لإنجاح مهمته بتيسير الحوار السوري السوري، للوصول إلى حل سياسي، بقيادة وملكية سورية، بالتوازي مع ممارسة حقها الشرعي والقانوني في الاستمرار في مكافحة الإرهاب، وفقاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بسورية".
هيئة التفاوض .. النظام يتهرب من اللجنة الدستورية
أعلن المتحدث الرسمي باسم هيئة التفاوض السورية، يحيى العريضي، أن "النظام السوري يتهرّب، ليس فقط من اللجنة الدستورية، بل من كل القرارات الدولية وقرارات الأمم المتحدة وتدخل المبعوث الأممي".
وتتهم المعارضة النظام باستمرار بعرقلة تشكيل هذه "اللجنة" التي تُعد، بحسب الأمم المتحدة، مدخلاً أساسياً للعملية السياسية الرامية إلى حل النزاع المستمر منذ أكثر من 8 أعوام، بينما يرفض النظام وضع دستور جديد للبلاد ويدعو إلى "مناقشة تعديلات على الدستور الحالي" رغم أن القرار الأممي 2254 الخاص بسوريا يتحدث عن "وضع مسودة دستور جديد".
ويرى حقوقيون أن اللجنة الدستورية والمشاركة بها قفز على القرارات الأممية وبيان جنيف 2012 الذي حدد الخطوات المتعلقة بالعملية السياسية في سوريا، التي تبدأ بوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح المعتقلين، وإقامة هيئة حكم انتقالي، ولاحقاً وبعد إتمام هذه الخطوات يمكن إعادة النظر في الأوراق الدستورية والمنظومة القانونية.
الإشكالية القانونية أن عملية تعديل الدستور حسب دستور عام 2012، أن يكون التعديل باقتراح من رئيس الجمهورية أو ثلث أعضاء مجلس الشعب وكذا في دستور 1973. والتعديل يجب أن يحظى على موافقة رئيس الجمهورية وأكثرية ثلاثة أرباع أعضاء مجلس الشعب”.وبالتالي القبول بتعديلات يعني الاعتراف بشرعيته وفي حال كانت المعارضة تراهن على اختراق للوصول إلى إجبار النظام على انتخابات رئاسية وبرلمانية بمراقبة أممية فهي مهمة مرهون نجاحها بالروس بالدرجة الاولى.
بينما اعتماد لجنة لتعديل دستور من خارج مجلس الشعب فلا يجوز، وفق مواد الدستور الحالي، ولا بد لتشكيل لجنة خاصة إجراء تعديل دستوري مسبق يسمح بذلك. ولكن بما أن الجنة تجاوزت بيان جنيف والحل السياسي الذي يتطلب هيئة حكم انتقالية أو مجلسًا تأسيسيًا يشرع العملية بحد ذاتها تم تجاوز هذا الأمر وسيتفق الأطراف على صياغة دستور قبل أن يسبقه حل سياسي.
ما يحدث أن العملية تتم بالعكس خلافًا لبيان جنيف حيث يتم تظهير عقدة الفكاك من الستاتيك السوري بإعادة صياغة لدستور أو تعديل لنسخة 2012 وفيما يبدو أن مشكلة السوريين كانت خلافًا دستورياً وليس خلاف شعب مع نظام دكتاتوري خالف كل النواميس الأخلاقية والانسانية.
ليفانت _ دمشق
سلام عمران
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!