الوضع المظلم
الجمعة ٢٧ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
تركيا تنسحب من المتوسط بخفي حُنين.. واليونان تُرحب
تركيا

قالت مصادر إعلامية، اليوم الأحد، أنّ سفينة التنقيب “أوروك ريس” التركية انسحبت إلى ميناء أنطاليا جنوب تركي، عقب التهديد الأوروبي بإمكانية فرض عقوبات على أنقرة جرّاء أعمالها التنقيبية في شرق البحر المتوسط.


وفي الصدد، رحبت الحكومة اليونانية بالخطوة، عقب أن أثار إرسال تلك السفينة إلى منطقة متنازع عليها في شرق البحر المتوسط، في تموز الماضي، للبحث عن النفط والغاز في البحر، مزيداً من التوتر بين البلدين، حيث قال ستيليوس بيتساس، المتحدّث باسم الحكومة اليونانية: “هذه إشارة إيجابية، سنرى كيف تتطور الأمور لإجراء تقييم مناسب.”


قمة كورسيكا


ويبدو أنّ الموقف الأوروبي الحازم في القمة الأخيرة المنعقدة، في العاشر من سبتمبر الجاري، في جزيرة كورسيكا الفرنسية، قد كان لها وقعها الشديد على الجانب التركي، حيث أكد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، آنذاك، على أهمية أن تتخذ أوروبا موقفاً أكثر شدة ووضوح ووحدة تجاه أنقرة، لافتاً إلى أنّه ينبغي لـ”أنقرة” توضيح نواياها في مناطق محددة.


وأشار الرئيس الفرنسي، أنّ التكتل الأوروبي يسعى إلى تفادي أي تصعيد مع أنقرة، بيد أنّه عليه “توضيح نواياها في مناطق محددة”، مؤكداً على أهمية أن يتخذ الأوروبيون موقفاً “حازماً وقوياً” حيال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بالقول: “أوروبا ككل تحتاج إلى موقف أكثر وضوحاً ووحدة تجاه تركيا”.


 


فيما شدد البيان الختامي للدول السبع المطلة على المتوسط في نهاية قمتها حول الأوضاع في شرق المتوسط، جاهزيتها لفرض عقوبات على أنقرة ما لم تتراجع عن “تحركاتها الأحادية” في المنطقة، ونوّهت إلى دعمها الكامل وتضامنها مع قبرص واليونان “في وجه التعديات المتكررة على سيادتهما وحقوقهما السيادية والأعمال التصعيدية من جانب تركيا”، وهو تحذيرٌ يبدو أنّه قد أتى أكله، وأجبر تركيا على سحب سفنها التنقيبية من المتوسط، عقب شهور من التحدي واستعراض القوة.


أسباب التنافس الفرنسي التركي


وحول أسباب المنافسة الفرنسية التركية الأخيرة، قال الدكتور “خلدون النبواني”، أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة “السوريون” في تصريح خاص لـ ليفانت نيوز، أنّه “لا شك أنّ العلاقات الفرنسية التركية تشهد حالة توتر تكاد تكون غير مسبوقة، فهناك تصعيد في اللهجة واستعراض القوة في شرق المتوسط، تحاول فرنسا أولاً أن تستغل الفراغ الناتج عن تراجع حضور الولايات المتحدة الأمريكية في ملفات الشرق الأوسط”.


متابعاً: “يريد ماكرون بنزعته التي تذكرنا بنابليون بونابارت التوسعية، والرغبة في فرض الحضور ليس فقط الفرنسي وإنما الأوروبي، وفرض سيادة أوروبا على محيطها، وبالتالي يتعارض ذلك مع طموح تركيا الأردوغانية الراغبة في استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية بالاعتماد كذلك على ورقة الإسلام السياسي ومحاولة ترميم الاقتصاد الذي بدأ يشهد حالة ليس فقط من الركود وإنما من الانهيار”.


 


مردفاً: “هناك انهيار في الليرة التركية، ويحتاج أردوغان قبل انتخاباته بعامين إلى تهدئة الداخل وتطمينه، بالبحث عن مصادر تعيد الروح إلى الاقتصاد التركي، وهي مصادر وجدها لا شك في الاحتياط النفطي والغازي في حوض المتوسط، وفي الحدود المائية المُختلف عليها، والتي تجد تركيا أنّها مُجحفة في حقها، وهي تمتلك تلك السواحل الطويلة العريضة، بينما يراد حصرها في منطقة حدود بحرية ضيقة، كل ذلك يجعل العلاقة بين فرنسا وتركيا متوترة، ومُعرضة للتصعيد خاصة في الفترة المقبلة”.


واشنطن تدخل على الخط


وأمس السبت، دخلت الولايات المتحدة على خط الأزمة المتصاعدة في شرق المتوسط، حيث أبدى وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، عن قلق بلاده للغاية من تحركات تركيا في منطقة شرق البحر المتوسط، مطالباً بالتوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة المحتدمة حول الموارد الطبيعية في البحر، إذ قال خلال زيارة خاطفة لقبرص، التقى فيها بالرئيس نيكوس أناستاسياديس: “تحتاج دول المنطقة للتوصل دبلوماسياً وسلمياً إلى حل لخلافاتها بما في ذلك ما يتعلق بقضايا الأمن ومصادر الطاقة”، وأردف: “تصاعد حدّة التوتر العسكري لن يساعد أحداً سوى أولئك الخصوم الذين يرغبون في رؤية الانقسام في وحدة الدول عبر الأطلسي”.


وحول ذلك، قال “النبواني” لـ ليفانت نيوز: “أمريكا الآن تريد تهدئة الوضع إلى حين أن تمر الانتخابات الأمريكية، لأنّ التوتر في شرق المتوسط لا يساعدها، وهي لديها مطامع حقيقة في تلك المنطقة بعد اكتشاف احتياطي النفط والغاز، لكن ليس لديها الوقت قبيل فترة الانتخابات للدخول بشكل مباشر، لذلك تسعى بشكل حثيث الآن إلى تهدئة الأوضاع للتدخل بشكل أقوى بعد الانتخابات”.


ورأى “النبواني” أنّه “في حال نجحت حكومة ترامب، لن تترك أمريكا هذا الملف كما هو عليه، لن تترك الساحة للفرنسيين والأوروبيين بشكل أساسي، وقد بدأت هي تضغط أيضاً على تركيا للتهدئة، وبالتالي إلى حين الانتخابات الأمريكية، نظن أنّ العلاقة الفرنسية التركية ستتوتر، إذ ليس مرجحاً أن تهدأ الأمور في فترة حكومة أردوغان وماكرون”.


 


مردفاً: “قد تضطر فرنسا فيما بعد إلى أن تخضع للضغوطات الأمريكية والألمانية التي تهدف لتهدئة الأوضاع مع تركيا، ولا تريد القطيعة معها، ولا شك أنّ الحرب أمر مستبعد لدى جميع الأطراف، ولا أظن أنّ هناك حرباً قد تقع في القريب العاجل، إلى حين عقد الانتخابات الأمريكية، ومجيء إدارة بقيادة ترامب أو بايدن”.


هذا وكانت قد تصاعدت حدّة التوتر في منطقة شرق البحر المتوسط، نتيجة مُطالبات متبادلة بين تركيا من جهة، واليونان وقبرص من جهة أخرى، بأحقية كل طرف في المناطق البحرية التي يعتقد أنّها غنية بالغاز الطبيعي.


وقد أدّى الخلاف إلى تحشيد عسكري تركي في شرق البحر المتوسط، وإجراء مناورات عدة متلاحقة في محاولة لترهيب قبرص واليونان، ورجّح بعض المراقبين أنّ توجّه انقرة ضربة عسكرية لقبرص باعتبارها الحلقة الأضعف في المنطقة، قبل أن تُفعل باريس ونقوسيا اتفاقية للدفاع المشترك، وترسل فرنسا طائرات حربية وسفن لحماية الجزيرة من أي عمل عسكري محتمل.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!