-
"رئيسي" مُعاقب دولياً وبلا خبرة سياسية.. من سيحكم إيران؟
ليفانت - مرهف دويدري
لم تخطئ التوقعات حول الفائز بالانتخابات الرئاسة في إيران عما أفرزته النتائج التي أعلنها التلفزيون الرسمي الإيراني حيث فاز المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية الإيرانية، بنسبة 61,95 بالمئة من الأصوات وفق النتائج النهائية التي أعلنت السبت، غداة اقتراع شهد أدنى نسبة مشاركة في استحقاق رئاسي في تاريخ إيران، ويواجه الرئيس الجديد الذي يتسلم منصبه في أغسطس، تحديات أساسية أبرزها سوء الوضع الاقتصادي العائد بشكل أساسي إلى العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها على طهران بعد انسحابها الأحادي من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني عام 2018، ورغم انتمائه إلى تيار ينظر بعين الريبة إلى الدول الغربية، أكد رئيسي خلال حملته أولوية رفع العقوبات، وأنه سيلتزم بالاتفاق الدولي المبرم عام 2015.
وكان قد أطلق معارضون إيرانيون في الخارج خلال الأسابيع الماضية، دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أجل مقاطعة الانتخابات الرئاسية التي أجريت الجمعة في إيران، وأتيح لمواطنيها في الخارج المشاركة فيها من خلال مراكز مخصصة، فيما نشر إيرانيون معارضون مقيمون في أستراليا والولايات المتحدة، أشرطة مصورة يتهمون فيها مواطنيهم المقيمين في الخارج والذين شاركوا في عمليات الاقتراع بأنهم "خونة" و"متواطئون".
وكان مجلس صيانة الدستور استبعد مرشحين بارزين لرئيسي، مثل الرئيس السابق لمجلس الشورى علي لاريجاني، ونائب رئيس البلاد إسحاق جهانغيري، ومحمود أحمدي نجاد الذي تولى الرئاسة بين العامين 2005 و2013، في خطوة لاقت انتقادات واسعة من الداخل وفُسرت على أنها رغبة من المرشد الأعلى في تمكين رئيسي من المنصب التنفيذي، وهذا ما يراه مراقبون فرصة جديدة لتصاعد الغضب.
إبراهيم رئيسي.. "المجرم" المُغاقب دولياً رئيساً لإيران
استنكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، وصول إبراهيم رئيسي، لمنصب رئيس إيران، في انتخابات وصفتها بأنها "لم تكن حرة ولا نزيهة"، وقالت المنظمة إن انتخاب رئيسي "يثير مخاوف حقيقية بشأن حقوق الإنسان والمساءلة في البلاد"، وأشارت إلى أن رئيسي "كان عضوا في لجنة من أربعة أعضاء أمرت بإعدام آلاف السجناء السياسيين في 1988".
وتقول المنظمة إن رئيسي، خلال عمله لأكثر من 30 عاماً في الجهاز القضائي في إيران، وشارك في إعدامات "بإجراءات موجزة وخارج نطاق القضاء"، حيث ووصفت هيومن رايتس ووتش تلك الإعدامات الجماعية بأنها "ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية وهي من أبشع الجرائم في القانون الدولي"، ولم تعترف الحكومة الإيرانية بشأن تلك الإعدامات، ولم توضح أعداد من طالهم الأمر، وأكدت المنظمة أن "السلطات الإيرانية لا تزال حتى اليوم متكتمة حول مصير الضحايا والمكان الذي توجد فيه الجثث، وهو ما يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية".
من جهتها، دعت منظمة العفو الدولية، للتحقيق مع الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، لارتكابه جرائم ضد الإنسانية، وقالت إن "الانتخابات الإيرانية تمت في أجواء قمعية"واعتبرت المنظمة في بيان أن "واقع أن رئيسي وصل إلى الرئاسة بدلاً من إخضاعه للتحقيق في جرائم ضد الإنسانية وجرائم قتل وإخفاء قسري وتعذيب، هو تذكير قاتم بأن الإفلات من العقاب يسود في إيران"، واتّهمت المنظمة أيضاً رئيسي بأنه "ترأس حملة قمع وحشية ضد حقوق الإنسان"، حين كان رئيساً للسلطة القضائية في السنتين الأخيرتين، مضيفة أن حملة القمع طالت "مئات المعارضين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان وأفراد أقليات مضطهدة اعتُقلوا بشكل تعسفي.
قلق دولي من وصول رئيسي لمنصب الرئيس
يجمع عدد من المراقبين للشأن الإيراني أن مسألة الاتفاق النووي حيوية لطهران أيا تكن الحكومة فيها، وقرار إعادة إحيائه مسألة استراتيجية يتمسك بها المرشد الإيراني علي خامنئي، حيث يفضل الجناج المتشدد في إيران بقيادة المرشد إعلان التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة على العودة للاتفاق 2015 قبل تولي رئيسي السلطة، كي يحمل الجناح أو التيار "المعتدل" في البلاد (روحاني وحكومته) مسؤولية أي فشل لاحق لهذا التوافق، إذا حصل، كما سيتحملون اللوم على "الاستسلام للغرب وتحمل وطأة الغضب والانتقادات الشعبية إذا لم ينقذ تخفيف العقوبات اقتصاد البلاد المتضرر"، فيما أبدى مسؤولون غربيون عن تفاؤلهم خلال الأيام الماضية بالتوصل إلى اتفاق بين الأطراف المشاركة في المحادثات بالعاصمة النمساوية، إلا أنهم أكدوا في الوقت عينه أن بعض الأمور لا تزال عالقة.
من جهته، أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، ليور هايات، أن انتخاب المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي رئيساً لإيران "ينبغي أن يثير قلق المجتمع الدولي"، معتبراً أن الرئيس الجديد "ملتزم بالبرنامج النووي العسكري الإيراني الذي يتطور سريعاً، وانتخابه يكشف بوضوح النوايا الخبيئة لإيران وينبغي أن يثير قلقا كبيرا لدى المجتمع الدولي"، واعتبر أيضا أن إيران انتخبت "رئيسها الأكثر تطرفا" منذ قيام الثورة الإسلامية العام 1979، وكان قد أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد يائير لبيد هذا الأسبوع "علينا أن نستعد سريعا لعودة إلى الاتفاق حول النووي الإيراني"، مؤكدا أن "إسرائيل ستقوم بكل ما تستطيعه لمنع إيران من امتلاك القنبلة النووية".
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، أن انتخاب الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي بمثابة جرس إنذار للدول الكبرى، مشدداً على أن الشعب الإيراني لم ينتخبه، في إشارة إلى نسبة الإقبال المتدنية التي شهدتها الانتخابات الرئاسية في البلاد، وأضاف:" خامنئي انتخبه وليس الشعب الإيراني، لقد اختار هذا الشخص سيء السمعة بنظر الشعب الإيراني والعالم أجمع لدوره في لجان الموت التي قامت بإعدام معارضين للنظام قبل سنوات"، كما اعتبر أن انتخاب رئيسي يشكل "آخر نداء للعالم للاستيقاظ" وتجنب إعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران. وقال في إفادة للحكومة إن على القوى العالمية إعادة النظر في المحادثات بشأن أي اتفاق نووي جديد مع طهران بعد انتخاب رئيسي.
فيما أعربت الولايات المتحدة، عن أسفها لأن الإيرانيين لم يتمكنوا من المشاركة في "عملية انتخابية حرة ونزيهة" في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها إيران، وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية إن "الإيرانيين حرموا من حقهم في اختيار قادتهم في عملية انتخابية حرة ونزيهة"، وأضاف المتحدث أن الولايات المتحدة سوف تواصل المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني والعمل إلى جانب حلفائها وشركائها في هذا الصدد.
بعد انتخاب رئيسي.. هل بات الحرس الثوري الحاكم الفعلي؟
تكهن الكثيرون بأن رئيسي سيتم ترقيته كخليفة محتمل لخامنئي البالغ من العمر 82 عاماً، لكن خامنئي وآخرين قد يرونه مجرد نائب مخلص يمهد الطريق للتغييرات الكبيرة التي يمكن أن تعزز حظوظ نجل المرشد "مجتبى" الذي يتمتع بدعم كبير من الحرس الثوري الإيراني الذي يمثل القوة العسكرية الضاربة داخل إيران والذراع الخارجية لزعزعة استقرار الشرق الأوسط، في أفضل الحالات ما قد يفكر فيه خامنئي هو إصلاحات هيكلية لوضع الأساس لخلافته، والتغييرات التي من شأنها أن تقلل الاحتكاك في النظام وتضعه على أساس أكثر استقرارًا"، وربما من بين الأفكار التي يجري النظر فيها، قد يكون التخلص من منصب رئيس منتخب شعبياً يتمتع بمكانة وطنية، والذي يمكنه تحدي المرشد الأعلى.
وتحدثت صحيفة الإندبندنت البريطانية، عن دلائل أن المؤسسة الأمنية المتزايدة قوتها في البلاد كانت تهيئ رئيسي، المشرف على إعدام آلاف في 1988، ليصبح رئيساً للبلاد، وفق اتهامات منظمات حقوقية، وكان رئيسي، قاضياً غامضاً نسبياً عيّنه خامنئي، كرئيس لمؤسسة دينية مهمة في مدينة مشهد لكن ذات يوم في مايو 2016، قام اثنان من كبار مسؤولي الأمن في النظام بزيارته، فيما لم يتم الكشف عن كثير من المعلومات حول ما حدث في ذلك الاجتماع، بين رئيسي، الذي أصبح رئيساً لإيران، واللواء محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري آنذاك، وقاسم سليماني، قائد فيلق القدس الذي قٌتل في غارة أميركية في مطلع 2020، لكن الصور أظهرت الرجلين العسكريين يرتديان الزي المدني وينحنيان أمام رئيسي الذي كان يرتدي عمامة سوداء، والذي كان في ذلك الوقت رئيسًا لمؤسسة الإمام الرضا، هي إحدى المؤسسات الدينية التي تمتلك شركات ضخمة في إيران.
اقرأ المزيد مرشح بلا منافس.. انتخابات الرئاسة في إيران بمواجهة الناخبين
ويرى مراقبون أن رئيسي هو أقل رئيس من ناحية الخبرة السياسية شهدته البلاد على الإطلاق، حيث كان الآخرين لديهم نوع من الهوية السياسية المستقلة، لكن رئيسي ليس لديه شيء، ليس لديه كاريزما، ولا حتى متحدثًا جيدًا، سيكون دمية في يد الحرس الثوري والمرشد الأعلى، الذين يريدون تنفيذ خططهم من خلاله"، وبشكل عام خبرة الرئيس الجديد قليلة جدًا في السياسة الخارجية، وتقريباً لا يتمتع بخبرة حقيقية في الإدارة الاقتصادية الفعالة، وترشحه للرئاسة كان حدثًا غريبًا للغاية، لأن رئيس مؤسسة الإمام الرضا هو منصب ديني مهم ولكنه ليس منصبًا سياسياً، كل هذا أثار تساؤلات حول رئيسي وأوراق اعتماده وما يعنيه انتخابه لإيران وعلاقاتها مع بقية العالم.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
قطر تغلق مكاتب حماس
- November 11, 2024
قطر تغلق مكاتب حماس
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!