الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
عودة الرئيس ترامب - ملفات شائكة وأحلام كبيرة
عبد الوهاب أحمد

أعلن دونالد ترامب قبل أربع سنوات وهو يغادر البيت الأبيض وسط أجواء من الفوضى وغضب أنصاره داخل الكونغرس احتجاجا على نتائج الانتخابات وخسارته ، أنه لن " يستسلم ، وسيعود إلى رئاسة أمريكا مجدداً " . الرئيس المنتخب ، دونالد ترامب كسب رهان العودة إلى البيت الأبيض ، بعد فوز " تاريخي" حسب وصفه على منافسته الديمقراطية، كامالا هاريس . عاد الرئيس الجمهوري الذي " لا يحب الحروب العبثية " ، ولكنه يتقن فن " دبلوماسية الهاتف" في غرفة مغلقة ، عودةٌ قد تخلف ورائها تحولات في مسار معظم الملفات العالقة عالمياً، في أوروبا أو الشرق الأوسط ودول أخرى .

 إسرائيلياً ، ينظر غالبية الشعب ورئيس الوزراء ، بنيامين نتنياهو بإيجابية وثقة إلى عودة الرئيس ترامب مجدداً لرئاسة أمريكا ، ويتذكرون كيف نقل سفارة بلاده إلى القدس بعد الإعتراف بها عاصمة لإسرائيل، والاعتراف بالجولان اراضي إسرائيلية بالرغم من وجود قرارات دولية تؤكد الملكية السورية لها . يأمل بنيامين نتنياهو أن يكون سيد بيت الأبيض الجديد أكثر سخاء من سلفه ، جو بايدن في تقديم الدعم السياسي والدبلوماسي له ضد إيران واذرعها، ويحقق مكاسب عسكرية واستراتيجية كبيرة ، تفرض واقعاً جديداً في المنطقة ، وحقيقة يصعب التفاوض حولها مستقبلا فلسطينياً وعربياً ودولياً. أما إيران في الجانب الآخر، لم تولي "  اهتماماً كبيراً " بعودة الرئيس ترامب كما صرح مسؤوليها ، بيدا أن بعض المراقبين يؤكدون، بأن الرئيس المنتخب سيمارس ضغوطات كبيرة على طهران لإجبارها على التنازل ، خاصة في ملفها النووي ، وملف المليشيات التي تدعمها  في المنطقة ، وهذا ما يملي على القيادة الإيرانية الانفتاح وإبداء المرونة الكافية في التعامل مع الادراة الأمريكية الجديدة ، في الوقت التي تعاني بلادها من ضغوطات سياسية واقتصادية داخلية خانقة جراء العقوبات المفروضة عليها ، وهذا مابدا واضحاً في تصريحات القادة الإيرانيين وعلى راسهم الرئيس ، مسعود بزيشكيان تجنباً " لاستفزاز" الإدارة الأمريكية الجديدة ، وتحسباً لأي ردات فعل داخلية مؤذية في الوقت التي تفقد تأثير أوراقها الإقليمية و تخوضاً حرباً مع إسرائيل .

بالنسبة لتركيا، كان وقع فوز الجمهوريين والرئيس ، ترامب مختلفاً وباعثاً " للأمل " لطموحاتها من جديد، حين أبدى رئيسها ، رجب طيب اردوغان عن ترحيبه الحار بفوز " صديقه الحميم" في الانتخابات ، معرباً عن " تفاؤله"  بمستقبل أفضل في العلاقات ، وتنسيق مثمر يخدم مصلحة بلديهما ، خاصةً ما يتعلق بقضايا الإرهاب ( تقصد به تركيا حزب العمال الكردستاني ومنظمة كولن التركية المعارضة) ، والتبادل التجاري ، والدعم العسكري  . إلا أن تعقيدات المشهد الدولي والإقليمي وتصاعد وتيرة النزاعات قد يجعل من هذا " التفائل" في غير محله مقارنة بالفترة الرئاسية الأولى للرئيس ، ترامب ،الذي أعطى ضوءً اخضراً لتركيا في ٢٠١٩ بالتدخل العسكري في بعض المناطق الحدودية سري كانيه (رأس العين)، و كري سبي(تل أبيض) بعد قرار سحب قواته بشكل مفاجئ ، ليتراجع عنها لاحقاً مهدداً بفرض عقوبات على تركيا إن لم تلتزم ببنود الاتفاق . تركيا وعلى لسان أكثر من مسؤوليها ، بدأت بإعادة سرد " مخاوفها " من استمرار الدعم الأمريكي لقسد وما تشكله من " تهديد على أمنها القومي" ، من خلال التلويح لمشروعها في " استكمال المنطقة الأمنة على حدودها الجنوبية مع سوريا" كما صرح عنه الرئيس ، اردوغان قبل أيام . إلا أن هذا الطموح التركي، قد يصطدم " بالرغبة" الأمريكية لإنهاء النزاعات في المنطقة ، أو " بمقايضة"  ما في الملف الروسي - الأوكراني بشروط أمريكية مقابل " تفويض " أوسع للتحرك الروسي في الملف السوري بالتنسيق مع إسرائيل ودول الخليج العربي للضغط على النظام السوري " لتغير سلوكه"  للابتعاد عن " محور الممانعة " التي تقوده إيران ، والدفع به نحو محور " الاعتدال العربي " بدعم عربي - خليجي مقابل مزايا تخص رأس النظام نفسه ، ودعم مشروع " التعافي المبكر " الذي يدعمه المبعوث الأممي الخاص السيد ، غير بيدرسون ، إلى جانب الانفتاح العربي على بشار الأسد وتقديم مساعدات في إعادة الإعمار كمدخل نحو إيجاد حل سياسي شامل وفق القرار ٢٢٥٤ واستحقاقاته حول العملية السياسية في مسار جنيف . و ربما هذا ما تدركه تركيا أيضاً ، ويفسر الدعوات المتكررة لرئيسها واستعداده للقاء مع بشار الأسد لحل الخلافات القائمة بينهما .

 يبقى الرهان أمام الشعب السوري وقوى المعارضة السورية الوطنية على مدى الاختراق الذي قد تحدثه التوجهات الجديدة للإدارة الأمريكية القادمة في جدار العملية السياسية " المعطلة " التي تقودها الأمم المتحدة من أجل إنهاء معاناة الشعب السوري ، ونيل حقوقه المشروعة في سوريا آمنة مستقرة ديمقراطية عادلة يحكمها دستور يحفظ حقوق كافة مكوناته.

ليفانت: عبد الوهاب أحمد

 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!