-
مرسوم لمنع التعذيب في سوريا
أصدر بشار مرسوماً جديداً يمنع التعذيب ويفرض عقوبات تصل حدّ الإعدام بحق ممارسيه، بعد أن مارس بشار هذا التعذيب وبشكل منهجي طيلة عقدين من حكمه وثلاثة عقود من حكم أبيه، لم يكن القانون السوري يبيح ذلك، ولا الدستور يسمح به، لكنه كان معطلاً وبشكل كامل بسبب القوانين الاستثنائية والتعليمات المباشرة التي عطلت تلك القوانين طيلة خمسة عقود وبشكل كامل.
ما الذي سيمنع عدم تعطيل ذلك المرسوم أيضاً، ومن سيشرف على تطبيقه طالما أن الذي أصدره هو ذاته المسؤول عن مقتل ما لا يقل عن مليوني سوري، ربعهم على الأقل قتل وبطريقة وحشية داخل سجونه وبأوامر شخصية منه، وبتعليمات وأوامر مضادة لكل النظام الدستوري القانوني المفروض أنه يحكم سوريا، وليس السلطة المطلقة لحاكم مؤلّه يحي ويميت، من دون رقيب ولا حسيب؟
لماذا قرر اليوم بشار أن يصدر هذا المرسوم؟ هل ليلتزم به ويفتح السجون ويلغي المحاكمات الصورية والإعدام خارج القانون؟ وهل هو قادر على ذلك؟ هل سيسمح للمواطنين المتبقين على قيد الحياة عنده بالتمتع بهذه الحصانة القانونية لو فكروا في التظاهر السلمي مثلاً حتى لو حصل في السويداء أو حتى في القرداحة؟ قطعاً هذا المرسوم لم يصدر لينفذ بل ضمن حملة دعائية تقول إن سوريا قد أصبحت بيئة آمنة تحترم الحقوق والقانون، وسوف يتبعه صدور مراسيم أخرى بالعفو عن كل الجرائم المرتكبة قبل هذا التاريخ، لكي يعفي المرتكب نفسه من جرائمه، بذات الشرعية التي أصدر بها هذا المرسوم.
المطلوب هو الحفاظ على شرعية الأسد والالتفاف على الدعوات لمحاسبة النظام، والحصول على قبول دولي باستمرار النظام، ضمن مقولة هل تريدون العنب أم قتل الناطور؟ ما تريدونه من نظام جديد، لن يكون غير ذات النظام القديم برموزه ومجرميه، ولكن بحلّة قانونية جديدة لم ولن تطبق (لا سابقاً ولا لاحقاً)، وهو ما يترجم دعوة المندوب الدولي غير بيدرسون للعدالة التصالحية، بين مجرمين وفاسدين، عدالة تضيع حقوق الضحايا، وتؤمن الحصانة للمرتكبين لكي يستمروا في حكم سوريا وشعبها بالحديد والنار، وفتح صفحة جديدة لن تكون أقل قذارة مما سبقها، بل أكثر، بحيث يصبح كل مرتكب حصيناً ضد المسألة وبشكل دائم.
ماذا عن ضحايا عشر سنوات من القتل والتعذيب والتدمير والتشريد، لا قيمة لهم، ولا حقوق لهم؟ وهل من السهل على ذويهم نسيان ذلك، أم أنهم سيجبرون على النسيان كي لا يستمروا بالتشرد والحرمان والجوع؟ إنها الغطرسة، وبذات الوقت التدليس الذي يمارسه القوي والمجتمع الدولي الذي يبدو أنّه فقد كل معيار أخلاقي وقيمي، ولم يعد يفكر إلا بتحقيق مصالحه حتى لو كانت تعني السكوت عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت في سوريا وعلى نطاق واسع شملت معظم السكان، وفي عموم المنطقة، التي ما تزال تعتبر حقلاً للاستعمار، مكلفاً بحراسته مستبدون طغاة مجرمون.
الحرب المعلنة على الحقوق والعدالة والقانون ضد كل شعوب المنطقة هي استمرار للحروب الاستعمارية التي كلفت مندوبين مستبدين لتنوب عنها في قمع الشعوب وقتلها كلما فكرت بالحرية والكرامة.
المشكلة ليست في شخص معتوه ينكر جريمته، لكن في مجتمع دولي يمرر ذلك بطرق ووسائل مختلفة، أليس هذا تحريضاً على الانتقام والعنف؟ هل سيحقق ذلك السلم الاجتماعي والأمن، أم أن هذا السلم والأمن مرهون فقط في إذلال الشعوب ووضع نير العبودية في رقابها؟
ليفانت - كمال اللبواني
قد تحب أيضا
كاريكاتير
قطر تغلق مكاتب حماس
- November 11, 2024
قطر تغلق مكاتب حماس
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!