-
ناجي جبر.. فنان صنع الديمقراطية بانتخابه زعيماً للقاووش
-
قبضاي الدراما السوريّة
اتسمت شخصية الممثل السوري الراحل ناجي جبر، بالقوة والتمرد على من حوله في أعماله الفنية التي جسدها دور "أبو عنتر" في مسلسلات عديدة، كانت البداية من مسلسل "صح النوم" برفقة شريكه المشاكس "غوار الطوشة"، والتي لعبَ فيها جبر دور "قبضاي الحارة" بزيٍّ يعبر عن اللامبالاة لمن حوله ووشم على ذراعه "باطل" وشوارب عريضة تعبر عن الرجولة في ذاك الزمان الغابر.
لكن كل من عرفه قال بأن شخصية "أبو عنتر" لا تشبه الروح المرحة والعطف الذي يتمتع به الفنان ناجي جبر، الذي ساهم السرطان في رحيله عن هذا العالم.
نشأته وحياته المهنية
ولد ناجي جبر في مدينة شهبا بمحافظة السويداء جنوب سوريا، في 9 فبراير عام 1940، لأسرة من منطقة جبل العرب، وتزوج عام 1984 وأنجب أربعة أبناء هم: لجين وهيا ومضر وريبال.
بدأت حياته الفنية في نهاية ستينات القرن العشرين، وانضم لنقابة الفنانين السوريين عام 1972. وكانت بداية مسيرته على خشبة المسرح العسكري، كما أنه انضم إلى فرقة شقيقه الفنان محمود جبر التي أُسست عام 1968، وقدم فيها العديد من الأعمال منها "صياد وصادوني"، "سراديب الضايعين"، "النهب"، و"طارت البركة".
اقرأ المزيد: الدراما الاجتماعيّة.. ضعف الحضور الطبقي والاجتماعي
كما شارك ناجي جبر في مسرحيات كتبها الراحل سعد الله ونوس، وأرّخها المسرح السوري، مثل "حفلة سمر من أجل 5 حزيران" و"رأس المملوك جابر".
وعلى صعيد التلفزيون، كانت البداية من خلال الأدوار الصغيرة في المسلسلات، مثل دوره في "حكايا الليل" عام 1968 للكاتب الكبير محمد الماغوط والمخرج غسان جبري، ودوره في مسلسل "أولادي بلدي" عام 1972 للكاتب أكرم شريم والمخرج علاء الدين كوكش.
أما على صعيد السينما، فقد قدم الفنان الراحل خلال مسيرته الفنية أكثر من 30 فيلماً سينمائيّاً وحقق شهرة عالية بسبب تفانيه في تقديم أعماله التي دخلت إلى قلوب المتابعين. كان من أهمها: حارة الطنابر، حارة العناتر، شيطان الجزيرة، عشاق على الطريق، إمبراطورية غوار، أحلام المدينة.
شخصية أبو عنتر
اشتهر ناجي جبر بشخصية "أبو عنتر" أكثر من أي دور آخر، التي عبرت عن شخصية الشاب السوري "الزكرت" القبضاي، الذي لا يهاب أحداً، سواء كان السلطة أو الشعب. إلا أن شخصية أبو عنتر باتت حملاً ثقيلاً على ناجي جبر عندما بدأت الدراما السورية بالتوسع، حيث تراجعت البيئة الشامية في فترة ما، وتركز اهتمام شركات الإنتاج على الدراما الاجتماعية وتناول هموم الشعوب في فترة نهاية الثمانينيات حتى فترة منتصف الألفية الجديدة.
فتلك الشخصية اختزلت كل إمكانات ناجي جبر بها، ولم يتمكن من الانفكاك عنها ويجسد شخصيات أخرى بعيداً عن شخصية القبضاي، الذي له مكانة يهابها الناس البسطاء ويستخدمها المتنفذون لمصالحهم الخاصة.
وفي أحد أدواره الشهيرة في مسلسل "عودة غوار" خطب بالسجناء، في دولة السجن الديمقراطية، في مشهد يشبه ترويج المرشحين السياسيين للانتخابات، وقد لاقى ذلك المقطع رواجاً كبيراً عند عموم الشعب العربي الذي كان مغرماً بدور الراحل أبو عنتر، قائلاً: "بُورك صمودكم في هذا القاووش، إننا لن نرضخ للاستعمار، لذلك يجب علينا أن تبقى أعيننا مفتّحة، بل مفنجرة على منعطفات التاريخ".
الانتخابات على طريقة أبو عنتر 😂😂❤️#أبو_عنتر #ناجي_جبر #دراما pic.twitter.com/UuXBlIb292
— 🇵🇸🇵🇸 هاشتاغ سوري (@syria_hashtag) December 27, 2019
وهذا المسلسل كان العمل الأخير له مع "دريد لحام" حيث استعان الأخير بأبو عنتر في مسلسله "عودة غوار" الذي تم تقديمه عام 1998، وظهر بشخصية أبو عنتر، وظهرت الشخصية أقرب الى الطيبة من البلطجة. واستطاع من خلال هذا العمل أن يأخذ المساحة الأكبر له مع "غوار"، وظهر دور "أبو عنتر" أكبر وأعمق من أدواره مع لحام السابقة، لكنه كان الدور الأخير له بدور أبو عنتر.
اقرأ أيضاً: كورونا يُعطّلُ مسلسلات "رمضان" قبلَ أن يبدأ
وتابع في البيئة الشامية من خلال أدوار بعيدة عن شخصية أبو عنتر، فأطلّ ناجي جبر بشخصية القبضاي في "أيام شامية" و"الخوالي" لبسام الملا، "أولاد القيمرية" مع المخرج سيف الدين سبيعي.
واستطاع المخرج علاء الدين كوكش، إحداث نقلة نوعية في شخصية ناجي جبر الفنية، عبر منحه دور الزاهد المتعبد في شخصية "نمر" بمسلسل "أهل الراية"، ما أخرج جبر من الدور التقليدي "القبضاي" والمتمرد على من حوله.
باب الحارة
وقف السرطان الذي أصاب الفنان الراحل ناجي جبر، صدّاً أمام قبوله بدور "أبو شهاب" في مسلسل باب الحارة، الأمر الذي صرّحَ به الممثل وائل شرف عبر قناته في يوتيوب، مؤكداً أن شخصية العكيد أبو شهاب كانت من نصيب الراحل ناجي جبر، إلا أنّه اضطر للاعتذار عن الدور ليقوم بإكمال علاجه.
وبيّن شرف بأن ذات السبب جعله يعتذر عن دور "المخرز" التي قدمه الفنان السوري بسام كوسا في مسلسل ليالي الصالحية.
علاقة ناجي جبر بأولاده
قالت لجين ناجي جبر، عن علاقتها بأبيها في لقاء بعد وفاته عام 2009: "كان يحدثني عندما يكون متضايقاً وعندما يكون سعيداً، وعندما يأتي من التصوير كان يحدّثني عن المشاهد التي صوّرها، ويخبرني كيف سينتهي كل مسلسل".
أما ابنته الثانية هيا جبر، فأفصحت عن علاقتها بوالدها: "كان يمزح معي كثيراً، ويلقبني بالأميرة".
الممثل مضر جبر، الذي وصف علاقته بوالده بأنّها كانت "علاقة أخوة وصداقة، كنت أشاركه مشاكله سواء الفنية أو الاجتماعية أو مع رفاقه، وكان يشاركني هموم وأفراح علاقاتي العاطفية، وكان ينصحني ويحدد لي الشيء الصح من الغلط".
وبدوره قال ريبال جبر، عن أبيه: "كان عطوفاً جداً، لم يكن يرفض لي أي طلب، كنت أحضر مسرحياته وأفتخر به".
وفي صباح الاثنين 30 مارس/ آذار عام 2009 خطف الموت الممثل السوري ناجي جبر عن عمر ناهز 69 عاماً، وذلك في أحد مستشفيات العاصمة السورية دمشق بعد صـراع طويل مع مرض السـرطان الذي عانى منه في نهاية حياته.
ليفانت – ثقافة وفن
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!