الوضع المظلم
الجمعة ٢٧ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
هل ضاعت هيبة بوتين في قمة طهران؟
إبراهيم جلال فضلون (1)

كما تدين تدان، فما فعله في انتظار أردوغان على بابه، كررتها إيران معه بصورة أخرى، حينما جلس بلا هوية حيث تخلّى أو تخلّت أو قصدت طهران إزلال البروتوكول بعدم وضع قيمة للعلم الروسي بوجود رئيسه "بوتين"، لدى اجتماعه المرشد الأعلى خامنئي بحضور رئيسي، والعلم الإيراني فقط.

لتأتي الفرصة لأردوغان الذي أذلهُ الدُب الروسي بباب غرفته في الكرملين لعدة دقائق، وكانت الفرصة لأردوغان بفعلها أمام وسائل الإعلام وهو ينتظر نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، لمدة دقيقة قبل اجتماعهما في قمة طهران الثُلاثية، ليُثار عليها جدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، والمقطع مدته 58 ثانية، قبل أن يصل الرئيس التركي ويتقدم بوتين خطوات للسلام عليه بعد أن فتح ذراعيه، في إشارة من غير الواضح ما إذا كانت تحمل نوعاً من العتاب على التأخير، ليكون كرد اعتبار لهيبة الوعل التُركي، وذلك خلال أول لقاء ثلاثي على مستوى الرؤساء منذ عام 2019، بقمة طهران المزعومة حول سوريا وضمن إطار "عملية أستانا للسلام" الرامية لإنهاء النزاع السوري المُندلع منذ عام 2011. ولعلّ "أستانا" كمسار للحل السوري وفق رؤية روسيا وإيران، يعني تجريد الأمم المتحدة من دورها في القضية السورية، وتسخيف مسار جنيف كمسار غير فاعل بنظر الروس، وبالتالي الإعلاء من شأن أستانا.

ووجود الاختلافات المتعددة الأوجه بين المنعقدين حول محاصصة كل منهما في سوريا، ليطغى عليها سرية المُداولات الأمنية والاقتصادية دون اعتبار لذوي الشأن بسوريا أو أطراف النزاع هناك، وسط مُعارضة تركيا بشكل عام لوجود الرئيس بشار الأسد، إلا أنّها تصالحت حالياً مع وجوده، ويبقى تجنب الفريقين المواجهة المباشرة مع تركيا، التي زودت أوكرانيا بطائرات بيرقدار القاتلة بدون طيار، والآن جاءت روسيا لشراء "الدرون" الإيراني.

كانت القمة باباً لعرض الأجندات الجيوسياسية الأوسع لأهداف كل دولة بالمنطقة رغم توافقهم على التعاون ضد الغرب، ويثبت ذلك محاولات روسيا المُتكررة إضعاف نفوذ الوجود أو توسع "الناتو" من خلال مبيعات الأسلحة وغيرها من المعاملات مع تركيا، لا سيما أنّ المرشد الإيراني يرى كذلك في حلف الناتو كياناً خطيراً، لذا يجب اليقظة مما وصفه بـ"خداع الغرب والأمريكيين"، بدليل أن أحد أسباب انهيار الاتحاد السوفياتي السابق كان "خداعهُ" من قبل واشنطن.

لذا يُفكر، بل وأعلن المرشد الإيراني موافقته على سياسة إحلال العملات الوطنية في المبادلات مع روسيا رداً على الدولار واليورو، قائلاً: "يجب إبعاد العملة الأمريكية تدريجياً عن مسار المعاملات العالمية، وهذا مُمكن".

أما عقدة تطور الأوضاع في جنوب القوقاز، خاصة أذربيجان الواقعة بين البلدان الثلاثة، فهي التحدي الأعقد بين إيران وروسيا، بسبب دورها في موازنة أزمة الطاقة كحليف غربي قد يحل معضلة الغاز لأوروبا، في ظل تحذيرات أمريكية من مخطط إيراني لتزويد روسيا بمئات من الطائرات المُسيّرة لاستخدامها في الحرب الأوكرانية، وبالمقابل تُراهن إيران على دعم روسيا بالضغط على القوى الغربية وأمريكا لتقديم تنازلات في الملف النووي بفيينا، وفشلها عدة مرات.

وأخيراً.. "المحك الأساسي للإنسان ليس موقفه في أوقات الراحة والرفاهية، ولكن موقفه في أوقات التحدي والخلاف، عندما تفاجئهم الشدائد يغوصون في أعماق أنفسهم ويخرجون للعالم مزيداً من طبائعهم الأسمى"، هكذا قال مارتن لوثر كينغ الابن، مُبيناً التناقضات والتوافقات الإنسانية.. وعلى الجميع مواجهة التحديات من آن إلى آخر أياً كان حجمها، وما يُميز العرب ودول الخليج حالياً كما بدا بقمة جدة، وطريقة الاستقبال بينهم مقابل استقبال ولي العهد لبايدن، تحالفهم من أجل شعوبهم التي ستكون حصناً لهم في أوقات الأزمات، وأنهم يمتلكون مقدرة متميزة أكثر حكمة وهي الصفة العظيمة التي تلهم الآخرين، وقياساً لم يكن للقمم واللقاءات السابقة لقمة طهران "الزخم الإيراني" كالقمم العربية.
 

ليفانت – إبراهيم جلال فضلون

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!