الوضع المظلم
الخميس ١٩ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • "رايتس ووتش".. تقرير جديد حول الإعادة القسرية للاجئين السوريين بلبنان

  • تستمر الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة في لبنان في دفع اللاجئين السوريين للبحث عن طرق غير آمنة للهجرة، مما يعكس فشل المجتمع الدولي في توفير الحماية اللازمة
وصول أول دفعة من اللاجئين السوريين العائدين من لبنان

في تقرير جديد صدر اليوم الأربعاء، تناولت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الانتهاكات المزدوجة التي تمارسها القوات المسلحة اللبنانية والسلطات القبرصية ضد اللاجئين السوريين، بهدف منعهم من الوصول إلى أوروبا وإعادتهم قسراً من لبنان إلى سوريا، دون التفكير في مصيرهم.

التقرير الذي يتألف من 90 صفحة، بعنوان “لا أستطيع العودة إلى بلدي أو البقاء هنا أو الرحيل: صدّ وإرجاع اللاجئين السوريين من قبرص ولبنان”، يوثق سبب سعي اللاجئين السوريين في “لبنان اليائس” للمغادرة ومحاولتهم للوصول إلى أوروبا، وكيفية اعتراض الجيش اللبناني لهم وطردهم فوراً إلى سوريا.

فيما قام خفر السواحل القبرصي والقوى الأمنية القبرصية الأخرى بإعادة السوريين الذين وصلت قواربهم إلى قبرص من لبنان، دون اعتبار لوضعهم كلاجئين أو خطر إعادتهم إلى سوريا، إذ طرد الجيش اللبناني العديد من الذين أعادتهم قبرص إلى لبنان إلى سوريا بشكل فوري.

اقرأ أيضاً: باسم ياخور يدعو لعودة اللاجئين السوريين.. وينتقد سياسات الإنجاب

ووثّقت “هيومن رايتس ووتش” وقائع الأشخاص الذين أُعيدوا بين آب/أغسطس 2021 وأيلول/سبتمبر 2023، لكن لبنان أكد لـ “هيومن رايتس ووتش” أنه طرد السوريين الذين أعادتهم قبرص في نيسان/أبريل الفائت، وأعلن عن عمليات إرجاع جديدة في آب/أغسطس المنصرم.

وبحسب التقرير، فقد طردت السلطات القبرصية المئات من طالبي اللجوء السوريين بشكل جماعي دون السماح لهم بالوصول إلى إجراءات اللجوء، وأجبرتهم على ركوب سفنٍ سافرت بهم مباشرة إلى لبنان. ذكر الأشخاص المُبعدون أن عناصر الجيش اللبناني سلّموهم مباشرة إلى جنود النظام السوري ومسلحين مجهولين داخل سوريا.

وبمجرد وصولهم إلى سوريا، تعرض اللاجئون المبعدون ليس فقط للاحتجاز من قبل الجيش السوري، بل للابتزاز من قبل مسلحين مقابل دفع المال لتهريبهم إلى لبنان مرة أخرى.

وذكرت الباحثة في مجال حقوق اللاجئين والمهاجرين في “هيومن رايتس ووتش” نادية هاردمان، إن لبنان ينتهك الحظر الأساسي على إعادة اللاجئين إلى حيث يواجهون الاضطهاد، عبر منع اللاجئين السوريين من المغادرة لطلب الحماية في بلد آخر، ثم إعادتهم قسراً إلى سوريا، بينما يساعد الاتحاد الأوروبي في دفع التكلفة.

وتنتهك قبرص هذا الحظر كذلك من خلال دفع اللاجئين إلى لبنان حيث قد يتعرضون للإعادة إلى الخطر في سوريا. قدّم الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه إلى مختلف السلطات الأمنية اللبنانية تمويلاً يصل إلى 16.7 مليون يورو بين 2020 و2023 لتنفيذ مشاريع إدارة الحدود التي تهدف بشكل أساسي إلى تعزيز قدرة لبنان على الحدّ من الهجرة غير الشرعية.

وخلال أيار/مايو 2024، خصص حزمة أوسع بقيمة مليار يورو للبنان حتى 2027، بما في ذلك أموالٍ لتزويد “القوات المسلحة اللبنانية والقوى الأمنية الأخرى بالمعدات والتدريب لإدارة الحدود ومكافحة التهريب”.

ويستضيف لبنان أكبر عدد من اللاجئين نسبة لعدد السكان في العالم، بما في ذلك 1.5 مليون لاجئ سوري، في الوقت الذي يعاني فيه من أزمات متعددة ومتراكمة أدت إلى ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة لكل من يعيش هناك.

وتساهم هذه الأوضاع في الظروف التي تدفع العديد من اللاجئين السوريين إلى المغادرة إلى أوروبا، نظراً لعدم وجود مسارات هجرة قانونية وخوفاً من الاضطهاد في سوريا، إذ ذكر العديد من الذين قابلتهم “هيومن رايتس ووتش”، إن رحلات العبور غير النظامية بالقوارب هي السبيل الوحيد المتاح لهم لحياة آمنة وطبيعية.

وذكرت “المديرية العامة للأمن العام اللبناني”، التي تراقب دخول الأجانب وإقامتهم، أنها اعتقلت أو أعادت 821 سورياً على متن 15 قاربا حاولوا مغادرة لبنان بين الأول كانون الثاني/يناير 2022 والأول من آب/أغسطس 2024.

وفي إحدى الحالات، أنقذ الجيش اللبناني في عملية إنقاذ مشتركة مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان “اليونيفيل” 200 راكب من قارب غارق وأعادتهم إلى مرفأ طرابلس اللبناني في الأول من كانون الثاني/يناير 2023، ثم طرد الجيش بعد ذلك هؤلاء السوريين بإجراءات موجزة عبر معبر “وادي خالد” في شمال لبنان.

وبحسب تقرير “رايتس ووتش”، ذكر الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أنهم ناشدوا مراراً عناصر الجيش اللبناني والأمم المتحدة بعدم إعادتهم إلى لبنان خشية طردهم إلى سوريا.

ووصف الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات الذين تمكنت قواربهم من الوصول إلى المياه القبرصية استخدام سفن خفر السواحل القبرصية مناورات خطيرة لاعتراض القوارب، إذ اعترض خفر السواحل أيضاً أحد القوارب ثم تركوه يجنح طوال الليل دون تقديم الطعام أو أي مساعدة أخرى للأشخاص الذين كانوا على متنه.

وإضافة إلى ذلك، قامت عناصر من الشرطة القبرصية بتقييد معصمي صبي (15 عاماً) غير مصحوب بذويه ووضعوه على متن سفينة قبرصية أعادته مباشرة إلى مرفأ بيروت. ثم قام الجيش على الفور بترحيل الطفل مع مجموعة من السوريين الآخرين عبر “معبر المصنع” الحدودي مع سوريا.

وتشكل عمليات الطرد بإجراءات موجزة هذه انتهاكاً لالتزامات لبنان كطرف في “اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب” وبموجب مبدأ القانون الدولي العرفي بعدم الإعادة القسرية للأشخاص إلى بلدان يواجهون فيها خطر التعذيب أو الاضطهاد.

وتؤكد “مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين” المكلّفة بتوفير الحماية الدولية والمساعدة الإنسانية للاجئين، أن سوريا غير آمنة للعودة القسرية وأنها لا تسهّل ولا تُشجع العودة الطوعية.

ورأت “هيومن رايتس ووتش” أن الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأعضاء فيه، قدموا تمويلات كبيرة لإدارة الحدود اللبنانية دون ضمانات حقيقية لضمان عدم استخدام أموال الاتحاد الأوروبي من قبل جهات مسؤولة عن الانتهاكات أو المساهمة في إدامة الانتهاكات.

وأنهى التقرير بمطالبة هاردمان الاتحاد الأوروبي والمانحين الآخرين بأن ينشئوا على الفور آليات مباشرة ومستقلة لمراقبة الامتثال لحقوق الإنسان في عمليات مراقبة الحدود اللبنانية، بدلاً من الاستعانة بجهات خارجية لارتكاب الانتهاكات، لطالما كافأ الاتحاد الأوروبي لبنان على منع المهاجرين من الوصول إلى أوروبا بمشاريع...

ليفانت-وكالات

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!