الوضع المظلم
الجمعة ٢٠ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
أين عقلاء العالم يا نووي؟
إبراهيم جلال فضلون (1)

لعبة السلطة أو علم السلطة، كونها من البديهيات للطبيعة البشرية، ككلّ وليس بجماعة أو فرد، لخلق نوع من التفاعل والتبادل لإفراز النتائج تحت ضوء الشمس حتى ولو تم نسج خيوطها في الخفاء، بدهاليز عالم الساسة البُلهاء، في أردأ ممارسة بل خيانة لجسد الوطن وشعوبه، متناسين حق الوطن عليهم.

كمن تعلم وصار ما صار ويُنقص من حق الوطن بتلاعب شعاره التضخم وغلاء الأسعار وأن الوطن لا شيء وهو سعيد بما تسول لهُ نفسهُ، وكأنه على أهبة الاستعداد للتناحر حول قضية ما، فهو رغم كونهُ سعيداً إلا أنه يُشفق على حاله وحال أمثاله من المحللين الماليين والاقتصاديين ومن يعومون على أفكارهم أن الوطن أثر فيه التضخم دون دول العالم الآخر، فتلك بريطانيا على إفلاس وما منها فرنسا ببعيدة، وكذلك ألمانيا التي يستنزف شعبها حالياً من الضمان المعيشي هناك، فنحمد الله أن أوطاننا العربية بخير (السعودية ومصر والإمارات) فمن لا يشكر نعم الله لا يُشكر، ويظل بعمره ناقماً منتقماً من بلدانه، غير أنه في مقالنا ذلك وفي عالم السياسة الأمر أخطر كونك لا تعرف على أي الحبال يلعب، فيبيحها ويروّج لها بالاستناد إلى مذهب سياسي نفعي وقت الحاجة، ويُحرّمها وفق أهوائه ومصالحه المتغيرة، ممارساً إياها ومذهبه في سرية وفجور.

إن المُمارسة السريّة السياسية، سواء كانت فرديّة تابعة لتكتلّ أو جماعة أو حزب تعقد صفقاتها الخبيثة على شعوبها غير آبهة لهم. فروسيا تُهدد نفسها ثُم عالمها المُحيط بالسلاح النووي في توقيت مُقلق للغاية، وأنها ستُجرى مناورات تدريبية تسمى "غروم" للمرة الثانية هذا العام، رداً على تدخلات العالم في مساعدة أوكرانيا المُحتلة منها، دون أن تعي أن لحلف (الناتو) الحق في الرد ليقوم بتدريباته النووية باسم "ستيدفاست نون" بطلعات نحو 60 طائرة حول دول الاتحاد الأوربي التي تبعد عن روسيا 10000 كم، فوق بلجيكا وبحر الشمال وبريطانيا، للتدريب على استخدام القنابل النووية الأمريكية الموجودة في أوروبا، وسط التوتر المتصاعد بعد تكرار تهديدات روسيا بشنّ هجمات نووية على أوكرانيا عقب انتكاسات عسكرية ضخمة في ساحة المعركة هناك.

ليترقب العالم ما سيفعلهُ السفهاء بهم، وليخشى بعض المحللين أن تؤدي مناورات الناتو إلى تصعيد نووي مع روسيا، وكأنه "مثال نموذجي" للتصعيد، وفق قول هانز كريستنسن، عضو اتحاد العلماء الأمريكيين، وهي مؤسسة فكرية، فكلا الفريقين يُكابر ولا يتراجع خوفاً من الظهور بمظهر ضعيف.. لكن في نهاية الأمر ستعرض البشرية بما فيها الجانبين المتغطرسين لخطر حرب "نهاية العالم" للمرة الأولى منذ أزمة الصواريخ الكوبية في منتصف الحرب الباردة ذات العواقب الوخيمة، خاصة وأن روسيا لن تعرف ما إذا كانت تحت المراقبة أم لا، وفق معاهدة "نيو ستارت"، التي تحدد سقف كل من ترسانتي القوتين الروسية والأمريكية، بـ 1550 رأساً حربياً، وليعلم العالم أنه وبمجرد تركيبها على قاذفات صواريخ متحركة وإخفائها في الغابات، سيكون من الصعب العثور على أسلحة نووية تكتيكية حتى عبر الأقمار الصناعية.

لقد أغرقوا البشرية بفيروسات وأمراض كُنا نعيش في عالم مثالي لولا تلك الغُرف والتكتلات اللاإنسانية، حيث البيئة القذرة والمنسجمة مع تطلّعاتهم وطموحات أنيابهم العطشى، وولعهم بالتفاوض على النوع التآمري في ألاعيبهم، بقصد أو بغير قصد، ليحوّلونا إلى الأداة والنتيجة في ذات الوقت، في مزاد سياسي قذر، ولا أنسى شكر من هو سعيد.

 

ليفانت – إبراهيم جلال فضلون

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!