الوضع المظلم
الخميس ١٩ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
إعمار غزة.. ومستقبل عملية السلام
خالد الزعتر

أحداث غزة الأخيرة والتصعيد بين حركة حماس والإسرائيليين هي مسمار آخر يدق في نعش علمية السلام لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، ما أقدمت عليه حماس من مناوشات مع الإسرائيليين، أعطتهم تأييداً غربياً بحقهم في الدفاع عن أنفسهم. هي ورقة تخدم المصلحة الإسرائيلية، فعندما ننظر إلى الأجواء الدولية والإقليمية ما قبل أحداث غزة الأخيرة نجد أنها كانت تشكل ضغطاً سياسياً كبيراً على إسرائيل بخصوص إظهار جديتها في الذهاب نحو تحقيق السلام.


كانت فرص إسرائيل في المماطلة باتخاذ خطوات نحو تحقيق عملية السلام تتضاءل، حتى جاءت أحداث غزة الأخيرة والحماقة التي ارتكبتها حركة حماس لتكون بمثابة طوق نجاة للإسرائيليين للخروج من حالة الضغط الإقليمي والدولي الذي يطالبها باتخاذ خطوات جادة نحو السلام، لتظهر بمظهر المدافعة عن نفسها، وبالتالي ما أعطى الإسرائيليين الفرصة للهروب من الجدية المطلوبة لتحقيق السلام.


حركة حماس هي الأخرى لا تريد أي تقدّم في مسألة عملية السلام، لأن ذلك يجعلها تخسر أهم ورقة ساهمت في وجودها السياسي، وهي مواجهة إسرائيل، فوجود السلام يعني نهاية الأرضية الخصبة لوجود حماس التي تعتمد في بقائها على شعارتها في مقاومة إسرائيل، وهي الورقة التي تستفيد منها لتعزيز فرصها السياسية، كما حدث في الآونة الأخيرة، عندما سعت لتعزيز فرصها في الانتخابات الفلسطينية العامة والتي كان تأجيل هذه الانتخابات بقرار من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، قاد حركة حماس لتوظيف ورقة المواجهة مع إسرائيل وتعريض حياة الأبرياء في قطاع غزة للخطر لتعزيز فرصها شعبياً في الانتخابات الفلسطينية العامة، وتكثيف الضغط الدولي والإقليمي على السلطة الفلسطينية لإجراء هذه الانتخابات.


وبالتالي نجد أنّ المناوشات التي تقوم بها حركة حماس مع إسرائيل هي مناوشات تهدف لتحقيق أهداف سياسية، كما هو الحال مع الانتخابات الفلسطينية العامة المؤجلة، ومن جهة أخرى، وهي الأهم، تحقيق مكاسب وأهداف مادية، خاصة بعد أن أصبحت مصادر وقنوات التمويل لحركة حماس تشهد اختناقاً في ظل حالة التردي الاقتصادي الذي تعيشه تركيا وإيران، وأيضاً التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، وبعد أن اتخذت العديد من الدول العديد من الإجراءات الحاسمة لضبط التبرعات والعمل على تصحيح مسارها، وفق ما يخدم تحقيق الأعمال الإغاثية بدلاً من أن تقع في يد حركات الإسلام السياسي.


وبالتالي نجد أنّ الأهداف والمكاسب المالية التي تطمح حركة حماس إلى تحقيقها عبر مشاريع إعادة الإعمار كانت هي النقطة الخلافية الجوهرية في مفاوضات ما بعد وقف إطلاق النار، حيث أبلغت حماس إصرارها للوفد المصري برفضها أن تمر عملية إعادة الإعمار عبر السلطة الفلسطينية والمؤسسات الدولية، وبالتالي نجد أن حماس تطمح لتهميش السلطة الفلسطينية المعترف بها، والاستيلاء على مشاريع وأموال إعادة الإعمار، للتغطية على العجز المالي الذي تعيشه الحركة.


ومن هنا نجد أنّ مسالة إعادة إعمار غزة لا فائدة منه سوى الدعم غير المباشر لحركة حماس، وهو استثمار فاشل لا يخدم القضية الفلسطينية ولا يخدم التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، وبالتالي من الأهمية العمل على تعديل مسار عملية إعادة إعمار غزة، بأن تتم مشاريع الإعمار عبر المؤسسات الدولية فقط، والأمر الآخر، أن يتم العمل على ربط مسألة إعادة إعمار غزة بتحقيق تقدم في مسار العملية السياسية لتسوية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، لأن غير ذلك يعني أنّ الأموال المرصودة للتنمية في غزه ستذهب أدراج الرياح، بسبب مغامرات حركة حماس والعدوان الإسرائيلي، وبالتالي الشعب الفلسطيني هو الخاسر الوحيد.



ليفانت - خالد الزعتر

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!