الوضع المظلم
الأحد ١٠ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
الخرائط الجديدة والترقّب
ماهين شيخاني

كلّنا ندرك العراقيل و تشابك المصالح الدوليّة والإقليميّة وكيف قسّمت كوردستان بدءاً بين الإمبراطوريتين الفارسيّة والعثمانيّة ومن ثمّ التقسيم الحاصل حسب ( سايكس بيكو) 1916. وبجرّة قلم على جغرافيّة كوردستان حيث أُلحقت رغماً بأجزاء أخرى حديثة التّكوين والمنشأ، فقد كانت الثّروات الباطنيّة والطبيعيّة لكردستان و موقعها الجغرافيّ وباﻻً على شعبها، وبعد مرور قرن من الزمن تسرّبت معلومات جديدة -ربما استخباراتيّة لتهيئة الظروف- عن مشروع الشّرق الأوسط الجديد. الخرائط


وظهرت الثّورات في العديد من الدول العربيّة وخرجت تطالب بالتغيير والتعبير عن حرّيتها وسُمّيت ب /الرّبيع/ ومن ثمّ كشفت رسومات لخرائط جديدة للمنطقة ومنها موقع كوردستان في العالم واستحقاقات التي تقع على عاتق الدول التي أخّرت نشوء دولتها وشاءت الأقدار أن يكون للكرد هذه المرة أيضاً محلّ الصراع بين الدول لكن بسبب مرور أنابيب الغاز في أراضيها.


ويوماً بعد آخر تكشف إيران أطماعها التوسعيّة بالمنطقة العربيّة والكرديّة من خلال رسم خريطة تصلها بالبحر المتوسط (الهلال الشّيعيّ)، فالدول المغتصبة لكوردستان تتصارع فيما بينها وتختلف في كلّ شيء إلّا في استحقاقات قضيّة الشّعب الكردي فهم على أهبة الاستعداد للتآمر على أيّ مكسب كورديّ وفي أيّ جزء كان ولو على أبسط حقوقه الإنسانيّة والثقافيّة والزيارات المكوكيّة بين تلك الدول رغم صراعاتها خير دليل، والتحوّل الأخير في موقف تركيا واضح وجليّ، حيث كشفت تقارير صحفيّة عن أنّ الرئيس التركيّ قد يلتقي الرئيس السوريّ برعاية روسيّة، كما أكّدت مصادر إيرانيّة وتركيّة عن توقّعات بأن يقوم الأسد بزيارة سرّية إلى تركيا. ولمّحت تلك المصادر إلى إمكانيّة أن يخفّف الرئيس التركيّ من حدّة موقفه المتشدّد من الرئيس السّوري شريطة تعاونه في منع قيام كيان كوردي. الخرائط


وهنا ﻻ بدّ أن نذكر بهذا الصدد موقف المعارضة السوريّة والعراقيّة من القضيّة الكرديّة، فهي (المعارضة) وللحقيقة ما نلاحظه أنّها تقبل التدخل الأجنبيّ التركيّ في الأراضي السورية وحتى اقتطاع أراضٍ من أجزائها لقاء محاربة الكرد كي ﻻ يحصلون على أيّ حقّ ولو بأقلّ استحقاق، فهم يقبلون بالإدارة الذاتيّة في حلب وإدلب وأيّ محافظة عربيّة كحقٍّ مشروع، لكنّهم يتصدّون لرغبة الإداراة الذاتيّة في عفرين وكوباني والجزيرة ويعتبرونها مشروع خيانة وتقسيم ويجب معاداتها حتى لو وصل بهم الأمر لفتح أبوابهم كاملة لتركيا وحتى خلق فتنة وعداوة بين الشّعب العربيّ والشعب الكرديّ وقد سمعنا نداءات وتصاريح وهجمات بعض ممن يعتبرون أنفسهم من المعارضة ومع الحريّة، أشرس الهجمات لخلق نعرات شوفينيّة.

أما تركيّا التي تظاهرت بالديمقراطيّة فترة ما، عادت إلى نقطة الصفر ورجعت إلى بداية الثمانينات حيث القتل والتهجير والتدمير والاعتقال بحقّ الشّعب الكرديّ وجرّ المنطقة برمّتها إلى أتون حربٍ شعواء دفعت شعوب المنطقة ثمناً باهظاً لحماقات أردوغان.


ومن هنا يمكن أن نفهم رغبة الرجل المستميتة فى إعادة نفوذ العثمانيين على كركوك والموصل وشمال سوريا وتونس ومصر والحجاز، كخطوة أولى لبناء إمبراطوريّة يتحدّى بها دول الاتّحاد الأوروبيّ، التى ترفض إعطاءه عضويّة فيه، وما نشهده من تمدّد اليمين في أوربا أي ذهاب العولمة وتحصين قلاعها من الإرهاب والإرهابيين حفاظاً على بلدانهم من الشرّ القادم نحوهم من همجيّة فكر متطرّفٍ يقوده أردوغان ويهدّد أوربا بترحيل المهاجرين وابتزازهم بشتّى الوسائل. الخرائط


وبعد وصول ترامب لقيادة أمريكا والعالم، فما يلاحظ من تصريحاته إنّ أمريكا هي أوﻻً وأخيراً، فلا صداقات دائمة في السياسة كلّ ما يهمّ الدول هي مصالحها فقط، ومن يهمّه التأكّد عليه بتقليب صفحات التاريخ، فجمهوريّة مهاباد واتفاقيّة الجزائر المشؤومة والخيانات الكثيرة التي طالت جسد القضيّة الكرديّة ﻻ تعدّ ولا تحصى.

المصالح الأمريكية العليا ﻻ اختلاف عليها بين الجمهوريين والديمقراطيين ربما يكون الاختلاف في التكتيك وليس في الاستراتيجيّة.


في 30 سبتمبر/ أيلول 2015، فاجأ بوتين العالم بإطلاق مقاتلاته فى الأجواء الروسية، دعماً لنظام الأسد، معلناً أنّ هدف التدخل هو "مكافحة الإرهاب"، مؤكّداً أنّ المهمة لن تستمرّ أكثر من ثلاثة أشهر، وليس هناك نيّة لإرسال قوات تدخل برّي، وسط تهليلٍ سوري وإيراني، وسكوتٍ أميركي ، لقد قلب التّدخل الروسيّ في سوريا كلّ المعادلات ونجح الرئيس بوتين بتحقيق نقاطٍ في لعبة الشّطرنج الدامية فمنذ تدخّله العسكريّ الجويّ وهو يمارس بإتقانٍ وحذاقةٍ لعبة الشّطرنج على الأراضي السورية، ومنها تمدّداً على رقعة الشّرق الأوسط، واضعاً حلفاءه قبل خصومه في وضعيّة الحائر غير المرتاح لخطط حليفه ومناوراته، واستغلّ موقف تركيا بخصوص مساعدة أمريكا لقوات "قسد" وعقد معها اتفاقيّات وصفقات السّلاح. الخرائط


وختاماً نقول ليس للشّرق الأوسط من سياسة سوى الترقّب لما يتّفق عليه الدول العظمى، فلا الحرب وﻻ السّلم من صنع العرب والكورد.


ليفانت - ماهين شيخاني

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!