-
الشرق الأوسط ، وعملية التحول الديمقراطي ،،
ظلّت مقولة “الشعوب العربية غير جاهزة للديمقراطية” أحد الأفكار التي تتسيّد المشهد السياسي العربي والشرق أوسطي لعقود طويلة، وترسّخت في عقول الكثير من أدباء ومفكرين، الحقيقة أنّ هذه المقولة “أكذوبة” سعى وحاول التيار الإسلامي إلى العمل على ترسيخها لأنّ ذلك يخدم أهدافه في إبقاء الوضع على ماهو عليه، بإبقاء الأرضية الخصبة للقبول الشعبي بالأفكار التي تحاول تيارات الإسلام السياسي، بشقيها (السني والشيعي)، العمل على نشرها لخدمة أهدافه.
الحقيقة أنّه لايمكن أن يكون هناك قبول لأفكار تيارات الإسلام السياسي في ظلّ وجود أجواء ديمقراطية، لأنّ هذه الجماعات تعتمد بشكل في بقائها على مسألة تضييق الوعي الشعبي والعمل على احتكاره، وبالتالي هذا لا يتم في ظلّ وجود التحول الديمقراطي، إذ ليس بمستغرب أن تعمل هذه التيارات على إجهاض عملية التحوّل الديمقراطي وأن تحاول عرقلة أي بوادر قد تقود لخلق أجواء من العمل الديمقراطي في المنطقة، لأنّ هذا يستهدف مكانتها وقاعدتها الشعبية التي تعتمد في احتكارها على تغيبب الوعي الشعبي.
لو عدنا للخلف في العام 2003، نجد أنّه كان من الممكن أن يكون العراق بداية التحوّل الديمقراطي في المنطقة العربية، بشكل خاص، والشرق الأوسط، بشكل عام، ولكن هذه البداية تم العمل على إجهاضها من الداخل العراقي، فمثلاً جماعات الإسلام السياسي الشيعية اتّجهت إلى تأسيس الميلشيات والسيطرة على الدولة العراقية الحديثة، وتعزيز الفكر الطائفي، بينما جماعات الإسلام السياسي السنيّة سعت لمقاطعة الانتخابات في العراق واتجهت للانطواء على نفسها، وشجعت أعمال العنف، ووفرت الذخيرة الأيدولوجية التكفيرية للتنظيمات الإرهابية، مثل تنظيم القاعدة في الأراضي العراقية، وبالتالي نجد أنّه بالرغم من الاختلاف المذهبي بين الجماعات السنية والشيعية، إلا أنّه تطابقت أفكارها في إجهاض أي محاولة نحو تحقيق التحول الديمقراطي.
كان من الممكن أن تكون مرحلة الربيع العربي مرحلة جديد في الفكر السياسي العربي والشرق الأوسطي، وأن تقود نحو خلق بداية جديدة من التحول الديمقراطي، لكن القوى الغربية سعت لإجهاض هذه المرحلة عندما سعت للاعتماد على “الجماعة الإخوانيّة”، وبالتالي هذا قاد إلى خلق مرحلة من الانتكاسة نتيجة تصدّر تيارات الإسلام السياسي للمشهد السياسي في مرحلة مابعد الربيع العربي، والتي لم تسعَ إلى إرساء قواعد التحوّل الديمقراطي ، بل سعت لتعزيز الخطاب التكفيري، كما حدث في مصر، وبخاصة بعد أن أدركت الجماعة الإخوانية اقتراب سقوطها على أيدي ثورة الـ30 من يونيو.
لايمكن تحقيق التحوّل الديمقراطي في ظلّ وجود مشاركة من جماعات وتيارات الإسلام السياسي (الإخوان إنموذجاً) لأنّ هذه الجماعة قائمة على أدبيات وأفكار مناهضة للفكر الديمقراطي، وتعتاش على الذخيرة الأيدولوجية الفوضوية والتكفيرية والتي خرج من رحمها تنظيم القاعدة وداعش الإرهابيين، وبالتالي الاعتقاد بأنّ هذه الجماعة قد تكون جزءاً من عملية صناعة الديمقراطية في المنطقة، هي أكذوبة صدقتها القوى الغربية، وهي بذلك تتجاهل التاريخ العريض لهذه الجماعات القائم على الأفكار الفاشية والسلطوية الطغيانية.
خلاصة القول، إنّ الشعوب العربية غير جاهزة للديمقراطية هي مجرد مقولة غير مبنية على حقائق ووقائع، لأنّ المنطقة لم تشهد عملية بناء حقيقية للمسألة الديمقراطية، كل ما شاهدته المنطقة هي محاولات تمّت على أساس خاطئ من البناء والتشييد تم العمل على إجهاضها.
ليفانت – خالد الزعتر
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!