الوضع المظلم
السبت ٢٣ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
المعارضة التركية و اللاجئون السوريون
المعارضة التركية و اللاجئون السوريون

خضر الشويخ - كاتب سوري


منذ بداية الثورة السورية وهذا الشعب يعاني من كل أنواع القتل والتدمير الممنهج والتهجير القسري، حيث اتبع النظام سياسة التهجير عن سابق إصرار وترصد بتدمير مدنن بأكملها وتهجير سكانها وسرقة ممتلكاتهم إن كان ( بالتعفيش ) او بسنّ قوانيين تتيح له مصادرة أملاكهم .


لم تكن الهجرة خياراً للسوريين بل كانت تهجيراً ممنهجاً اتبعته السلطة، فكان النصيب الأوفر لتركيا بعدد كبير من اللاجئين يفوق 3.5 مليون سوري يعيش منهم بما يقارب 300 ألف في مخيمات في المدن الحدودية، والباقي يعيش في الداخل التركي بمختلف مدنه وخاصة المدن الحدودية كـ (أورفا) و(غازي عنتاب) و(كلس) وغيرها، ويتركّز العدد الأكبر في إسطنبول التي تستضيف أكثر من 700 الف سوري.


لم تكن تركيا خياراً السوريين فقط، فقد سبقهم باللجوء العديد من اللاجئين العراقيين ومن ليبيا واليمن وحتى مصر، والمفارقة هنا أن السوريين فقط هم المستهدفون دائماً من قبل المعارضة التركية في صراعها مع الحزب الحاكم، حتى أصبحت قضية اللجوء السوري محورية في كل المناظرات والدعاية الانتخابية ووقع السوري بين حزب يناصر بقائه وحزب يطالب برحيله .


لم أكن أريد التطرّق الى أي شأن يخص الداخل التركي بسبب حساسية المعارضة من المكوّن السوري، ولكن بعد الانتخابات البلدية الأخيرة والتي كان محور برنامجها الانتخابي هو السوري ومستقبله في هذه البلد .


نحن كسوريين لا ننكر فضل تركيا شعبا وحكومة على ما قدموه للسوريين وسياسة الباب المفتوح لهم، وهو ما لم تقدمه أي دولة أخرى للسوريين وحتى العربية منها الفقيرة والغنية، ولكننا لا نستطيع أن ننكر أن الحزب الحاكم يتحمل جزء لا بأس به من المسؤولية حول السوريين، حيث انتهج سياسة التلويح أمام العالم بأن تركيا تستضيف 3.5 مليون سوري وأنهم انفقوا عليهم حتى الآن اكثر من 37 مليار دولار، مما أثار حفيظة الشارع التركي، ولكننا ندرك أن التصريح بها هو مناورات سياسية لخدمة قضايا تركية إقليمية ودولية ولكل دولة برنامجها وحقها أيضا في استخدام جميع الوسائل المتاحة للدفاع عنها، وتلقفت المعارضة التركية هذه الأرقام لتؤجج الشارع التركي على الحزب الحاكم واستخدمته كسلاح في الانتخابات.


يدفع اليوم السوري ثمن هذه التصريحات التي لا يستطيع الحزب الحاكم التراجع عنها مما تسبب بموجة غضب لدى الشارع التركي وخسر اليوم أهم معاقله في الانتخابات البلدية، ولو انتهج سياسة إبراز دور اللاجئ السوري في تركيا لما حدث ما حدث ولكنه تغافل عن ذكر دور السوريين الإيجابي في الاقتصاد التركي مما قد يخفف الاحتقان الحاصل من قبل المواطن التركي تجاه السوريين، و من حقنا اليوم الدفاع عن أنفسنا بعد تصعيد المعارضة حملتها على السوريين ونجاحها في بعض المدن التركية وخاصة المركزية منها مثل أنقرة وإسطنبول وتوليها البلديات في تلك المدن .


كان يجب على الحزب الحاكم أن يوّضح للشعب التركي ما قدمه السوريين من قيمة مضافة للاقتصاد التركي بالرغم أن ما قدمه السوريين لا يذكر أمام اقتصاد بحجم الاقتصاد التركي ولكن وجب التنويه عنها .


أولاً : وبحسب التصريحات الرسمية للحكومة التركية أن هناك 6500 رجل أعمال سوري قاموا بإنشاء مشاريع كبرى في تركيا واستثمارات بمليارات الدولارات، وهو يعتبر رقماً كبيراً لأي إقتصاد في العالم ويجب التنويه أن هناك أكثر من 97 ألف شركة تم انشائها في تركيا غالبيتها للسوريين وأغلبها لسوريين في دول الخليج يخططون للاستثمار تركيا.


ثانياً : السوريين الذين يعيشون في المخيمات هم تحت اشراف وتمويل منظمات دولية تقدّم لهم المساعدة بالتشارك مع الحكومة التركية.


ثالثاً : كل من يعيش في المدن التركية من السوريين يعيشون على نفقتهم من أجار منازل وفواتير وطعام وغيرها .


رابعاً : أغلب المساعدات المادية التي تقدّم لجزئ من السوريين لا يتجاوزون ال 20% هي مدعومة من الاتحاد الأوربي وبرنامج الأمم المتحدة .


خامساً : السوري لا ينافس المواطن التركي على العمالة، فكل الوظائف التي يشغلها السوريين هي بالأصل أوجدت لهم بسبب عامل اللغة التي يرفض المواطن التركي تعلم أي لغة لمواكبة التطور الكبير في حجم السياحة في تركيا، ويعتمد في ذلك على العرب وخاصة السوريين، فاليوم لا تجد محل او مطعم أو فندق أو شركة عقارية لا توظف سوري للتواصل مع السائح العربي أو الأجنبي، فالسائح غير مجبر على تعلم لغة كل بلد يزوره لأسبوع فقط، وعلى الدولة المستضيفة اعتبار اللغات الأخرى أحد أهم البنى التحتية للسياحة، وقد برع السوري في اشغال هذا الفراغ واستطاع التميّز به أيضاً فمثلاً بلغ حجم السياحة الطبية في تركيا أكثر من ملياري دولار سنوياً، واذا تم مراجعة المسوقين في الشركات المتخصصة في هذا المجال نجد أن غالبيتهم من السوريين، والسبب هو عامل اللغة أيضا وينطبق هذا أيضا على الشركات العقارية والسياحية بمختلف تصنيفاتها.


هناك الكثير من السوريين الذين يعملون في السوق التركية هم يعملون لدى رجال أعمال سوريين ومن المؤكد أنها ليست حسنة او صدقة، ولكنه استغلال رخص الأيدي العاملة السورية عدا عن عدم التزامهم بدفع أي ضرائب وتأمينات عنهم وسهولة الاستغناء عنهم ودون تعويضات، وهنا تلام الجهات التركية بإهمال حقوق السوريين لدى أرباب العمل، وبالنسبة لرب العمل التركي أيضا ينطبق عليه هذا الاستغلال علماً بأن غالبية الأعمال التي يمارسها السوريون هي أعمال جسدية وتعتمد على فئة الشباب ولولا اللغة العربية وانتشار السياح العرب لما أوجدت هذه الوظائف .


سادساً : على الحكومة أن تذكر أيضاً حجم التحويلات المالية التي تصل للسوريين من أقاربهم ومعارفهم وحجم الإنفاق في الداخل التركي، حيث يعيش غالبية السوريون من حوالات أبنائهم وأقاربهم المقيمين في الخليج أو أوربا وذكر فائدة هذه التحويلات في الاقتصاد التركي .


سابعاً : يشغل السوريين المقيميين في المدن، أكثر من نصف مليون عقار ومنزل وإيرادات هذه العقارات تعود بالنفع على المواطن التركي .


ثامناً : يجب أن لا ننسى حجم الاستهلاك من البضائع التركية من مأكل ومشرب ولباس عندما يكون المستهلكين يفوق عددهم 3.5 مليون مستهلك، ومردودها على الإنتاج التركي أي لديك 3.5 مليون سائح يومياً وعلى مدار العام .


تاسعاً : يجب أن يعلم المواطن التركي، أن أكثر من 50% من البضائع المستهلكة في الداخل السوري هي بضاعة تركية .


عاشراً : الثقافة التركية التي أدركها السوريون في مهجرهم تصبح في مصلحة تركيا مستقبلاً عندما تبدأ إعادة الإعمار وحجم التبادل التجاري المتوقع في تلك الفترة وما بعدها .


ويجب أن لا ننسى عدد السياح السوريين القادمين لتركيا إما للسياحة أو لزيارة أقاربهم وحجم الإنفاق لهذه الفئة .


في كل ما ذكرت أعلاه نجد أن اللاجئ السوري يعتبر قيمة مضافة للاقتصاد التركي وليس عالة عليه، ولكن السؤال الأن، ألا يدرك المواطن التركي هذا؟ نعم هناك قسم من الأتراك يدركون ذلك وخاصة في مدن مثل غازي عنتاب وأورفا وكلس، والتي أثر في اقتصادها السوريين بإيجابية، فمدينة مثل اورفا كانت مدينة حدودية تعتبر فقيرة هي الآن تشهد نهضة عمرانية واقتصادية بسبب تواجد حوالي نصف مليون لاجئ سوري يضخون شهرياً بها بما لا يقل عن 50 مليون دولار شهرياً، إن كان معدل انفاق الفرد 100 دولار شهرياً تشمل المسكن والمشرب وغيره.


ختاماً يتحمل الإئتلاف المسؤولية الكبرى في ما يحدث للسوريين وأن لا يكتفوا بتوجيه اللوم على السوري بعدم قدرته على الاندماج وإدانة بعض التصرفات الفردية هنا وهناك، والتي لا يخلوا منها أي مجتمع وأن يجتمعوا مع القيادة التركية وحتى المعارضة وتوضيح الصورة وعمل ندوات تشمل التيارات التركية السياسية والإعلامية لإبعاد السوريين عن أي تجاذبات سياسية.


المعارضة التركية و اللاجئون السوريون


المعارضة التركية و اللاجئون السوريون


المعارضة التركية و اللاجئون السوريون

العلامات

كاريكاتير

قطر تغلق مكاتب حماس

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!