الوضع المظلم
الخميس ٠٩ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
انتفاضة
علي شمدين

إن الأحداث التي اندلعت في ملعب القامشلي بتاريخ "١٢/٣/٢٠٠٤"، والتي سرعان ما تحولت إلى انتفاضة جماهيرية عمَّت جميع مناطق التواجد الكردي، شكلت في مضمونها نقطة تحول هامة في وعي الشعب الكردي في سوريا. انتفاضة 


وفي إحساسه بهويته القومية، وشعوره بأبعادها الوطنية والقومية، وإدراكه بأهمية التوازن بينهما، وقد أحسنت الحركة الكردية حينذاك في إدارتها لهذا الحراك الشعبي المحتقن، الذي فاجأ النظام بسرعة انتشاره واتساع دائرته الجماهيرية، ونجح في جذب الرأي العام العالمي نحو ردة فعل النظام القاسية، ووضعت تحت الأضواء حجم الضحايا والشهداء والمعتقلين الذين خلفتهم آلة القمع والاستبداد بين صفوف


المتظاهرين العزل، واستطاعت هذه الحركة، التي التأمت تحت مظلة "مجموع الأحزاب الكردية في سوريا"، وبالرّغم من الثغرات والأخطاء الكثيرة في أدائها، أن تُسْمِعَ رأس النظام برسالة الجماهير المنتفضة، ليسارع رئيس الجمهورية "بشار الأسد"، مضطراً، إلى التصريح في مقابلة له مع قناة الجزيرة بتاريخ "١ آيار ٢٠٠٤"، بأن: "أحداث القامشلي لم تكن وراءها أيد خارجية وأن القومية الكردية جزء أساسي من النسيج الوطني السوري ومن التاريخ السوري..".


حقيقة، كانت انتفاضة "١٢آذار ٢٠٠٤"، تجربة نضالية ثرية بدروسها وعبرها، كان يجب على الحركة الكردية في سوريا أن تتعظ منها خلال هذا العقد من عمر الأزمة السورية، ولكنها فشلت في ذلك مع الأسف الشديد، فهي ليس فقط لم تنجح في توحيد صفوفها، وبلورة مطالبها في خطاب قومي موحد، وفرضه على النظام بوضعه الراهن، وإنما فشلت أيضاً حتى في إقناع المعارضة بعدالة قضيتها ومشروعية نضالها، وذلك بسبب أدائها المحكوم بردات الفعل الحزبية الضيقة، وبسبب تشتتها المفرط إلى جماعات وشلل لايتجاوز أعضاء بعضها عدد أصابع اليد، وانقسامها المجاني على المحاور الخارجية وعلى جبهات الصراع التي لا ناقة للكرد فيها ولا جمل، حتى بات اليوم من تبقى على الأرض من الشعب الكردي يعيش بين مطرقة مؤمرات هذه المعارضة التي أصبحت غطاءاً للأحتلال التركي للمناطق الكردية، والتي تعتبره، ومن دون خجل أو إحراج، تحريراً، وبين سندان سياسات النظام الذي لا يزال يتنكر للوجود الكردي، ويقزمه في مجرد قضية لاجئين لا ضير في أن تستعيدهم تركيا حينما تشاء، كما تفعل اليوم، طالما أنهم لا يعودون إلى حظيرته صاغرين.


أجل، لقد كانت انتفاضة (٢٠٠٤)، ولاتزال محطة نضالية يمكن للحركة الكردية في سوريا أن تأخذ منها الدروس والعبر، وليس التسابق في الاحتفاء بها بمراسيم كرنفالية فقط، ولعل أهم هذه العبر هو شعور أطرافها بحجم الخطر الذي بات يهدد الشعب الكردي وقضيته القومية، والإسراع في إنجاز وحدتها الشاملة من دون إقصاء أو تهميش.


وبنظرة سريعة لحصاد هذه السنوات العشرة التي مضت، وما حملته من كوارث هددت التركيبة الديمغرافية لمناطقنا في الصميم، فإن (الشعب)، قد تقاذفته حملات التشرد والجوع والتشرد والتهجير، كما أن (أرضه) باتت محتلة، منطقة تلو الأخرى، وهنا لابدّ أن نسأل أنفسنا ألم تفقد حركتنا السياسية مبررات بقائها، إذا كانت قضيتها القومية التي تأسست من أجلها، قد بدأت تفقد ميدانياً مقوماتها، كقضية (أرض وشعب)..؟. انتفاضة 


علي شمدين


ليفانت - علي شمدين 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!