الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • باريس وبكين: قوى عالميّة تتصيّد عثرات الأخرى أمام كورونا!

باريس وبكين: قوى عالميّة تتصيّد عثرات الأخرى أمام كورونا!
باريس وبكين


خاص ليفانت



إعداد وتحرير: أحمد قطمة


خلقت أزمة انتشار فيروس كورونا العديد من المشكلات التي ربما لم يكُ من المتوقّع تخيّلها سابقاً، خاصة بين بلدان تفصل بينها مسافات شاسعة، لكنّ الفيروس التاجي المميت تمكّن من ذلك فأوجد العديد من المشكلات الدبلوماسية، وشوهدت دول وهي “تسرق” كمامات وأدوات طبية بذريعة الجمارك والقوانين الوطنيّة، كما سارعت دول إلى إبرام صفقات تجارّية لشراء بضائع مُباعة إلى دول أخرى، فُغيّرت وجهة طائرات كانت تُحلّق فعلاً نحو وجهة إلى ثانية، ولم يقتصر الحال على ذلك، فلاقت الصين الكم الأكبر من التهجّم، خاصة من الولايات المتّحدة التي اعتبرت أنّ “الفيروس صيني”، وأنّها تشكّل أصل البلاء، وهو ما قد يعني مستقبلاً إمكانيّة فتح قضايا دوليّة ضدّ الصين لتعويض الأضرار التي لحقت ببلدان العالم، الأمر الذي ترفضه بكين. قوى عالميّة


وفي السياق، استدعت الثلاثاء/الرابع عشر من أبريل، الخارجية الفرنسيّة السفير الصيني في البلاد، عقب نشر السفارة مقالاً على موقعها الإلكتروني، ينتقد أسلوب التعامل الغربي مع أزمة فيروس كورونا المستجدّ، أشارت في جزء منها إلى أنّ الدول الغربيّة تركت المتقاعدين ليموتوا في دور المسنين، عقب أن طلبت فرنسا من الصين ملايين الكمامات للحدّ من النقص الذي تعانيه البلاد، فيما ذكر الوزير الفرنسي، جان إيف لو دريان، في بيان أصدرته وزارته: “إنّ آراء معينة أعرب عنها ممثلو السفارة الصينية في فرنسا بشكل علني لا تتماشى مع مستوى العلاقة الثنائيّة بين بلدينا”.


امتعاض صيني من تشويه مزعوم لصورتها


ووجّه النص اتّهاماً للغربيين بتشويه صورة الصين على نحو غير عادل بعدما صنّفت مرض كوفيد-19 بأنه “إنفلونزا طفيفة” في بدايات تفشّي الوباء، كما وجّهت الانتقاد للأميركيين بسبب إقالة قبطان حاملة طائرات أصيب قسم كبير من طاقمها بالفيروس، ولا يتوانى النصّ، عن اتّهام الطواقم الطبيّة الفرنسية في دور رعاية المسنين بأنّهم تخلّوا عن مهامهم بين ليلة وضحاها، وتركوا المسنين يموتون من الجوع والمرض. قوى عالميّة


 


فيما شدّد بيان الخارجية الفرنسيّة على أنّ كوفيد-19 جائحة تطال كل القارّات وكل المجتمعات، وفي مواجهة الفيروس وإزاء تداعياته على اقتصاداتنا لا مجال للجدل، وفرنسا تعمل بحزم من أجل الوحدة والتضامن وأكبر تنسيق دولي ممكن، وجاءت المواجهة الصينيّة الفرنسية، رغم أنّ باريس طلبت سابقاً  مساعدة الصين، حيث قال وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران في الرابع من أبريل، أنّ فرنسا تقدّمت بطلب لدى مصنعين صينيين لشراء كمامات يصل عددها إلى حوالي ملياري قطعة، ضمن مساعي التزوّد بمعدّات الحماية في مواجهة فيروس كورونا، لافتاً في مقابلة أجرتها معه نشرة “بروت” الإلكترونية: “بالنسبة للكمامات التي طلبناها في الصين، نحن قريبون من مليارين، ونواصل تقديم الطلبيات”، موضحاً: “طلبيّات الكمامات التي قدمناها أكبر بكثير مما نتلقّاه”، منوّهاً إلى أنّ هذه المعدّات تشهد منافسة عالميّة للحصول عليها.


دعوة فرنسيّة لفصل الطبّ عن السياسة


ورغم الامتعاض الفرنسي من الهجوم الصيني المُبطّن، لكن باريس برهنت خلال الأزمة التي تعصف بالعالم قدراً كبيراً بالمسؤولية، ففي الثامن من أبريل، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن دعمه الكامل لمنظّمة الصّحة العالميّة في اتصال مع مديرها، وذلك عقب يوم من انتقاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمنظّمة الدوليّة، وذكر مسؤول بالرئاسة الفرنسية لرويترز: “أكد (ماكرون) على ثقته ودعمه للمنظّمة ورفض الزجّ بها في حرب بين الصين والولايات المتحدة”، كما لفتت الإليزيه أنّ ماكرون شدّد خلال اتصاله الهاتفي مع المدير العام لمنظّمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أنّ الطبيب الفرنسي الذي اقترح إجراء تجارب في أفريقيا على علاج محتمل لفيروس كورونا لا يمثّل السياسة الفرنسيّة الرسمية. قوى عالميّة


 


وجاء ذلك عقب اتّهام ترامب لمنظّمة الصحة العالميّة بالتعامل مع أزمة فيروس كورونا الجديد بشكل سيء، بحسب صحيفة الإندبندنت البريطانية، حيث قال ترامب: “إنّ منظّمة الصّحة العالميّة أخفقت”، مردفاً: “الغريب أنّها (المنظمة) تلقّت منا أموالاً طائلة لكنّ تركيزها منصبّ على الصين، وانتقدت قراري بمنع دخول الصينيين إلى الولايات المتّحدة”، وتابع: “لحسن الحظّ رفضت نصائحها الأوليّة بإبقاء الحدود مع الصين مفتوحة، لم أعطونا توصيات خاطئة إلى هذا الحدّ؟”، مستكملاً: “علينا مراجعة علاقتنا مع منظّمة الصّحة العالميّة، لأنها أخطأت وكان يجدر بها أن تعلن الوباء مبكّراً”.


بحث فرنسي عن سلام عالمي


وإلى جانب الموقف الفرنسي الرافض لابتزاز واشنطن المنظمة الدوليّة، سعت باريس إلى إحقاق هدنة عالميّة خلال أزمة كورونا، وجعلها فرصة لإحلال سلام عالمي، حيث أوضح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس الأربعاء/الخامس عشر من أبريل، أنه حصل على موافقة ثلاث من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي لدعم دعوة الأمم المتّحدة لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء العالم حتّى يتسنّى للبشرية التركيز على مواجهة فيروس كورونا، وذلك في أعقاب دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إلى هدنة عالميّة في 23 مارس/آذار، منوّهاً إلى انهيار النظام الصحي في الدول التي تعاني من الحروب واستهداف ما تبقى من الطواقم الطبية في العمليات القتالية.


 


وذكر ماكرون أنّ الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أكّدوا له جميعاً دعمهم لدعوة غوتيريس، آملاً في الحصول على موافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الساعات القادمة، وأردف في تصريحات لراديو فرنسا الدولي: “تحدّثت إليه في بداية هذه المبادرة، لم أتحدّث معه منذ حصولي على تأكيدات راسخة من الزعماء الآخرين، سأفعل ذلك في الساعات القليلة القادمة”، واستكمل: “أعتقد أن الرئيس بوتين سيوافق بكل تأكيد وسيكون بمقدورنا في اليوم الذي يعلن فيه ذلك أن نعقد مؤتمراً عبر الفيديو، وننقل هذه الدعوة بطريقة رسمية وقوية وفعالة”. قوى عالميّة


وبالتالي، يبدو واضحاً رغم حالة التصيّد التي تلجأ إليها بعض الأطراف في سبيل تبرير مواقفها من الفيروس والإجراءات المتوجّبة لمواجهته، أنّ القوى العظمى تدرك حجم الكارثة التي تتنظر البشريّة في حال إصرار كل منها على توجيه دفّة السفينة بما يناسب رياحها، وهو ما قد يكون دافعاً للقوى العظمى وعلى رأسها واشنطن للكفّ عن توجيه الاتهامات إلى غيرها، والالتفات حالياً إلى إخماد حرائق كورونا، ريثما يتمّ إطفاؤها، كونه ينبغي أن تشكّل الأولويّة مقارنة مع البحث عن مفتعلها المزعوم، والتي قد تمّت في أيّ وقت بوضع المتهم أمام الدلائل التي قد تدينه أو تثبت براءته. ليفانت

العلامات

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!