الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
بيان جماعة الإخوان المسلمين والتبعية الفجة
علي ميراني

د. علي ميراني - برفسور مساعد/ استاذ التاريخ الحديث والمعاصر.


نشرت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا بياناً رسمياً في العاشر من تشرين الأول 2019، حول موقفها من انطلاق (عملية نبع السلام في شرق الفرات) وهو الاسم الناعم للغزو التركي للمناطق الكردية التاريخية، اذ ورد في البيان بعد البسملة وهي عادة طالما اتقنتها جماعات الإسلام السياسي في رغبة واضحة لدغدغة المشاعر الدينية عند الأكثرية الساحقة من المسلمين، ما يأتي "تمر الثورة السورية اليوم بمنعطف تاريخي ومفصلي في سيرها نحو تحقيق أهدافها في إسقاط نظام الأسد ومواجهة مشاريع الإرهاب والتطرف والانفصال، وذلك بإطلاق عملية نبع السلام في منطقة شرق الفرات، والذي يتشارك فيها الجيش الوطني السوري مع الجيش التركي".


في الحقيقة لا يعرف بالضبط كيف توصلت الجماعة الى هذا الاستنتاج البائس عبر ربط الرغبة بإسقاط النظام السياسي القائم في البلاد وعملية الانفصال المزعومة من قبل الكرد؟ مع العلم أنه لم يرد في أدبيات أي من الأحزاب السياسية الكردية ولعل حزب الاتحاد الديمقراطي من أكثرها، أي اشارات بالميل نحو الانفصال عن الدولة السورية، بل ان تسمية قوات سوريا الديمقراطية بتلك التسمية انما هو دليل على التشبث بالتراب السوري، على العكس من تنظيمات ترتدي العباءة الدينية وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين لا تجد غضاضة أن تأتمر بأوامر دولة غازية ترفع علمها القومي بكل عنجهة على تراب دولة أخرى جارة.


اجتهد بيان الجماعة بصورة كارثية في تبرير الرغبة الداخلية لشعب مغلوب على أمره مع طموحات دولة جارة تحتل جزءاً كبيراً من سوريا منذ عام 1938، من خلال التوضيح " لقد تقاطعت مصلحة الثورة السورية والأشقاء في تركيا في محاربة إرهاب (PYD-YPG - PKK) واستعادة الأرض السورية والحفاظ على وحدتها، فكانت عملية (نبع السلام)، وشرق الفرات مثل غربه مثل كل سورية، لا بد أن تصبح حرة بإذن الله". هنا يلاحظ أن الجماعة لا تتورع في ابداء خنوعها المذّل للدولة الغازية، بل تبارك خطوة قيامها باحتلال عفرين سابقاً، وتجد في الأتراك أخوة لهم، فيما توصم فئة واسعة من الكرد بالإرهاب.


استعرضت الجماعة مفرداتها المأساوية و التي اقتبستها في معظمها من أدبيات حزب البعث العربي الاشتراكي تماماً، باللف والدوران حول شعارات وحدة الأراضي السورية، وأن الكرد هم مكوّن أساسي من مكونات الشعب السوري، وهي حيلة بغيضة طالما مارستها القوى المحتلة لأراضي الكرد وباتت لاتنطلي حتى على الرضع "إننا في جماعة الإخوان المسلمين في سورية، إذ نؤيد وندعم هذه العملية، فإننا نؤكد بشكل واضح لا لبس فيه، أننا مع وحدة الأراضي السورية ووحدة المجتمع السوري، وإن إخوتنا الأكراد هم مكوّن أساسي من مكونات الشعب السوري".


كشرت الجماعة عن أنيابها عبر التذكير بالثارات القديمة، عبر الاستقواء بتركيا والتذكير أن الفصيل الكردي المسلّح كان قد مارس ضغوطه على أهالي الرقة وحارب الجيش الحر في عفرين، وللعلم تلك ذريعة باهتة وبإمكان أبناء المنطقة أن يكذبوها جملة وتفصيلاً، إذ أن ذاك التنظيم هو من خلص أبناء الرقة من داعش وملحقاتها الإرهابية.


اختتمت الجماعة بيانها المشؤوم باظهار تعاطفها المزعوم مع الكرد عبر ادعاءاتها "وأنه لا يجوز التعرض لهم بجريرة الميليشيات الإرهابية الانفصالية التي هجّرت أهالي منطقة الرقة واستعرضت جثث مقاتلي الجيش الحر في عفرين، هؤلاء من تستهدفهم عملية نبع السلام، أما إخوتنا الأكراد فهم شركاء الجميع تحت مظلة وطن واحد، ومن مصلحة الجميع قطع أيدي الإرهاب والانفصال".


لقد دعت الجماعة بصورة لا لبس فيها العشائر العربية للانخراط في خدمة الغازي التركي، وكأننا نعيش زمن ندءات الجهاد المقدس إبان عهد السلطان عبدالحميد قبيل الحرب العالمية الاولى، وذلك بالتزامن مع دعوة المجتمع الدولي الى نبذ الكرد وقواهم الفاعلية بحجة اأهم يدعون الى الأنفال "إننا - في هذا المقام - نَحُضُّ العشائر العربية والكردية في شمال بلادنا على الانضمام للجيش الوطني السوري، ونذكر هنا الجيش الوطني السوري والجيش التركي بضرورة الحفاظ على أرواح المدنيين والبنى التحتية، وأن أي انحياز من مقاتلي قسد إلى الجيش الوطني السوري فإنه سيكون في عهده وحمايته. وأخيراً نقول؛ يجب على المجتمع الإقليمي والدولي أن يتفهم حاجة الشعب السوري للعودة إلى أرضه واستعادة ما دمرته واستولت عليه المشاريع الإرهابية والانفصالية، وأن دعم الشعب السوري لنيل مطالبه وحريته سيسهم في استقرار سورية والمنطقة كلها".


في الحقيقة لم تكن الجماعة بحاجة إلى كل ما قيل من الكلام المهدور والفارغ، وكان يكفيها أنها أصبحت كما كانت دوماً ربيبة السلطان العثماني البائس الجديد، وانها مستعدة لتلفيق التهم الجزاف بالكرد فقط لتكون خادمة مطيعة في ركب اردوغان الأهوج.


 





بيان جماعة الإخوان المسلمين والتبعية الفجة بيان جماعة الإخوان المسلمين والتبعية الفجة

العلامات

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!