الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
دول أوروبية تحاكم رفعت الأسد في قضايا ثراء غير مشروع
دول أوروبية تحاكم رفعت الأسد في قضايا ثراء غير مشروع

فيما يبدو أن لعنة السوريين مازالت تلاحق أمواله التي سرقها منذ سنوات مضت وزلزل بفعلته اقتصاد البلاد، عاد في الأيام الأخيرة، اسم رفعت الأسد، عم رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى الواجهة من جديد، فبعد أن أكدت المحكمة العليا الإسبانية منذ أيام أن مدريد تتجه لمحاكمة الأسد العم بتهمة غسيل أموال، لحقتها فرنسا، حيث تبدأ، الاثنين، في باريس، المحاكمة الثانية له في قضية "إثراء غير مشروع"، وذلك إثر الاشتباه بأنه بنى عن طريق الاحتيال إمبراطورية عقارية في باريس تُقدر قيمتها بتسعين مليون يورو.


فعقب أن أوصى القاضي الإسباني خوسيه دي لا ماتا بمحاكمة رفعت الأسد و13 آخرين بتهمة تشكيل تنظيم إجرامي وغسيل الأموال تم إخراجها من سوريا إلى عدة دول أوروبية منذ الثمانينيات عبر شراء عقارات، لحقت فرنسا ببريطانيا لسحب أموال الأسد في محاكمة تبدأ غداً، إلا أن مسؤولي الدفاع عن رفعت الأسد، قالوا لـ"وكالة الصحافة الفرنسية": "مقعد المدعى عليه في هذه القضية سيكون شاغراً، لأن الشقيق الأصغر للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد والمقيم في بريطانيا، سيغيب لأسباب طبية".


ومن المرجح أن تستمر محاكمة رفعت الأسد في فرنسا حتى 18 ديسمبر/كانون الأول، وهو متهم بـ"غسل أموال في إطار عصابة منظّمة" للاحتيال الضريبي المشدد، واختلاس أموال عامة سورية بين عامي 1984 و2016. وهي اتهامات يرفضها الأسد العم كلها. كما يتّهم شهود عدة رفعت الأسد باختلاس أموال عامة سورية والاتجار بقطع أثرية قبل وبعد انتقاله إلى المنفى.


وكان القضاء الفرنسي قد وضع يده على هذه الممتلكات التي يمتلك رفعت الأسد معظمها منذ الثمانينات، وتم شراؤها عبر شركات أقيمت لفترة في ملاذات ضريبية وباتت الآن في لوكسمبورغ، وتتم إدارتها عبر حسابات في جبل طارق، بعد حكم قضائي صادر من محكمة فرنسية في عام 2017، حيث تأكد للمحكمة حينها أن هذه الملكية تمت من خلال "اختلاس" أموال من خزينة الدولة السورية، قبل أن يترك الأسد سوريا أول الثمانينيات.


وبيّنت مصادر صحافية فرنسية حينها أن من جملة الأملاك التي صودرت لرفعت، في فرنسا، منزلين وصفتهما بـ"الفخمين" في منطقة الدائرة (16) حيث تبلغ مساحة واحد من هذين المنزلين 6 آلاف متر مربع، ويقع في جادة تدعى "فوش" ذات المستوى الراقي.


وقام القاضي الذي كان يتولى محاكمة رفعت الأسد في فرنسا، باتهام العم بأنه اصطحب أمواله من سوريا، إلى فرنسا، عبر عملية اختلاس من خزينة الدولة السورية، فثبت للمحكمة ذلك، ثم راكم تلك الأموال المسروقة عبر عملية تبييض وتهرب ضريبي، أدين عليها وحكم عليه بمصادرة أملاكه في فرنسا.


وفي فترة إقامة الأسد في أوروبا مع زوجاته الأربع وأولاده البالغ عددهم 16 ولداً، وحاشية يبلغ عدد أفرادها نحو مائتي شخص، جمع ثروة عقارية أثارت الشكوك، حيث فتح القضاء الفرنسي تحقيقاً في أبريل/نيسان من عام 2014، إثر شكاوى تقدّمت بها منظمتان غير حكوميتين لمكافحة الفساد، هما "شيربا" و"الشفافية الدولية"، حيث يملك الأسد العم في فرنسا فقط، قصرين ونحو أربعين شقة في أحياء راقية من العاصمة، إضافة إلى قصر مع مزرعة خيول في فال دواز قرب باريس ومكاتب في ليون، وغيرها.


فيما كانت بريطانيا قد جمدت في العام 2017 أصول وممتلكات عائلة رفعت الأسد التي تتضمن عقارات بعشرات الملايين من الجنيهات الإسترلينية، وذلك في جلسة استماع خاصة عقدتها إحدى المحاكم في لندن في أيار/مايو 2017 انتهت إلى صدور قرار بتجميد الأصول التابعة للأسد العم، حيث لم يعد بمقدوره التصرف بالعقارات التي يملكها في بريطانيا.


في ذات الفترة، عرض الأسد فيلا مملوكة له في منطقة "ليثرهيد" القريبة من لندن للبيع مقابل 3.72 مليون جنيه إسترليني (5 ملايين دولار) قبل أن يصدر القرار بتجميد أصوله، كما يمتلك رفعت الأسد منزلاً في منطقة "مايفير" الفارهة بوسط لندن تبلغ قيمته 4.7 مليون جنيه إسترليني (6.3 مليون دولار)، جمدت أيضاً.


بالتوزاي، يرفض رفعت الأسد هذه الاتهامات التي قال محاموه إنها "تستند إلى تحليلات خاطئة تماماً وشهادات متناقضة أدلى بها خصوم سياسيون تاريخيون".


وتعود فترة نشوء ما يعرف بـ"ثروة" رفعت الأسد، في سوريا، إلى مصدرين رئيسيين، المصدر الأول هو حين كان رئيساً على ما يعرف بـ"سرايا" الدفاع التي كانت الأكثر تسليحاً وتدريباً وإنفاقاً، وكانت تتمتع بميزانية مالية مفتوحة كانت تجعله يصطدم مع حكومة الأسد في ذلك الوقت، كرئيس الوزراء عبد الرؤوف الكسم، الذي لم يكن على علاقة جيدة برفعت، وكان الأخير يعمل على إزاحته، بكل السبل.


أما المصدر الثاني لـ"ثروة" الأسد العم، فهو الثمن الذي تقاضاه من شقيقه رئيس البلاد وقتذاك، حافظ الأسد، كي يخرج من سباق منافسته على السلطة في سوريا. بعدما تبيّن أن لرفعت طموحات فعلية بالسيطرة على مقاليد البلاد، إثر مرض حافظ أول ثمانينيات القرن الماضي. حيث أعلن رفعت رغبته بتولي الحكم وأحضر عدداً من مسؤولي النظام لـ"مبايعته" بينما يرقد شقيقه الرئيس بين الحياة والموت.


وحصل أن أفاق حافظ الأسد من غيبوبته الطويلة، فجأة، وعرف بما جرى من مبايعات لشقيقه. وبعد شبه احتكاكات عسكرية استطاع حافظ الأسد، أن يقنع شقيقه بسحب قواته من العاصمة السورية دمشق وإعادتها إلى ثكناتها، بعدما اضطر حافظ لإحضار والدته "ناعسة" للتدخل مع رفعت كي يسحب قواته من دمشق.


ووقتذاك، تم التوصل إلى تسوية تقضي بمغادرة رفعت الأسد الأراضي السورية، مع احتفاظه بمنصبه الذي كان "نائباً" لرئيس الجمهورية، متمتعاً بالحراسات الرسمية، ومما يسمح لمرافقيه بإظهار سلاحهم والمرور به عبر المطارات باعتباره نائباً لرئيس دولة.


ومن جملة ما تم التوصل إليه في هذا الاتفاق، أن يتم منح رفعت الأسد، من خزانة الدولة السورية، مبلغاً مالياً ضخماً، اختلفت التقديرات بشأنه، إلا أن المؤكد أن التسوية التي تم عقدها بين حافظ ورفعت، شملت "تعويضات" مالية كبيرة، تسمح له بالإنفاق على طائفة كبيرة من الضباط والعناصر الذين سيغادرون معه الأراضي السورية.


ويتطرق إلى أنه وعندما يطرح اسم الأسد العم على مسمع أي سوري يجيب بلهجته قائلا: "أخوه فضا البنك المركزي كرمالو مشان يترك البلد"، وهو ما يعني أن حافظ الأسد سحب كل ما في المصرف المركزي السوري آنذاك من أموال كي يخرج بها رفعت من البلاد، ومنذ أعوام، أصبح الأسد العم ممنوعاً من مغادرة فرنسا باستثناء زيارات دورية إلى لندن لأسباب صحية.


ليفانت-العربية

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!