-
عينٌ على الجنوب السوري.. شبح حربٍ والمستفيدون كثر
شبح حرب يلوح في الجنوب السوري، في ظل التصعيد من قبل جميع الأطراف المتواجدة في المنطقة، والتي باتت تخضع لمرجعيات متعددة، ليس بينها النظام السوري، الذي يقتصر دوره على الغطاء السياسي، لمنح شرعية لوجود هذه الفصائل العسكرية التي تتحرّك بمنتهى الحرية على أرضه، وبما يسوّق له إعلامياً، على أنه يجري بموجب اتفاقيات مع النظام الذي استحوذ بقوة البراميل والقذائف الصاروخية، على المساحات الجغرافية الواقعة تحت سيطرته، فيما تتزايد المساحات الجغرافية الواقعة خارجها، والتي تذهب حيناً لصالح معارضيه، وأحياناً لصالح حلفائه، دون أن يكون له دور فيها.
في خضمّ هذا التقهقر العسكري، يسعى رئيس النظام السوري "بشار الأسد" للاحتيال مجدداً على قرار مجلس الأمن الدولي 2254، والقاضي بـ"انتقال سلمي للسلطة"، وهو ما حدث بالفعل، خلال الجلسة الأخيرة لأعمال "اللجنة الدستورية" حيث استبدل مصطلح "العدالة الانتقالية"، بمصطلح "العدالة التصالحية"، بعد أن رفع ستة من أعضاء وفد "المجتمع المدني"، احتجاجاً على مصطلح "العدالة التعويضية"، غير أنّ هذه الخطوة تبدو غير كافيةٍ في ظلّ الانهيار الكامل لسيادة رئيس النظام السوري، وبروز وجوه من الدائرة المقربة منه، ممن انقلبوا عليه، ولهذا فإنّ للأسد مصلحة بهذا التصعيد، بغية ترحيل جميع الملفات، التي يأتي على رأسها "انتقال السلطة"، و"عقوبات قيصر"، التي ستصبح دون جدوى في حال حدوث تصعيد عسكري.
اقرأ المزيد: هادي البحرة: النظام رفض 8 مقترحات لاستئناف عمل اللجنة الدستورية
حزب الله هو الآخر بات في مأزقٍ كبير بعد الأزمة الاقتصادية اللبنانية، واشتراط تشكيل حكومة لبنانية لا وجود فيها لحزب الله، من أجل حصول لبنان على قروض، فضلاً عن الاستهدافات الإسرائيلية المركّزة على مواقع حزب الله في سوريا، والتصريحات الإسرائيلية المتكرّرة حول رفض تمركز الحزب على حدودها.
لاعب آخر لا يمكن إنكار مصلحته في تصعيد من هذا النوع، وهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي شكّل حكومة يتناوب على رئاستها، مع وزير الدفاع الحالي بيني غانتس، حيث أنّ نتنياهو أبدى مراراً تمسّكاً لا متناهياً بالسلطة، وانقلب على الكثير من الاتفاقيات للبقاء في الحكم، رغم كونه حظي بلقب صاحب أطول فترة حكم في تاريخ إسرائيل، وبالتالي فهو يتشارك المصلحة مع كلّ من الأسد وحزب الله، في خوض حرب جديدة، تؤدّي إلى حالة طوارئ تبقي على وزير الدفاع الحالي في منصبه، وتمنعه من إتمام الاتفاق وتسليم رئاسة الوزراء لغانتس بعد 18 شهراً، وبالتالي فترة حصانة إضافية في ظل قضايا الفساد التي تنتظره بعد خروجه من الحياة السياسية.
توقّعات بتكثيف الهجمات الإسرائيلية خلال الأيام الأخيرة
ليس خفياً على أحد حجم الضغط الذي مارسته إدارة ترامب على إيران وحلفائها، والذي تجلّى بتصعيد واضح الملامح، خلال الأشهر القليلة التي سبقت الانتخابات الأمريكية.
بالإضافة للضغوط على إيران، فقد فاقمت عقوبات قيصر، التي صودق عليها عام 2019، ودخلت حيّز التنفيذ في حزيران/ يونيو المنصرم، من عزلة النظام السوري، وأدّت إلى شحّ في مصادر تمويله، ما أدخله في أزمة اقتصادية خانقة.
وبهذا السياق، توقّعت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أن تتكثف الضربات تزامناً مع "قرب انتهاء ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في وقت تزداد فيه الأنشطة العسكرية في قاعدة الإمام علي المرتبطة بطرق تسمى T-1 و T-2 و T-3، وT-4".حيث بدأت إيران في بناء ما يسمى "قاعدة الإمام علي" بالقرب من البوكمال عام 2018، وقامت بحفر الأنفاق وتشييد المباني والمستودعات بين عامي 2019 و2020. وقد تعرضت هذه المنطقة للقصف عدة مرات، واتهمت سوريا إسرائيل في بعض الغارات الجوية.
اقرأ المزيد: بعد جولة ضباط الحرس الثوري.. قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية جنوب دمشق
وبحسب الصحيفة، فإنّ القاعدة المستهدفة تضمّ وحدات النخبة في الحرس الثوري الإيراني، وتم استخدامها لتوجيه طائرات مسيّرة نحو المجال الجوي الإسرائيلي. واخترقت طائرة بدون طيار الأجواء الإسرائيلية وتم إسقاطها في فبراير 2018.
وختمت "جيروزاليم بوست" مقالها بالتذكير أن "إسرائيل تعهّدت بوقف التمدد والتواجد الإيراني في سوريا"، واستنتجت أن "حجم الضربات الجوية يشير إلى أن إيران لا تزال موجودة".
الصحافة الروسية تنبأت بحرب على الأراضي السورية
كحال "جيروزاليم بوست"، تنبّأت الصحف الروسية بنبوءة مشابهة، فيما يتعلّق بنشوب حرب بين إسرائيل وإيران، على الأراضي السورية.
حيث اعتبرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية أن "سيناريو تحول الجنوب السوري إلى ساحة حرب يغدو أقرب إلى التنفيذ خلال عام 2021"، مشيرةً إلى أنّها ستكون "الحرب الإسرائيلية الأولى في مناطق الشمال"، في إشارة إلى الحدود الشمالية للدولة العبرية، مضيفة أن إسرائيل بدأت بالفعل استعدادات واسعة لهذا السيناريو.
وجاءت توقّعات الصحيفة بناء على تقرير أصدره معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، اشتمل على تقييم التهديدات الرئيسية في العام الجديد. وقالت إن التقرير الإسرائيلي لم يقتصر على التوصية بالاستعداد جيداً لمثل هذا التطور، لكنه لفت أيضاً إلى أن القوات الموالية لإيران، وفقاً لمعطيات متوافرة، باتت قادرة على زيادة دقة ضرباتها على المواقع الإسرائيلية بشكل كبير.
وشدّد التقرير ذاته، على أنّه "على إسرائيل أن تظل مصممة على مواصلة عملياتها النشطة لإضعاف المحور الذي تقوده إيران من أجل منعها من إنشاء وتعزيز جبهة عسكرية متاخمة لإسرائيل".
اقرأ المزيد: الضامن الروسي .. خلط الأوراق في الملف السوري
وفي هذا السياق، لفت محللون إلى أن "أحد الجوانب المهمة لهذا التهديد هو محاولات (حزب الله) الحصول على صواريخ موجهة عالية الدقة، التي قد تشكل مشكلة أكثر خطورة للدفاع الجوي الإسرائيلي من القذائف البسيطة التي تم استخدامها حتى الآن".
كما ربطت الصحيفة احتمالات التصعيد بتوقعات لدى الجيش الإسرائيلي تشير إلى إمكانية تعرض إسرائيل في المستقبل القريب لهجمات صاروخية ليس فقط من قطاع غزة، ولكن أيضاً من المناطق الشمالية الغربية لليمن. وقال خبراء إن البيانات تختلف حول مدى النجاح الذي حققته إيران وقواتها الموالية في مشروع تطوير الصواريخ الموجهة عالية الدقة "لكن الأراضي اليمنية ظهرت مراراً خلال العام الماضي كأحد المواقع المحتملة التي يمكن من خلالها شنّ هجوم على مواقع إسرائيلية".
تبدو المنطقة على أعتاب مرحلةٍ جديدة، تشهد فيها تصعيداً غير مسبوق، فيما يمكن اعتباره تمهيداً لاتفاق سلام شامل، فالمخرج الوحيد للممانعين العتاة، ونتنياهو الذي بات هو الآخر عبئاً على الإسرائيليين، حاله كحال بشار الأسد وحزب الله، في سوريا ولبنان، من أزماتهم هو تصعيدها، بغية الخروج بمكاسب كبرى، تضمن لهم جميعاً البقاء في السلطة، بعد توقيع اتفاق سلامٍ يسقط عنهم كلّ جرائم الفساد، ويجنّبهم ويلات المحاكمة.
ليفانت - نور مارتيني
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!